“هيدا يللي كان ناقصنا ما بكفي مسكرة في وجهنا كمان واتساب توقف ” تلك العبارة ترددت كثيرا يوم تعطل العالم الافتراضي بكبسة زر انقطع التواصل الاجتماعي و بدأت الناس تبحث عن البديل و الاعصاب مشدودة الاعمال توقفت عبر تطبيقات الانترنت حيث تعطل ايضا الفايسبوك و الانستغرام و كرت سبحة التعليقات كيف الانسان صار متعلقا بالحياة الاكترونية بمجرد ما توقفت اذ انه حبس انفاسه و كأن الدنيا انتهت . مماتكر سبحة الاسئلة : الى اي مدى بتنا اليوم متعلقين بتلك الكترونيات ؟ وما هي الابعاد النفسية التي جعلت بالانسان مع تقدم العصر متعلقا بها لدرجة الهوس ؟
التكنولوجيا سيف ذو حدين
في الفترة الاخيرة جرى حدث عالمي انقطاع كافة خدمات فيسبوك عن ملايين المستخدمين حول العالم، حيث لم يعد متاحا الوصول إلى “فيسبوك” (Facebook) أو “واتساب” (Whatsapp) أو “إنستغرام” (Instagram) أو “أوكولوس في آر” (Oculus VR) وهو خدمة الواقع الافتراضي التابع للشركة، ويعتمد على مجموعة خدمات فيسبوك أكثر من 2.75 مليار شخص يوميا للتواصل والقيام بأعمال تجارية واستهلاك الأخبار. فما الأسباب المحتملة لهذا الانقطاع العالمي وما تأثيراته المستقبلية؟
الشيء المثير فيما حصل في إمبراطورية فيسبوك أن الخلل كان شاملا، بحيث طال كافة خدماتها وبلغ تأثيره أن هبط سهم الشركة بنسبة بلغت نحو 5% الأمر الذي كبدها خسائر بالمليارات في غضون 6 ساعات هي فترة الانقطاع.
من جهة اخرى اجريت دراسة أجراها الكاتبان هوي تزو غريس تشو ونيكولاس إيدج أن مستخدمي الفيسبوك الأكثر مواظبة عليه يميلون إلى الاعتقاد بأن الآخرين يعيشون على نحو أكثر بهجة منهم، ما يجعلهم يشعرون أن الحياة أقل عدلاً، فضلا عن التأثير السلبي الكبير لمشاعر الحسد التي تنتابهم. و يبقى السؤال : ما هو البعد النفسي و الاجتماعي عند تعطل المنصات الالكترونية ؟
في هذا السياق اعتبرت الاختصاصية في العلاج النفسي الدكتورة ايلين عيسى عبر لgreenarea.info ان الحياة الالكترونية لها حسناتها و في الوقت نفسه تترك اثار نفسية سلبية في حال توقفت جراء اي عطل طارىء قد يطرأ عليها مما قالت :” من الطبيعي نجد الناس متعلقين بالحياة الاكترونية خصوصا الفايسبوك وواتساب وكل النيوميديا التي سهلت على عملية التواصل مع بعضهم البعض مما نجدهم مرتبطين بعالم التواصل الافتراضي اكثر من التواصل الحقيقي والذي زاد ذلك عامل القلق في لبنان جعل من عالم الافتراضي الى اساسي حتى انه بات مكملا نظرا للظروف الاقتصادية و المعيشية التي يمر بها البلد فضلا عن تسهيل الاعمال اليومية لذلك ما ان حصل عطل في التطبيقات التواصل الاجتماعي كادت الناس تبكي من وراء ذلك .مما يعني ان المسائل الاكترونية سيف ذو حدين فمن جهة سهلت هذه التكنولوجيا حياة الناس و من جهة اخرى استطاع ولد عمره 13 سنة ان يوقف العالم كله اي ولد صغير استطاع ان يوقف الكرة الارضية برمتها الكترونيا .”
