جاء الإعلان الضخم عن أكتشاف حقل الغاز المصرى الجديد الذى أطلق عليه أسم ” ظهر ” عام 2015 بالتعاون والمشاركة مع واحدة من كبريات شركات البترول والغاز العالمية وهى ” شركة أينى الإيطالية ” ، بمثابة حبل إنقاذ لقطاع البترول والغاز المصرى من ناحية ، وإعلانا بالخروج من عنق الزجاجة الخطير فى القطاعات الصناعية والكهرباء اللذين يعتمدان بصورة متعاظمة على الغاز الطبيعى .
ووفقا لما هو منشور فى الصحف ووسائل الإعلام المصرية التابعة للنظام والحكم طوال العامين الماضيين وأخرها جريدة الأهرام بتاريخ 2/2/2018، فأن أهم المعلومات والبيانات المنشورة عن هذا الحقل الغازى هى كالتالى : 1- يبعد الحقل المكتشف عن بورسعيد بمسافة 190 كيلو متر شمال شرق .
2-الأحتياطى المؤكد للغاز المكتشف هو 30 تريليون قدم مكعب من الغاز .
3-الاستثمارات التى قامت بها شركة” إينى الايطالية ” وشركاتها المتعاقدة معها تدور حول 8 مليار دولار حتى نهاية عام 2017 ، وسوف تصل إلى 16 مليار دولار خلال السنوات الثلاثة القادمة أى حتى عام 2019 .
4-تقول المصادر الحكومية المصرية بأن الحقل سوف يحقق وفرا قدره 2.0 مليون دولار / يوميا من فاتورة إستيراد الغاز ، أى ما يعادل 600 مليون دولار فى المتوسط سنويا .
4-إنتاج الحقل فى ديسمبر عام 2017 هو 350 مليون قدم مكعب يوميا ، ويستمر هكذا حتى يونيه 2018 ، ثم يتزايد بعد ذلك إلى مليار قدم مكعب يوميا خلال العام التالى ( يونيه 2018 حتى يونيه 2019 ) ، وبعدها يزيد إلى أن يصل إلى 2.7 مليار قدم مكعب يوميا .
5- فإذا قدرنا ثمن بيع المليون وحدة حرارية فى المتوسط من هذا الحقل بحوالى 5.5 دولار ، فنحن بصدد إيرادات تقدر بحوالى 165 مليار دولار طوال عمر الحقل الذى يصل إلى 30 عاما تقريبا ، أى بمتوسط سنوى 5.5 مليار دولار ، ـو 176.4 مليار دولار فى حال بيع الغاز المنتج ب 5.88 دولار للمليون وحدة حرارية ، أو 210 مليار دولار فى حال بيع المليون وحدة حرارية ب 7 دولار فى السوق الدولية .
بيد أن هناك الكثير من المسائل الشائكة والحساسة التى لم تعرض على الرأى العام المصرى ، وكذلك على الخبراء الاقتصاديين من خارج العمل الحكومى ، بيد أن فهمها و التعامل معها ينبغى بداية أن يتفهم المرء كيفية بناء عقود البترول والغاز سواء فى العالم أو فى مصر ؟
فعقود البترول والغاز مع الشركات الأجنبية ترتكز وفقا لنظام تقاسم الانتاج المتبع غالبا فى مصر على عدة عناصر أساسية ، تؤدى الصياغات المطاطة ، وعدم المراجعة الدقيقة من جانب السلطة التشريعية ( مجلس الشعب السابق ، أو مجلس النواب الحالى ) للبنود والتفاصيل الفنية والمالية إلى إهدار جانب كبير من المصلحة الوطنية ، وحرمان الخزانة العامة من موارد مستحقة ، ومن أهم المرتكزات والعناصر الأساسية فى العقود الموقعة مع الشركاء الأجانب العناصر التالية :
- طبيعة إلتزامات الشريك الأجنبى ، سواء فى مرحلة الأمتياز الأولى ( البحث والأستكشاف ) ، أو فى مرحلة الإمتداد Extension ، أو فى مرحلة التنمية والانتاج ، خصوصا ما يتعلق منها بمنح التوقيع Signature Bonus ومنح الانتاج Production Bonus ، وكذلك حجم الانفاق والاستثمار المقدرة فى كل مرحلة من هذه المراحل .
- المدد الزمنية للعقود ، خصوصا المدة الأولية للبحث والإستكشاف ، فكلما طالت هذه المدد ، وزاد عليها المد الأختيارى للعقود ، يؤدى ذلك إلى تحمل الجانب المصرى بنفقات أعلى فى بند إسترداد التكاليف فى حال الاكتشاف التجارى للزيت الخام ، أو الغاز الطبيعى ، لأن الفترة تحمل كلها بتكاليف هذه المراحل مجتمعة من ناحية ، أو حرمان مصر من فرص إعادة طرح هذه المناطق على شركات دولية أخرى من ناحية أخرى .
- بند إسترداد التكاليفRecovery of Costs، وكيفية حسابه والتدقيق فى سجلات وفواتير المقاول ( الشريك الأجنبى ) منعا للتلاعب أو تحميل الجانب المصرى بأعباء غير ضرورية .
- طريقة توزيع الحصص ، وشراء بعض حصص الشريك الأجنبى .
- ملكية الأصول والمعدات بعد إنتهاء فترة عقد التنمية ، أو تخلى الشريك الأجنبى عن العقد ، وطريقة تسجيلها ، ومنع التلاعب أو احتمالات التواطؤ بين المقاول أو الشريك الأجنبى ، وبعض الموظفيين المصريين كما أظهرت وقائع عديدة وتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات .
- نظم الرقابة والتفتيش على السجلات والعينات ، والتى بدا بوضوح من قراءة العقود المصرية مع الشركاء الأجانب خلال العشرين عاما الأخيرة ، التساهل وإستخدام تعبيرات ومصطلحات لم تكن موجودة من قبل ، من شأنها أن تغل يد المراقبين المصريين عن التفتيش بدقة وصرامة على أعمال المقاول والشريك الأجنبى مثل تعبيرات ” فى الأوقات المناسبة ” ، أو ” بالطريقة المناسبة ” أو ” فى الحدود المعقولة ” .
- الضرائب على الدخل والضريبة الأضافية ، أو ضرائب الأرباح ، وكيفية حسابها .
- الأتاوة التى تقدر كنسبة من كميات البترول أو الغاز المنتج من الأبار وفقا للسعر المعلن ، وهى تتفاوت من بلد إلى أخر ، ومن عقد إلى أخر ، حيث تصل فى ليبيا إلى 16.67% بينما تتدنى فى مصر إلى 10% .
- حقوق الجانب المصرى مثل حق الإلغاء ، وحق الاستيلاء ، وحق الشريك الأجنبى فى التنازل ، وشروط تطبيق هذه الحقوق الأساسية فى التعاقد .
- مسئولية الشريك الأجنبى أو ( المقاول ) ، أو الشركة القائمة بالعمليات فى التعويض فى حال الإضرار بالغير .
- وأخيرا وليس أخرا مبادىء قانونية أساسية ينبغى أن يتضمنها العقد مثل مبدأ ” القوة القاهرة ” ، أو مبدأ ” تغير الظروف ” اللذين يمثلان بوابة العبور من المواقف الصعبة بالنسبة لحكومات الدول النامية أو المنتجة .
ووسط هذه الظروف الاقتصادية والسياسية والثقافية المصرية الجديدة التى مرت على مصر – دولة وشعبا – نشأت آليات منتظمة للتعاقد والعلاقات بين قيادات قطاع البترول والغاز المصرى ، وبين الشركات الكبرى فى السوق الدولية ، فعلى سبيل المثال أستمر ضغط الشركات الأجنبية على قيادات وزارة البترول وهيئة البترول ، فجرى تعديل جديد على الاتفاقيات منذ عامى 1987 و 1988 ، ووفقا لهذه التعديلات ، ففى حال ظهور الغاز الطبيعى تسترد الشركات الأجنبية تكاليف البحث والتنقيب فى حدود 40% ، علاوة على 25% حصتها من الغاز المستخرج ، وبهذا تحصل الشركة الأجنبية على ما يزيد على 65% من الغاز المصرى المكتشف ، ويبقى لمصر حوالى 35% فقط من هذا الغاز ، كما أصبحت مصر منذ ذلك التاريخ ملتزمة بشراء 75% من حصة الشريك الأجنبى من الغاز ، وهو ما يعفى الشريك الأجنبى من أعباء تسييل الغاز وتصديره ، كما أعطت هذه التعديلات الشريك الأجنبى حق التحفظ على الغاز لمدة سبعة سنوات للبحث عن وسيلة لتسويقه أو تصديره إلى الخارج دون إلتزام بالحفاظ على إحتياطى قومى لمصر (29) .
ومن ضمن الوسائل والأساليب التى قد تضر بالجانب المصرى ، ما يجرى فى طريقة حساب إيرادات شركات البترول والغاز الأجنبية ، فهناك طريقتان فى حساب تلك الإيرادات :
الأولى : تلك التى تستخدم ما يسمى الأسعار المعلنة Posted Price لبرميل الزيت الخام أو الغاز الطبيعى وتحسب على أساسها الضرائب المستحقة للدولة المصرية .
والثانية : التى تستخدم ما يسمى الأسعار الفعلية Realized Price لبرميل الزيت الخام أو الغاز وغالبا تقدمها الشركات الأجنبية لمساهمى الشركات ومموليها .
فالطريقة الأولى هى التى تستخدم عادة فى مصر مع الشركات الأجنبية تحت شعار جذب الاستثمارات وعدم ( تطفيش المستثمرين ) ، تؤدى دائما إلى إهدار جزء من الموارد التى كان من المفترض دخولها إلى الخزانة العامة . فجميع الخبراء العاملين فى هذا الحقل يعرفون تماما أن الشركات الأجنبية غالبا ما تتلاعب بالأسعار المعلنة ، والذى يتكون من جزأين ، الأول : السعر المعلن الأساسى Base Posting والثانى : السعر المتغير والذى يمثل علاوة مؤقتة تمنح على السعر ، وقد نجحت ليبيا فى عهد القذافى وبعض دول أمريكا اللاتينية فى أضافة هذه العلاوة على السعر المعلن وأسمتها علاوة التضخم أو علاوة الشحن أو غيرها .
أما أسعار السوق وهى الأسعار الحقيقية التى – للأسف – لا يجرى التعامل على أساسها فى مصر لحساب إيرادات الشركات الأجنبية من ناحية وبالتالى حساب الضرائب المستحقة عليها للدولة المصرية .
******
قراءة فى تغير عقود البترول والغاز المصرية مع الشركاء الأجانب
إذا تناولنا نصوص بعض عقود البترول التى وقعتها الحكومة المصرية مع الشركات الأجنبية ، نستطيع أن نميز بين ثلاثة مراحل مختلفة هى :
الأولى : عقود ما قبل عام 1975 .
الثانية : عقود الفترة من 1976 حتى عام 2000 .
الثالثة : عقود الفترة التى تولى فيها سامح فهمى مسئولية وزارة البترول وأستمرت بعد عزله ( 2000 – 2015 )
ونظرا لصعوبة عرض كل العقود التى تمت خلال الفترات المشار إليها ، خاصة فى الفترة الممتدة من عام 1976 حتى عام 2010 والتى تجاوز عددها 471 أتفاقية وعقد ، ودخول القطاع الخاص المصرى على خط إستغلال الموارد البترولية والغازية المصرية بداية من عام 1992 ، فيعام 1994 تم توقيع أول إتفاقية لتشجيع استثمارات القطاع الخاص المصري للتنقيب عن البترول والغاز في مصر ، لذا سوف يقتصر عرضنا على نموذج لعقد فى كل مرحلة من تلك العقود هى :
- القرار الجمهورى بقانون رقم (155) لسنة 1963 بشأن التعاقد بين الحكومة المصرية ( ممثلة فى المؤسسة المصرية العامة للبترول ) وشركة ( فيلبس ) الأمريكية بالبحث عن البترول فى منطقة الصحراء الغربية .
- التعديل الذى تم على تلك الاتفاقية عام 2003 ، بين الحكومة المصرية ( ممثلة فى الهيئة المصرية العامة للبترول ) وشركة ( أباتشى ) الأمريكية فى منطقة الصحراء الغربية ، وهذه الشركة (أباتشى أم بركة DC ) هى شركة محدودة الأسهم ومنشأة طبقا لقوانين جزر ( كايمان ) البريطانية التى تعد أحد الملاذات للتهرب الضريبى .
- القانون رقم (81) لسنة 2007 بالتعاقد بين الحكومة المصرية ( ممثلة فى شركة جنوب الوادى القابضة ) وشركات ثلاثة أجنبية هى شركة ( جوجارات ستات بتروليم كوربوريشن ليمتد ) وشركة (جو جلوبال ريسورز ) الكندية السجلة فى جزيرة ( باربادوس ) وشركة ( ألكو نيروليمتد – ألكور ) فى منطقة الصحراء الغربية .
فلنتأمل التطور – أو التدهور – الذى حدث فى صياغة العقود المصرية مع الشركاء الأجانب خلال هذه الفترة ، وما يكمن خلفها من مصالح ، وما ترتب عليها من إهدار لموارد مالية وثروات طبيعية مصرية .
- مدة العقد : فى التعاقد الذى تم عام 1963 كانت مدة العقد 30 عاما للبحث والإستكشاف يحق مدها إلى مدد أخرى قد تصل إلى 15 عاما وهى مدة طويلة جدا ، فى التعديل الذى تم عام 2003 كانت مدة عقد التنمية ( الانتاج )20 عاما تبدأ من تاريخ سريان هذه الإتفاقية ، مضافا إليها فترة الإمتداد الأختيارية ومدتها 5 سنوات ، ويجوز للمقاول(يقصد بالمقاول فى عقود البترول الشركة المشتركة التى تؤسس بين هيئة البترول والشركة الأجنبية ) .طلبها بخطاب يرسل إلى الهيئة قبل 6 شهور سابقة من تاريخ إنقضاء الاتفاقية ، وتنازلت هيئة البترول المصرية عن وضع أية شروط جديدة لمد الفترات ، أو توقيع عقد جديد يسمح بالحصول على منخة توقيع وأضافة موارد جديدة للخزانة العامة المصرية ، فى أتفاقية عام 2007 جرى تغيير جوهرى حيث أصبحت مدة البحث 4 سنوات من تاريخ السريان ، يمنح بعدها المقاول فترة إمتداد لمرتين متلاحقتين مدة كل منهما سنتان ، أى لدينا 8 سنوات ،لكن فترة تنمية الأكتشاف التجارى تصل إلى 20 عاما من تاريخ الإكتشاف بخلاف فترات المد ( 4+2+2) ، بحيث لا يزيد أجل عقد التنمية عن 35 عاما من تاريخ الإكتشاف التجارى ، ويمكن الإتفاق على خلاف ذلك بموافقة وزير البترول .