العطل زاد الطين بلّة
من جهة اخرى اوضحت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة غادة سلامة لgreenarea.info بان العطل الطارىء في توقف التطبيقات الالكترونية في عالم التواصل الاجتماعي قد اضيفت على حياة اللبنانيين الكثير من الاحباط بعد سلسلة من الحظر من كل الجهات مما قالت :”ما يجب معرفته ان الحياة الافتراضية كالوتساب بات من ضمن عملنا لذلك عند حدوث العطل فيه وجدنا الناس في حالة تشنج و الاعصاب مشدودة خصوصا في لبنان حيث لمسنا التأفف عند اللبنانيين نتيجة ذلك في ظل ما يمرون به من التضييق في كل شيء بعد كل الحظر سواء على الاموال او الهجرة ام غير ذلك الى ان اتى الوتساب الذي كان يسهل اعمال الناس تعطل لساعات و عطل معه على سبيل المثال التعليم الاونلاين من خلال التطبيقات المعروفة مما شعروا بخناق خصوصا و ان الوتساب يعتبر الوسيلة الفضلى للتواصل الناس مع بعضهم اقله لمعالجة مشاكلهم . انطلاقا من ذلك يمكننا ان نفهم انه صحيح ان الانقطاع الانترنت له عامل نفسي بل ايضا له بعد سياسي او ربما له بعد تقني .”
و اضافت الدكتورة سلامة :” اما على الصعيد النفسي فوجدنا ان اللبنانيين شعروا بالاحباط عند العطل التقني في التطبيقات الانترنت مما عمل الناس كردة فعل فتوجهوا الى التطبيقات الاخرى لتسهيل اعمالهم سواء في التعليم ام غيره بعدما شعروا بالضياع.”
الارتباط بالابجدية الرقمية
في المقلب الاخر رأى الاختصاصي في علم الاجتماع الدكتور عبدو القاعي عبر لgreenarea.info ان ذاكرة الانسان باتت تتعطل بمجرد ما يحدث اي عطل في عالم التكنولوجيا و هذا يعتبر مؤسف للغاية مما قال :”يبدو ان الحياة الرقمية عادت بنا الى الوراء حيث تجمدنا عند اي عطل تقني نظرا لارتباطنا بابجدية رقمية متل العصور القديمة عندما كان الانسان مرتبطا بالاشياء الجامدة حتى اليوم ارتبطنا بابجدية رقمية مما اقفلنا على حالنا هذا يعني اذا لم تكن موجودة هذه الابجدية فلا نستطيع ان نعيش من دونها اي بمعنى اذا لم تكن موجودة تلك التكنولوجيا فلا نستطيع ان نعيش او نسير اعمالنا حيث ان الاشياء المرقمة التي تعطينا الذاكرة الموجودة الخارجة عنا فيها جميع المعلومات التي نسيناها. على سبيل المثل في السابق كنا نعمل عملية حسابية تلقائيا اما اليوم فنتكل على وسائل التكنولوجيا و لذالك اي عطل فيها تتعطل كل ذاتنا لاننا مرتبطين بالذاكرة اليومية كمثل الحال اذا انقطعت الكهرباء جميع المعلومات تزول بكبسة زر لنعود بالتالي الى صحراء ذاته من الزمان عكس مما هو عليه ايام هوميروس كان الانسان يحفظ اليازا تلقائيا .”
مما نصح الدكتور القاعي :” ادعو الى التربية بهدف تطوير وعينا و استدراك الذات و تطوريها و الا نتجه نحو الاسوء في استعمال التكنولوجيا التي هي الة لم يعد عنا استقلالية او ذاتية من هنا اهمية تمرين الذاكرة و ان شاشة الكومبيوتر ليست الا الماضي لان المستقبل نحن نخترعه والاكتشافات العلمية التي تاتي من الكومبيوتر بل مخترع استنبط الاشياء من علاقته مع الكون لان الكومبيوتر يحتوي على الذاكرة المسجلة باحداث الماضي و الانسان لم يعد يقرأ ذاته لذلك لا نجد الاختراعات الا في القرن الثامن عشر و التاسع عشر عكس مما هو اليوم كلها مبنية على اتجاه معين دون اختراعات و سنصل الى يوم يتعطل كل العالم لاننا قادمين على تغير مناخي و بالتالي نفاد في النفط وتعطل في التكنولوجيا .”