2-الأتاوة : فى الأتفاقية الأولى (155 لسنة 1963 ) كانت نسبة الأتاوة 15% من كمية الانتاج اليومى ( م 21) تدفع على أساس السعر المرجح لتصدير الزيت الخام خلال الفترة المستحق عنها الأتاوة كما نص العقد على أن تشمل أتاوة الحكومة المصرية كل مادة هيدرو كربونية – بخلاف الزيت الخام – على أساس القيمة السوقية عند رأس البئر أو المنشأت الأخرى ، ولكن فى التعديل الذى تم عام 2003 خفضت نسبة الأتاوة إلى 10% فقط وتسرى هذه النسبة أيضا على فترة التجديد ، كما أسقط النص على كل المواد الهيدروكربونية السابق الإشارة إليها فى عقود الستينات وكذلك لم يأخذ بالقيمة السوقية وأنما أخذوا تحت ضغط الشركات الأجنبية وممثليهم ( مثل السيد طارق حجى ) بالسعر المعلن وهو أقل قيمة من القيمة السوقية(يقصد بالقيمة السوقية متوسط السعر المرجح المتحصل عليه من المشترين من غير الشركات التابعة مطروحا منها التكاليف والمصروفات التى أنفقت فى معالجة هذه المادة ، وهذا يختلف عن السعر المعلن الذى أخذت به العقود المصرية منذ منتصف الثمانينات والتسعينات) .
3-التخلى Relinquishments: وفقا لإتفاقية عام 1963 ، فقد نصت على أنه فى حال انقضاء السنة الثالثة من تاريخ نفاذ الاتفاقية ، أو قبل إنقضائها يتخلى المقاول ( الشركة المشتركة بين المؤسسة وشركة فيلبس ) عن عدد من قطاعات البحث يعادل ربع المساحة على الأقل من مجموع قطاعات البحث ، وعند إنقضاء 6 سنوات بعد نفاذ الاتفاقية يتخليان عن ربع القطاعات الأخرى ، وعند إنقضاء 10 سنوات يكونلهما أن يختارا ، وأن يحتفظا بعدد من قطاعات التى تكون قد تحولت إلى عقود تنمية ، أو طلب تحويلها إلى ذلك ، ويحق لشركة فيلبيس بعد إنقضاء 3 سنوات التخلى عن أى قطاع بشرط إخطار الحكومة المصرية قبلها بتسعين يوما على الأقل ، وفى هذه الحال تعفى شركة فيلبس من أى إلتزامات ، وإذا كان نفقاتها أقل من تلك الملتزمة بها تدفع للحكومة المصرية 50% الفارق ، وذهبت الاتفاقية إلى أبعد من ذلك بالنص صراحة على أنه إذا لم تحفر شركة فيلبس خلال 24 شهرا من نفاذ الاتفاقية بئرا إستكشافيا واحدا فى أحد مناطقها ، فعليها أن تتخلى للحكومة المصرية عن واحدة من تلك المناطق الثلاثة المشمولة بالعقد ، وما لم يوافق الوزير المصرى على إعفائها من ذلك ، على العكس من ذلك فى تعديل الاتفاقية عام 2003 ، حيث نصت على تنازلات جديدة للشريك الأجنبى ، منها أنه فى حال عدم تحقيق انتاج تجارى للزيت أو الغاز خلال 5 سنوات من تاريخ سريان هذه الاتفاقية ، يمكن للهيئة أن توافق على إستمرار قطاع التنمية هذا فى يد المقاول ، وهنا يتبين مقدار التنازل والتضحية بالمصالح الوطنية المصرية مقارنة بما كان يجرى من قبل ، وحتى بما كان يجرى فى الدولة المجاورة ( ليبيا ) منذ عام 1970 (40) ، وفى اتفاقية عام 2007 جرى مزيد من التنازلات حيث نصت على أنه فى نهاية السنة الرابعة بعد سريان تلك الاتفاقية يتخلى المقاول عن ربع المنطقة الأصلية التى لم يتم تحويلها إلى عقود تنمية ( م 5 ) ، وفى نهاية السنة السادسة يتخلى المقاول للحكومة المصرية عن ربع أضافية من المنطقة الأصلية من تاريخ سريان الاتفاقية التى لم تتحول إلى عقود تنمية ، إلى هنا ويبدو هذا النص جيد ، ولكن بقية نصوص الاتفاقية شديدة الضرر حيث جاء فى هذا العقد وبقية عقود تلك الفترة مبدأ جديد هو (وحدة وعدم إنقسام مفهومى الأكتشاف التجارى وعقد التنمية) ، أى أصبح عقد التنمية هو إمتداد قانونى لعقد الالتزام بالبحث والإستكشاف دون حاجة لموافقة حكومية جديدة ، وعقد جديد كما جاءت هذه الاتفاقية بمبدأ جديد يقوم على جعل فترات إعلان نتائج البحث والتنقيب للجانب المصرى طويلة جدا تمتد من 30 يوما إلى 12 شهرا بالنسبة للزيت الخام ، و إلى 24 شهرا بالنسبة لآبار الغاز الطبيعى .
4-الانتاج وتوزيع الحصصSharingProduction : وفقا لإتفاقية عام 1963 ، عندما يتحقق إكتشاف تجارى فى أى منطقة من المناطق الثلاثة للبحث يتحمل المقاول 50% من جميع التكاليف والمصروفات التى تنفق على التنمية والانتاج ، وعلى مواصلة البحث والعمليات الأخرى داخل المنطقة باستثناء الأراضى التى تكون قد تحولت إلى عقود تنمية متى كانت شركة فيلبس قد أنفقت ما ما إلتزمت به من مبالغ وهو 10.0 مليون دولار ، وفى حال الكشف التجارى خلال فترة لا تقل عن 60 يوما قبل بدء السنة التقويمية (يقصد بالسنة التقويمية التى يبدأ منها حساب الشركة على ما تنتجه من زيت أو غاز ) ، يجوز لشركة فيلبس أن تخطر المؤسسة برغبتها فى أن توفى كل أو بعض ما قد يكون باقيا عليها من إلتزامات البحث فى عقد التنمية المشتركة ، ونصت الاتفاقية على مناصفة الانتاج يتصرف فيه كل طرف بمعرفته ، أما الاتفاقية المعدلة عام 2003 فقد نصت على طريقة جديدة لإقتسام الانتاج يقوم على خصول الشريك الأجنبى على 40% من كمية الانتاج اليومى فى صورة إسترداد التكاليف ، والنسبة الباقية (60% ) توزع مناصفة بين الهيئة والمقاول ، بمعنى أخر فأن الشريك الأجنبى يحصل على 60% من كمية الانتاج اليومى على الأقل ، وأضافت الاتفاقية الجديدة ، مبدأ خطيرا حيث نصت على أنه فى حال إكتشاف الزيت الخام ، فلن يكون المقاول والشريك الأجنبى بالتالى مطالبا بالتقدم بطلب لتوقيع عقد جديد ، كما أن له الحق فى فترة ” الإمتداد الإختيارى ” مدتها 5 سنوات سابقة لتاريخ إنتهاء ال20 عاما ، وزادت عليها النص على موافقة الهيئة على إستمرار قطاع التنمية هذا فى يد المقاول ، إذا لم يتحقق إنتاج تجارى للزيت أو الغاز خلال 5 سنوات من تاريخ سريان العقد ، أما اتفاقية عام 2007 فقد نصت على أن يكونتوزيع الحصص على أساس 37% فى صورة إسترداد التكاليف ، وتوزع النسبة الباقية (63% ) بين شركة جنوب الوادى القابضة والشريك الأجنبى ، وفقا لكميات الانتاج ، والتى تظهر ان حصة الشريك الأجنبى سوف تزيد فى المتوسط على 64.5% من كميات الانتاج اليومية .
5-استرداد التكاليفRecovery of Costs : حدث تطور – أو تدهور مهم – فى هذا المجال فوفقا لأتفاقية عام 1963 فأن إحتساب بند إسترداد التكاليف كان شديد الحرص على المصلحة الوطنية المصرية حيث كانت لا تزيد على 25% ، وينص فيها على أن شركة فيلبس تقدم كل ثلاثة شهور قائمة بالتكاليف التى تحملتها والمستندات اللازمة لها جاهزة للفحص فى أى وقت وقد حرص المفاوض المصرى فى اتفاقية عام 1963 على التدقيق والتمييز بين تكاليف الحفر للآبار والتكاليف التى يتحملها الطرف المقترح ، والطرف غير المقترح لهذا الحفر ، حتى يجنب الجانب المصرى الشريك فى هذه الشراكة مصروفات غير ضرورية قد يقوم بها الشريك الأجنبى دون مقتضى .
أما فى أتفاقية عام 2003 فقد جرى إحتساب مختلف لبند إسترداد التكاليف شاملة التكاليف والمصروفات بجميع عمليات البحث والتنقيب والتنمية ، والعمليات المتعلقة بها – وهو تعبير مطاط يدخل عناصر غير ضرورية – فى حدود 40% من كل البترول المنتج ، والمحتفظ به من عقد التنمية داخل حدود المنطقة ، وأضاف إلى ذلك المصروفات غير المباشرة التى قد تشملها معدات غير ضرورية وسيارات ووقود شخصى وغيرها من العناصر ، وتشير تجربة ليبيا على سبيل المثال إلى تضيقهم من مفهوم المصروفات غير الضرورية نظرا لسابق تلاعب الشركات الأجنبية خصوصا الأمريكية والبريطانية والإيطالية بها (41).وزادت على ذلك الاتفاقية المصرية لعام 2003 بأن وزعتها بحيث تكون نفقات البحث المستردة بمعدل 25% سنويا ، تبدأ من تاريخ سريان الاتفاقية ، وليس من تاريخ العمل بها ، وفى السنة الضريبية التى حملت ودفعت فيها هذه النفقات ، بالاضافة إلى 25% أخرى لنفقات تنمية الحقول تسترد أيضا سنويا وبنفس الطريقة ، وأخيرا يضاف إليها مصروفات التشغيل التى تسترد فى السنة الضريبية ، بل لقد أوغل مفاوض هيئة البترول المصرية فى إرضاء الشريك الأجنبى على حساب المصالح المصرية بالنص على أنه ( عندما تزيد قيمة كل البترول المخصص لإسترداد التكاليف على التكاليف والنفقات الفعلية القابلة لإسترداد والمزمع إستردادها فى ربع السنة ذاك ، بما فى ذلك ما قد يرحل طبقا للمادة السابعة فأن يتعين تقسيم قيمة هذا الفائض من البترول بين الهيئة والمقاول ) ، أى أنه ببساطة جعل الشركة الأجنبية تشاركنا فى قيمة البترول الزائد عن بترول الاسترداد بدلا من أن تسترد الهيئة هذا الفائض كله ، فى سابقة غير معهودة فى تاريخ العقود المصرية حتى منتصف الثمانينات .
وبالمقابل وحفاظا على حق الشريك الأجنبى جاء النص بأنه ( يحق للهيئة قبل بدء كل سنة تقويمية ب 90 يوما أن تختار وإخطار المقاول كتابة بطلب سداد نصيبها من هذا الفائض بنسبة 100% عينا بالزيت الخام بشرط ألا تزيد كمية الزيت الخام الذى تأخذه الهيئة عينا فى أى ربع سنة على قيمة الزيت المخصص لإسترداد التكاليف المأخوذه فعلا ، والذى تصرف فيه المقاول بصفة منفردة ) ، فهنا توضع القيود لحمايةمصالح الشريك الأجنبى فى زيت الاسترداد ، أما مصر ومصالحها فعليها ألف قيد وقيد ، حرصا على الاستثمار والمستثمرين * …!!
أما أتفاقية عام 2007 فقد خفضت نسبة الاسترداد إلى 37% من كمية الانتاج اليومى ، ولكنها عادت ووزعت حصص الانتاج بحيث تصل نسبة ما يحصل عليه الشريك الأجنبى إلى 62.5% من كمية الانتاج كما سبق وأشرنا . وقد زادت عليها بأن نصت إرضاء للمستثمرين والشركات الأجنبية بأنه ( إذا كانت التكاليف والمصروفات فى أى سنة ضريبية تزيد على قيمة كل البترول الواجب إسترداها فى تلك السنة الضريبية فأن الزيادة ترحل لإستردادها فى السنة أو السنوات الضريبية التالية إلى أن تسترد بالكامل ) ، يضاف إلى ذلك ثغرة أبليس التى فتحت لبعض ممارسات الفساد حيث نصت المادة ( ) من تعديل عام 2003 على أنه ( إذا لم تقم الهيئة بأخطار المقاول – والشريك الأجنبى بالطبع – فى مدى ثلاثة شهور بإعتراضها على البيان فأن هذا البيان يعتبر معتمدا ) ، بمعنى أخر فأن إهمال مسئول فى هيئة البترول أو شركة جنوب الوادى القابضة التى حلت تقريبا محل هيئة البترول بعد عام 2004 ، أو حصوله على رشوة للتغاضى عن الرد والذى سيكلف مصر عدة ملايين من الدولارات هى مسألة تترك هكذا .
6-شراء البترول : وفقا لإتفاقية عام 1963 ورد فى المادة (28) النص على حق الحكومة المصرية فى شراء الزيت الخام بما لا يجاوز أحتياجات معامل التكرير فى البلاد ، ولا تزيد كمية شراء الحكومة للزيت الخام عن 20% من الكمية التى تملكها شركة فيلبس أو مؤسسة البترول ، وفقا لإخطارت سابقة متدرجة زمنيا ، أما الأسعار فقد حددتها الاتفاقية بأقل 10% من متوسط السعر المرجح الذى حصلت عليه مؤسسة البترول المصرية ، أو شركة فيلبس المصدر إلى الخارج خلال الشهر التقويمى الذى سار فيه التسليم إلى الحكومة المصرية ، فإذا كان الشراء أكثر من 20% من زيت شركة فيلبس أو المؤسسة فيكون سعره هو السعر الأدنى من كل من السعر الجارى استعماله فى إحتساب الإتاوات ومتوسط السعر المرجح للتصدير،
أما شراء المنتجات البترولية من جانب الحكومة المصرية فهو فى حدود 20% من الكميات الستخرجة من الزيت الخام المملوك للمؤسسة أو شركة فليبس ، وسنلاحظ أن هذا النص قد أختفى تماما من عقود الثمانينات والتسعينات وحتى اليوم (2015) ، ففى الأتفاقية المعدلة لعام 2003 نصت على أنه فى حال رغبت هيئة البترول المصرية فى شراء مستحقات المقاول من البترول المخصص لإسترداد التكاليف أو حصته من البترول المخصص لإقتسام الانتاج ، فأن السعر يكون هو سعر السوق منقوصا منه 2.0% فقط لا غير ..!! وبمقارنة هذا النص بما كان موجودا فى ليبيا ، نجد أن حصول الحكومة الليبية على حصة الشريك الأجنبى كانت تتم بسعر التكلفة مضافا إليها عدة سنتات أو عدة دولارات كربح عن البرميل الواحد . أما أتفاقية عام 2007 فقد نصت على أن سعر الشراء يتحدد على أساس سعر السوق – وليس السعر المعلن – بشرط أخطار هيئة البترول المصرية الشريك الأجنبى قبلها ب 45 يوما قبل بدء نصف السنة التقويمية ، عن رغبتها فى الشراء لكمية محددة .
ما هو المسكوت عنه أذن فى حقل ظهر المصرى – الإيطالى هذا ؟
أولا: التطور المتوقع لانتاج الحقل على مدى الفترة الزمنية من بداية الانتاج ( ديسمبر عام 2017 ) ، التى تبلغ 350 مليون قدم مكعب / يوميا ، حتى الوصول إلى أقصى طاقة انتاجية للحقل عام 2019 ( بواقع 2.7 مليار قدم مكعب / يوميا ) ، لأن هذا الجدول الزمنى للانتاج يظهرالعمر الفنى للحقل من ناحية و التطور الحقيقى لإيرادات الحقل ماليا من ناحية أخرى ، وبالتالى إمكانية التعرف على نصيب كل طرف من أطراف العلاقة التعاقدية سواء كان( الشريك الأجنبى أو الشركاء الأجانب ، وكذلك الجانب المصرى ) .
ثانيا : الفترة الزمنية التى سوف تستغرقها ما يسمى بند إسترداد الشريك أو الشركاء الأجانب للتكاليف ( إى إستعادة استثماراتهم وما أنفقوه فعلا قبل الاكتشاف التجارى للغاز) ، لأنه فى ضوء هذا البند يمكن التعرف بدقة على توزيع جزء هام من إيرادات الحقل بين الأطراف الأجنبية والطرف المصرى ، فإذا أمتدت فترة الاسترداد لعشر سنوات مثلا ( بمتوسط 1.6 مليار دولار سنويا ) فأن هذا يعنى أن الشريك الأجنبى سوف يحصل على ما لا يقل عن 40% من إنتاج الحقل سنويا فى بند واحد هو إسترداد التكاليف ، وإذا أضفنا إليها حصة الشريك الأجنبى من إنتاج الحقل (هل هى 25% أو 30% أو مناصفة بنسبة 50% ) ، ومن ثم علينا أن نتساءل كم يبقى للجانب المصرى من إنتاج هذا الحقل إذن ؟
ثالثا: لم تذكر المصادر المصرية التى أحتفت بالحقل وإكتشافه أحتفاءا كبيرا ، وأيضا المصادر الأجنبية ، ما هى نسبة الإتاواة التى تستحق للحكومة المصرية ، التى هى من الحقوق الأساسية فى مثل تلك التعاقدات ؟ أم أن الحكومة المصرية قد تنازلت عن نسبة الإتاواة المقدرة التى كانت فى العقود السابقة 10% تجنب من انتاج الآبار ، ثم تقتسم الحصص ويحسب بند إسترداد التكاليف ، علما بأن هذه النسبة فى مصر قبل عشرين عاما كانت 15% ثم جرى التنازل وتخفيضها إلى 12.5% ثم إلى 10% فقط ، بزعم تشجيع الاستثمار والمستثمرين الأجانب ؟
رابعا : لم تذكر المصادر المصرية أسلوب أستعادة الأصول أو ملكية الأصول التى أقامتها وأستثمرت فيها شركة ” أينى ” ENIو الشركات الأجنبية ، والتى أستردت تكاليفها ؟ أم أن هذا الموضوع قد جرى التغاضى عنه تشجيعا للشركاء الأجانب ؟ وهى أصول ( معدات وآلات وسيارات وغيرها ) تقدر بأكثر من 16 مليار دولار ، قد تنخفض إلى 8 مليار دولار فى نهاية المشروع بسبب تلف وإستهلاك بعض تلك الأصول الرأسمالية .
حيث تنص العقود عادة على أن تؤول ملكية الأصول من معدات وآلات وأراضى وأصول منقولة أخرى ( كالسيارات وغيرها ) ، سبق أحتساب المقاول والشريك الأجنبى لها فى بند إسترداد التكاليف إلى هيئة البترول المصرية ، أو الشركة القابضة ( إيجاس ) التى أنشأت بعد عام 2002 – وتتم هذه العملية بعد إنتهاء فترة إسترداد التكاليف ، أو إنقضاء الاتفاقية أيهما أقرب ، وهنا قد يجرى تلاعب وتواطؤ بين بعض قيادات قطاع البترول المصرى والشركات الأجنبية ، من خلال طرق تحديد قيمة تلك الأصول سواء بالقيم الدفترية أوبغيرها ، حيث تنص معظم العقود على أن يقوم المقاول أو الشريك الأجنبى بأخطار الهيئة أو الشركة القابضة قبل نهاية ربع السنة التقويمية بالقيمة الدفترية لهذه الأصول ، وقد كشف تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عام 2016 ، عن أنه عادة لا تتمكن الهيئة العامة للبترول من إسترداد أصولها التى حصلت الشركات الأجنبية على قيمتها وفقا لبند إسترداد التكاليف ، وهى أصول ضخمة بلغت فى 30/6/2015 حوالى 149.4 مليار جنيه مصرى (ص 175) . ويشير التقرير إلى تعذر تحقيق هذه القيمة بدفاتر الهيئة لعدم وجود سجل لها يتضمن بيانات وقيم الأصناف بالدولار أو بالجنيه المصرى .
خامسا : لم تذكر المصادر المصرية سعر بيع أو شراء الغاز المستخرج من هذا الحقل ، سواء فى السوق الدولية ، أو فى حال شراء الجانب المصرى لجزء من حصة الشركاء الأجانب ، فالمعلومات المتضاربة تشير أنه يتراوح بين 3.25 دولار للمليون وحدة حرارية BTU، إلى 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية BTU ؟
سادسا : والمفاجأة من العيار الثقيل ما أعلنت عنه شركة روسنفت الروسية ROSNIFT على موقعها فى يوم الأربعاء 21/فبراير 2018 بأن الشركة الروسية قد أشترت ما نسبته 30% من نفقات البحث والتنقيب وتنمية الحقل ، بما يعنى مشاركتها لشركة أينى الايطالية ENI فى الحصول على حصة من الغاز تحت بند إسترداد التكاليف ، ومن قبلها فعلت الشركة البريطانية العملاقة بريتش بتروليم bp وبالتالى تصبح توزيع حصص الغاز من بند إسترداد التكاليف كالتالى : 60% لشركة أينى الإيطالية ، و 30% لشركة روسنفت الروسية ، و10% لشركة بريتش بتروليم البريطانية ،والأن كيف نحتسب إيرادات المشروع من الأن وحتى نفاد آبار الحقل بعد أقل من ثلاثين عاما ؟
أولا : العمر الفنى و الانتاجى للحقل
1-إذا كان الأحتياطى المؤكد للحقل يعادل 30 تريليون قدم مكعب من الغاز ، فمعنى ذلك أنه سوف ينتج طوال عمره حوالى 30 مليار BTU ( بحساب الوحدة BTU تعادل مليون وحدة حرارية = ألف قدم مكعب من الغاز= 28.5 متر مكعب ) .
2- إذا كان الانتاج سوف يتزايد من 350 مليون قدم مكعب خلال الفترة من ديسمبر عام 2017 حتى يونيه 2018 ( بمتوسط 150 يوم عمل ) ، فمعنى ذلك أن هذا يعادل 350 ألف وحدة BTU ، وهذا يعنى إنتاج وإستخراج 52.5 مليار قدم مكعب من الغاز خلال الفترة الأولى ( ديسمبر 2017 حتى يونيه 2018 بمتوسط 150 يوم / إنتاج ) .
3- ثم يزداد الانتاج المستخرج خلال السنة التالية ( من يونيه 2018 حتى يونيه 2019 ) ليصل إلى مليار قدم مكعب يوميا ، وهذا يقارب إستخراج 300 مليار قدم مكعب خلال هذه الفترة ( يونيه 2018 – يونيه 2019 ) .
4- وبحلول النصف الثانى من عام 2019 سوف يصل مستوى إنتاج الحقل إلى 2.7 مليار قدم مكعب / يوميا وهو أقصى مستوى مقدر لإنتاج الحقل ، وبالتالى فان الانتاج السنوى المقدر ( 2.7 مليار قدم مكعب يوميا × 300 يوم عمل فى السنة = 810 مليار قدم مكعب من الغاز سنويا ) .
5- وبالتالى فأن العمر الفنى الانتاجى المرجح لهذا الحقل = (30 تريليون قدم مكعب ÷ (810 مليار قدم مكعب مستخرج سنويا + 52 مليار قدم مكعب خلال الستة شهور الأولى + 300 مليار فى السنة التالية = 35 سنة تماما ) يخصم منها الفاقد الحتمى فيكون العمر الحقيقى لهذا الحقل فى المتوسط هو أقل قليلا من 30 عاما .
4- لكن جميع الخبراء فى مجال البترول والغاز يعرفون أن هناك معدل إنحدار لكميات الانتاج المستخرج وفقا لقانون الغلة المتناقصة ، بمعنى بداية تناقص كميات الانتاج المستخرج بعد فترة زمنية قد تصل إلى نصف العمر الفنى للحقل (15 عاما ) ، إلا لإذا توافرت شروط تنمية وتطوير الحقل والآبار، ووجود إكتشافات جديدة فى نفس النطاق السيزمى والجيولوجى للحقل ، أو تطور التكنولوجيا المستخدمة ، وهذا موضوع أخر وأفتراض أخر . وبالتالى فالأرجح أن يتم إستخراج ما نسبته 60% إلى 75% من الأحتياطى المؤكد للحقل أى ما يعادل 18 إلى 22.5 تريليون قدم مكعب فقط من الغاز .
ثانيا : أشكال التعاقد وحصص الأطراف المختلفة :
حرصت الحكومة المصرية على عدم نشر تفاصيل التعاقد وإلتزامات الطرفين المصرى والإيطالى حول هذا الحقل ، بما أثار الكثير من علامات الإستفهام حول الحقوق المصرية ، خاصة وأن سابقة التعاقد مع الشركة البريطانية العملاقة bp عام 2010 فى حقل شمال السكندرية ، والذى بمقتضاه تنازلت حكومة الرئيس مبارك عن الحقوق المصرية كافة مقابل الحصول على أحتياجاتها من الغاز المنتج بأسعار تفضيلية تقل عن السعر السائد فى الأسواق الدولية .
وقد كشفت بعض المصادر الحكومية مؤخرا عن الوقائع التالية :
- أن الشريك الأجنبى صاحب الإمتياز الأصلى وهى شركة أينى الإيطالية ( وممثلها فى مصر شركة أيوك برودكشن بى فى ) سوف يسترد تكاليف البحث والتنقيب وتطوير وتنمية الحقل من واقع إنتاج الحقل بواقع 40% من كمية الغاز المستخرج ، بما يعادل 1.6 مليار دولار سنويا ، يضاف إليها نفقات التشغيل اليومية ، وهذا يعنى إستمراره فى الحصول على هذه النسبة لفترة قد تزيد على 10 سنوات أو12 عاما .
- وبعدها تقسم الكمية الباقية من الانتاج بين الطرفين المصرى والشريك الأجنبى ( الذين أصبحوا ثلاثة شركاء وليس شريكا واحدا ) بنسبة الثلث للشريك الأجنبى ( أى 21% ) والثلثين للطرف المصرى ، بما يعنى أن الشريك الأجنبى سوف يحصل على 61% من إنتاج الحقل وإذا أضفنا نفقات الانتاج اليومية فأن هذه النسبة سوف تصل إلى 65% على الأقل إلى 70% ، ويبقى للجانب المصرى 30% إلى 35% من انتاج الحقل .
(3) وبهذا ووفقا لحجم الانتاج المقدر من ديسمبر عام 2017 ، مرورا بعام 2018 ،ووصولا لمنتصف عام 2019 حيث يبلغ إنتاج الحقل أقصاه بكمية 2.7 مليار قدم مكعب يوميا ، ووفقا للمعادلة التالية :
(كمية الطاقة المولدة بوحدات btu × سعر الوحدة btu ) × حصة مصر من إنتاج الحقل (35% ) .
فأن حصة مصر سوف تكون كالتالى :
حصة مصر المقدرة ماليا من حقل ظهر خلال الفترة من ديسمبر 2017 حتى ديسمبر 2035
الفترة / كمية الانتاج | كمية الانتاج يوميا | حصة مصر وفقا لسعر
3.5 دولارللمليون وحدة |
حصة مصر وفقا لسعر
5.5 دولارللمليون وحدة |
ديسمبر 2017 حتى يونيه 2018 | 350 مليون قدم مكعب | 428750 دولار يوميا | 673750 دولار يوميا |
من يوليو 2018 حتى يونيه 2019 | مليار قدم مكعب يوميا | 1225000 دولار يوميا | 1925000 دولار يوميا |
من يوليه 2019حتى يونيه 2035 | 2.7 مليار قدم مكعب يوميا | 3307500 دولار يوميا | 5157500 دولار يوميا |
وإذا كان معدل التشغيل للحقل سنويا هى 300 يوم عمل وإنتاج فأن الدخل المقدر للحكومة المصرية سيكون كالتالى :
أولا : فى الفترة الأولى ( ديسمبر 2017 حتى يونيه 2018 )
- ووفقا لسعر 3.5 دولار للمليون وحدة حرارية = (428750 دولار يوميا × 150 يوم ) = 3 مليون دولار.
- ووفقا لسعر 5.5 دولار = ( 673750 دولار × 150 يوم ) = 101.1 مليون دولار .
ثانيا : فى الفترة الثانية ( يوليو 2018 حتى يونيه 2019 )
- وفقا لسعر 3.5 دولار للمليون وحدة حرارية = ( 1225000 دولار يوميا × 300 يوم ) = 367.5 مليون دولار .
- وفقا لسعر 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية = (1925000 دولار يوميا × 300 يوم ) = 577.5 مليون دولار .
ثالثا : فى السنة الثالثة ( يوليو 2019 حتى يونيه 2020)
- وفقا لسعر 3.5 دولار = (3307500 دولار يوميا × 300 يوم ) = 3 مليون دولار .
- وفقا لسعر 5.5 دولار =( 5157500 دولار يوميا × 300 يوم ) = 1547.3 مليون دولار .
وإذا استمر الانتاج على هذا المعدل (2.7 مليار قدم مكعب يوميا ) وحتى نهاية العمر الفنى والانتاجى للحقل (20 عاما ) فيكون العائد المتحقق للحكومة المصرية :
- فى حال سعر 3.5 دولار = (64.3 مليون دولار+ 5 مليون دولار + (992.3 مليون دولار × 20 عاما )
= 20277.8 مليون دولار = 20.3 مليار دولار لفترة 22 سنة انتاج .
- فى حال سعر 5.5 دولار = (101.1 مليون دولار+ 577.5 مليون دولار+ (3 مليون دولار × 20 عاما )
= 31.6 مليار دولار لفترة 22 سنة إنتاج .
أما الشريك الأجنبى فسوف يحصل على :
- فى حال سعر 5 دولار = 60.9 مليار دولار خلال فترة الانتاج وقدرها 22 عاما .
- فى حال سعر 5.5 دولار = 94.8 مليار دولار .
بيد أن الحكومة والمفاوض المصرى قد تنازل عن حقه فى الإتاواة التى تنص عليها كل العقود السابقة المصرية وغير المصرية سواء فى مجال الغاز أو الزيت فيما عدا ذلك التعاقد المجحف والمشبوه مع الشركة البريطانية عام 2010 فى حقل شمال الأسكندرية السابق الإشارة إليه .
فماذا كانت النتيجة لو إتزمت الحكومة المصرية بحقوقه فى الإتاواة بنسبة 10% من الانتاج الكلى للحقل يوميا ؟
السيناريو الثانى :
فى حال الإلتزام بحقنا فى الإتاواة يكون التوزيع للحصص كالتالى :
- 10% من حجم الانتاج اليومى فى صورة إتاواة لصالح الحكومة المصرية ،يجنب تماما من حساب الحصص الموزعة بين الأطراف المختلفة .
- يتبقى 90% يتوزع كالتالى : ( 40% منها فى صورة بند إسترداد التكاليف التى انفقها الشريك الأجنبى = 36% فقط ) .
- يتبقى 54% تقسم بنظام الثلث كحصة للشريك الأجنبى ، والثلثين للطرف المصرى ، وبالتالى يكون ما حصل عليه الشريك الأجنبى = 36% + 18.9% = 54.9% من الانتاج فقط يضاف إليها نفقات التشغيل اليومية فتزيد إلى 60% على الأكثر ، وليس 65% أو 70% .
- وبالتالى فأن هذا التنازل المصرى قد كلف الخزانة العامة المصرية حوالى 2.0 مليار دولار إلى 3.1 مليار دولار خلال العمر الفنى لإنتاج الحقل .
- كما أننا لا نعرف على وجه الدقة كيف سيحاسب الشريك الأجنبى ضريبيا فى ظل هذا التهاون فى التفاوض .
التدهور الذى طرأ على العقود المصرية مع الشركاء الأجانب بعد عام 1985 :
فلنتأمل التطور – أو التدهور – الذى حدث فى صياغة العقود المصرية مع الشركاء الأجانب خلال هذه الفترة ، وما يكمن خلفها من مصالح ، وما ترتب عليها من إهدار لموارد مالية وثروات طبيعية مصرية .
قراءة فى تغير عقود البترول والغاز المصرية مع الشركاء الأجانب
نستكمل الأن القراءة القانونية والاقتصادية المتعمقة فى العقود المصرية مع الشركاء الأجانب منذ عام 1963 حتى عام 2007 ، والتى أستمرت فى التنازل للشركاء الأجانب يوما بعد يوم :
7-الاستثماراتInvestments : وفقا لإتفاقية عام 1963 فأن الشريك الأجنبى ملتزم 10.05 مليون دولار خلال الأثنتى عشرة عاما من البحث والتنقيب وزعت على النحو التالى ، ثلاثة ملايين فى السنوات الثلاثة الأولى ، ومليون دولارسنويا خلال السنوات الرابعة والخامسة والسادسة ، ومليون دولار أخرى سنويا خلال السنوات السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة ، ثم 25 ألف دولار سنويا عن السنتين الأخيرتين عن كل قطاع بحث محتفظ به ، وهكذا يبدو دقة العقود ووضوحها فيما يتعلق بالحقوق والواجبات على كل طرف ، أما الاتفاقية المعدلة لعام 2003 فقد نصت على على أن تنفق الشركاء الأجانب مبلغ 20 مليون دولار خلال الثلاثة سنوات من تاريخ سريان الاتفاقية ، فإذا لم تنفق هذه المبالغ خلال هذه الفترة ، تدفع الشركاء الأجانب الفارق بين 20 مليون دولار وما أنفقته فعلا إلى هيئة البترول ، ثم يمكن أن تستردها فى حال إكتشاف الانتاج التجارى فيما بعد.
وهكذا يبدو واضحا أن الشركات الأجنبية فى مجال البترول لا تلتزم فعلا بالارقام التى تقدم للحكومة المصرية بشأن إستثمارتها فى البلاد ، وبدلا من توقيع الغرامات أو الجزاءات كما كان متبعا فى عقود الستينات فأنها فتح لها باب خلفى لإسترداد هذه المبالغ بوسائل شتى ، وسوف تجد الشركات الأجنبية فى حالة الفساد المستشرى فى مصر وفى قطاع البترول ما يقدم لهم مثل تلك الخدمات .
أما أتفاقية عام 2007 فقد نصت على أن ينفق الشريك الأجنبى 45 مليون دولار خلال فترة البحث الأولية (4 سنوات ) وحفر بئران مع مسح معناطيسى سيزمى لمساحات محددة فى 4 سنوات ، كما يلتزم الشريك الأجنبى بإنفاق 50 مليون دولار فى فترة الإمتداد الأولى ( سنتان ) وحفر بئران أضافيان ، كما يلتزم المقاول بإنفاق 50 مليون دولار أخرى خلال فترة الإمتداد الثانية ( عامان أضافيان ) ، أى بمجوع 145 مليون دولار خلال ثمانى سنوات ، فأن الغريب فى الأمر أن هذه الشروط الشديدة التى وقعت على شركات هندية و أسبانية متوسطة الحجم ، لم نجدها لها أبدا نظيرا وشبيها فى العقود التى وقعت مع الشركات الأمريكية ولا الشركة البريطانية ، وكذلك شركة شل التى كان يدير مصالحها طارق حجى ذو الصلات الوثيقة برجال الحكم والأمن فى مصر .
8-المنحBonus: لم يأت ذكر فى أتفاقية عام 1963 على المنح المقدمة من الشريك الأجنبى فى حال التعاقد أو منح الانتاج وغيرها ، أما أتفاقية عام 2003 فقد نصت المادة (9) على منحة مقدمة من الشريك الأجنبى قدرها مليون دولار عند التوقيع على الاتفاقية ، كما يمنح الهيئة مليون دولار أخرى كمنحة إنتاج عندما يصل الانتاج من المنطقة لأول مرة إلى 10 آلاف برميل يوميا على مدى 30 يوما متتالية ، ثم يدفع منح أخرى عند وصول الانتاج إلى كميات أخرى وهى كلها لا تزيد على 5.5 مليون دولار ، أما أتفافية عام 2007 فقد نصت على منح وإلتزامات ممثلة فى 1.5 مليون دولار كمنحة توقيع ، و500 ألف دولار منحة عند الموافقة على دخول المقاول فترة الإمتداد ، علاوة على 125 ألف دولار سنويا كتكلفة غير مستردة لغرض التدريب ، أما المنح المرتبطة بكميات الانتاج فقد أرتبطت بكميات الانتاج المستخرجة من الحقل .
9-الضرائب على الدخلTaxes : للضرائب جانبان سوف نتناول أحدهما الأن ونؤجل الثانية المتعلقة بالأسس المحاسبية التى تستخدمها الشركات الأجنبية فى حساب إيرادتها ومصروفاتها ، ووفقا لكل القوانين والعقود التى وقعت مع الشركات الأجنبية وحتى الشركات الوطنية ، كانت صادرات الشركات من الزيت تعفى من الضرائب والرسوم الجمركية فيما عدا الضرائب على الدخل المفروضة على الشركات الأجنبية ( المقاول ) التى تبلغ 50% من الدخل أو الأرباح المحققة * وقد نصت أتفاقية عام 1963 على هذا الإعفاء ما عدا رسوم الخدمات التى تقدم إلى الشركة الأجنبية ، وعلينا أن نلاحظ أن معدل الضريبة على أرباح الشركات فى ليبيا كانت تصل إلى 62% من الأرباح المحققة قبل تدخل الناتو فى ليبيا عام 2011 . وتنص أتفاقية عام 1963 على أن هذه الضريبة ينبغى ألا تقل عن المبلغ الذى تتسلمه الحكومة المصرية فى أى سنة ضريبة عن قيمة الأتاوة ، فإذا كان مجموع الإيجارت والأتاوة وضرائب الدخل والرسوم تقل عن 50% من الربح الصافى Net Profits فيجب على الشريك الأجنبى أن يسدد مبلغا أضافيا كضريبة أضافية على الدخل .
ويحسب الدخل السنوى الخاضع للضريبة على النحو التالى = ( مجموع الإيرادات – ( التكاليف والمصروفات + قيمة حصة الهيئة من فائض البترول المخصص لإسترداد التكاليف المعاد دفعها للهيئة نقدا أو عينا إن وجد) + مبلغ مساوى لضرائب الدخل المستحقة على المقاول )
وعندما وقعت أتفاقية عام 2003 كان سعر الضريبة على الدخل 32% فقط ، لذا لم يرد فى هذه الاتفاقية ولا أتفاقية عام 2007 أى نص يتعلق بسعر الضريبة على الدخل وتركت للقوانين المصرية الضريبية التى خفضت السعر الضريبى من 32% إلى 20% فقط فى قانون الضرائب على الدخل رقم (91) لسنة 2005 . وبهذا تحققت ميزة أضافية لأصحاب المشروعات عموما وشركات البترول خصوصا .
كما يؤدى معاملة شركات البترول ومعامل التكرير بنظام المناطق الحرة الخاصة ، إلى منحها إعفاءات ضريبية غير مستحقة لأعمالها ، وقد قامت الحكومة فى مايو عام 2008 ، بإصدار القانون رقم (114) لسنة 2008 التى أطلق عليها قرارات 5/5/2008 ، وبمقتضاه جرى إخراج شركات البترول ومعامل التكرير ( 37 شركة ومعمل ) من نظام المناطق الحرة الخاصة ، إلى نظام الاستثمار الداخلى الخاضع للقانون رقم (8) لسنة 1997 ، مما ترتب عليه فرض ضرائب على دخولها ، وزيادة الحصيلة الضريبية ، حيث سددت ثلاثة شركات فقط حوالى مليار جنيه مصرى (43) .
10-تملك الأصول : فى أتفاقية عام 1963 حينما أنشئت الشركة المشتركة بين مؤسسة البترول ( ممثلة للحكومة المصرية ) وشركة فيلبس الإمريكية تحت مسمى ( ويبكو ) كمقاول يقوم بالاعمال لم ينص أبدا على أن هذه الشركة من أشخاص القانون الخاص ، ومن ثم فأن تملك الأصول بعد إنتهاء أعمال هذه الشركة ، سواء بانتهاء فترة العقد والإمتياز ، أو بالتخلى الطوعى أو التخلى الإجبارى للشركة ، أو بعد أنتهاء فترة إسترداد التكاليف ،أو بأى صورة من الصور كانت تؤول مباشرة إلى مؤسسة البترول وتضاف إلى رصيدها من الأصول الانتاجية ، بيد أن هذا النمط قد تغير تحت ضغط جماعات مصالح عاتية نشأت داخل قطاع البترول وبالتحالف مع رجال المال والأعمال المصريين والعرب ، فقد أصبحت النصوص الجديدة بعد عام 1992 تنص على إنشاء شركة ( المقاول ) تكون شركة قطاع خاص ..!! وهنا التساؤل كيف تكون شركة خاصة أو من أشخاص القانون الخاص وهناك مساهمة حكومية فيها بالمناصفة على الأقل ، وأين ستؤول ملكية هذه الأصول بعد إنتهاء فترة الاسترداد أو إنتهاء العقد أيهما أقرب ؟ ولماذا لا تكون شركة مشتركة بين الجانبين الحكومى والأجنبى أو الخاص ؟
لقد نصت أتفاقية عام 2003 على أن تلتزم شركة ( أباتشى أم بركة ) بنقل جميع ملكيتها إلى الهيئة والمتمثلة فى 50% فى كافة الأصول الثابتة والمنقولة الموجودة حاليا والمستخدمة فى عمليات عقد تنمية أم بركة .
أما أتفاقية عام 2007 فقد جاءت بأحكام ومبادىء جديدة تماما وخطيرة فى نفس الوقت حيث نصت المادة الثامنة من تلك الأتفاقية على أن تصبح شركة جنوب الوادى القابضة – التى حلت هنا محل هيئة البترول فى التعاقد فى إطار عملية إعادة هيكلة قام بها الوزير سامح فهمى عام 2002 – مالكا لكافة الأصول التى حصل عليها المقاول وتملكها وحملها على إسترداد التكاليف ، لكنه أضاف عليها فى الفقرة الثانية للمادة شرط واقف فى غاية الخبث والدهاء بالقول ( غير أن ملكية الأصول الثابتة والمنقولة كاملة ستنتقل تلقائيا من المقاول إلى جنوب عندما يكون المقاول قد أسترد تكلفة هذه الأصول بالكامل وفقا لنصوص المادة السابعة ، أو عند إنقضاء الاتفاقية أى التاريخين أسبق ) .
هذا التلاعب القانونى قد أدى إلى ميزة أضافية للشريك الأجنبى على حساب المصالح الوطنية المصرية .
11-المنازعات وحل المشكلات : ضعف الموقف المصرى فى التعامل مع الشركاء الأجانب وبدا ذلك واضحا فى نصوص العقود التى وقعت منذ منتصف السبعينات على النحو التالى :
أولا إستيراد المعدات : حيث نصت المادة (18) من أتفاقية عام 1963 على حصول الشركة الأجنبية على مهماتها ومعداتها من السوق المحلية كلما كان ذلك ضروريا حتى لو كان السعر المحلى يزيد بنسبة 10% عن المستورد ، وبالتالى تقيد إستيراد الشريك الأجنبى للمعدات والآلات وغيرها ، فجاءت اتفاقية عام 2003 لتنص على حق المقاول ( والشريك الأجنبى ) حرية إستيراد المعدات والآلات من الخارج ، وكذلك النص فى أتفاقية عام 2007
ثانيا مراجعة السجلات والفواتير : بينما جاء النص فى إتفاقية عام 1963 حاسما لا مراوغة فيه حيث جاء فى المادة السابعة ( تقدم شركة فيلبس كل فترة ربع سنوية قائمة بالتكاليف التى تحملتها والمستندات اللازمة المؤيدة لها جاهزة للفحص فى أى وقت ) ، وكذلك النص على أن ( تقدم البيانات المالية والمشتريات مفصلة بالقدر المعقول ) ، بينما فى اتفاقية عام 2003 وجدنا لغة مختلفة فيها الكثير من الإنبطاح أمام الشركاء الأجانب أو الشركاء من القطاع الخاص المصرى والعربى حيث جاء النص مقيدا للحق الأصيل لممثلى الحكومة فى التفتيش على السجلات باستخدام تعبيرات مثل ” تقديم المعلومات فى الحدود المعقولة ” و ” فى الأوقات المناسبة ” وغيرها من التعبيرات وزاد عليها طريقة حل الخلافات والمنازعات .
ثالثا طريقة فض المنازعات والتحكيم : لم يرد فى أتفاقية عام 1963 أى نص يحيل الخلافات والمنازعات – مثل الخلاف على التسعير أو تنفيذ الإلتزامات أو غيرها من المسائل- إلى لجنة تحكيم دولية أو غيرها بل كان يجرى فضها بوسائل داخلية ، بينما فى أتفاقية عام 2003 وكذلك فى اتفاقية عام 2007 نجد إنبطاحا يصل إلى حد التفريط فى الحقوق المصرية والسيادة المصرية ، فهى أولا تنص على التشاور بين الطرفين ومحاولة الوصول إلى تسوية مرضية لكليهما ، دون أى نص على توقيع الجزاءات أو الغرامات فى حال مخالفة الشريك الأجنبى للعقد فى أى من نصوصه وإلتزاماته ثم أنها بعد عملية التشاور التى لم تصل إلى حل مرضى للطرفين تلجأ إلى التحكيم ، سواء بأختيار محكم واحد ( م 24) لتحديد السعر المتفق عليه ووفقا لمواصفات قد لا تنطبق أبدا إلا على مكاتب وأشخاص موجودن فى الدول الغربية والولايات المتحدة وهم محدودى العدد جدا **
كما نصت المادة (13) من أتفاقية عام 2003 على أن تعتمد ميزانية المقاول من مكتب محاسبى مصرى معتمد ، ثم أضافت المادة (16) من الاتفاقية ذاتها قيودا على حرية حركة ممثلى الحكومة ومفتشيها بالنص على شرطين الأول : عدم تعويق سلامة أو كفاءة العمليات ، والثانى : الحفاظ على سرية المعلومات التى يحصلون عليها ، وأن يتم ذلك كما أشرنا من قبل فى الأوقات المناسبة وبالطريقة المعقولة . أما المادة (24) من تلك الإتفاقية فقد تنازلت تماما عن السيادة القضائية المصرية بالنص على اللجوء للتحكيم فى المحكمة الدائمة للتحكيم فى ( لاهاى ) بهولندا
الجزء الأول