ان الازمة الاقتصادية الخانقة دون حلول جذرية وضعت الشباب اللبناني في حيرة من امرهم خصوصا و ان الافق مسدود  و لا حتى بارقة امل للبقاء في هذا البلد الذي يمر باقصى مرحلة شهدها تاريخ لبنان .مما نجدهم امام خيارات صعبة و محزنة جدا اما الهجرة من وطن لم يعد موطن للاستقرار في ظل مستقبل قاتم الى اليأس الذي يدفع بالشباب الى الانتحار عندما يجد نفسه عاجزا على مواجهة التحديات وكم من حالات سمعنا بها محزنة تدمع العين الى الادمان على المخدرات لتضع الشباب في  دائرة الضياع .يبقى السؤال : هل من حلول تنجد شباب اليوم من الانهيار الحتمي ؟

الهروب من الواقع

في هذا السياق ما هي الابعاد النفسية من زاوية الانتحار او المخدرات الى الهجرة تلك الملفات الساخنة من الصعب ان يتحمل الشباب اليوم في دائرة الضياع مما فسرّت  الاختصاصية في علم النفس الدكتورة نجوى ابو عيد ل greenarea.info :”انه موضوع متشعب  سواء انتحار  او هجرة  و مخدرات انما  نستطيع ايجاز ذلك انه احيانا الظروف التي نواجهها في حياتنا توقظ  فينا شيء موجود عندنا في الماضي  سواء  اذا تعرض الانسان لصدمة او لحدث معين  او ظرف معين اما يكون الاتجاه نحو الهجرة او المخدرات حيث يكون هناك علاقة انصارية مع  الام اذا نريد الهجرة يعني  الهروب من الواقع الذي نعيشه نتيجة التراكمات الوضع في لبنان فاذا وجد صعوبة في حياته يعتبر هروبا اما عن  الانتحار بعد تعرض لصدمة معينة  فدفع  الشباب اليه لان يكون عنده استعدادا له  الى  ان اتى الحدث فدفعه اليه .كل هذه العوامل التي نمر بها اليوم توقظ عند الشباب اللبناني اشياء كانت مدفونة في الماضي حتى خرجت  على الوجه وادت الى هذه النتائج الوخيمة .  اذ ان الشخص  يعتبر مثلا السفر او الهجرة  نوعا من الدفاع عن النفس ليحمي حاله  من الانهيار النفسي  لكي يعود و يعيش بطريقة معينة  الا الانتحار فهو استعداد للشباب لكي يصل الى هذه المرحلة المأساوية كما و ان  المخدرات تعتبر استسلام  للامر الواقع كون مرحلة الطفولة  التي مروا فيها الكثير من المشاكل التي  ادت الى هذا الواقع الاليم .”

فقدان الادوية الاعصاب

الا ان الخطر الذي يعلن عنه  الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور سمير جاموس ل greenarea.info ان زيادة الاضطرابات النفسية يعود الى فقدان الادوية العلاجية :”ان الاضطرابات النفسية التفاعلية ارتفعت  بشكل كبيرمؤخرا  تحديدا القلق والاكتئاب الادمان على الكحول او المخدرات والانتحار نظرا للظروف القاهرة  التي يمر بها لبنان مما تجدر الاشارة الى ان الذي يزيد الانتحار هو عدم توافر الادوية لمعالجة الاكتئاب اي مضادات الاكتئاب اضافة الى انتكاسات الامراض النفسية  المزمنة بسبب عدم تواجد الادوية  المماثلة و هذه الانتكاسات تعرض المريض الى الانتحار  مما  يكمن الحل في  تامين الادوية و ايضا  وتغيير ظروف الحياة  اما بالنسبة للمخدرات فان الحشيشة خلافا لاعتقاد  عند المراهقين قد تؤدي  الى انفصام في الشخصية .”

اهمية دعم الاهل

في المقلب الاخر توقفت الاختصاصية في التدريب الحياتية وفي البرمجة اللغوية العصبية الدكتورة دارين داوود مفرج عبر ال greenarea.info حول اهمية دعم الاهل للاولادهم لتخطي المراحل الصعبة التي يمرون بها بسلام مما قالت:”ان الاسباب واضحة عندما لا يكون هناك رؤية للمستقبل لدى الشباب في عمر المراهقة  او التحضير لعمر النضوج  في وضع غيرمناسب مما يسبب هذا  الامر عدة مشاكل لهم بالرغم من المحاولات لايجاد طريقهم  الصحيح او هدفهم في الحياة فكيف اذا كان الاهل ليسوا في وضع نفسي صحي جراء الظروف السياسية  و الاقتصادية التي نعيشها.اذ ان المشكلة تكمن  ليس فقط  في غياب الخطة الوطنية لدعم الشباب  انما ايضا غياب وجود الاهل المباشر الداعم لهم بدل من احتضانهم  .اذ نجد الاهل متخذين اكثرفي معالجة مشاكلهم الشخصية نظرا للتحديات التي يواجهونها.و هكذا  في غياب المظلة الكبيرة الاجتماعية التي تكمن ضمن مؤسسات الدولة المسؤولة عن توجيه  الشباب في وضع خطة مستقبلية واضحة و غياب ايضا مظلة الاهل المباشرة يجعل الشباب في حالة ضياع  مع العلم ان الحل يكمن في تأمين الجو العائلي  المريح ليبقى المرجعية  الوحيدة التي تحمي الشباب الذين يحتاجون  الى وعي و تركيز و احتضان اكثر من الاهل لان مهما كان هناك ضياع في الوطن او غياب الخطة الاجتماعية الكبيرة يبقى البيت المرجعية المهمة عاطفيا و فكريا ووجوديا للاولاد لمواجهة المشاكل و التحديات لذلك نؤكد اولا و اخيرا  انه على الاهل ان يبقوا مدركين لاهمية  تأمين الاستقرار لاولادهم كونه يزيدهم صلابة  لان اهلهم بقربهم و هم  بالنسبة لهم شبكة الامان لهم مهما زادت المشاكل حتى موضوع الهجرة لا يخيفهم لان الهدف منها تأمين المستقبل مهما طالت السنوات سيعودون عند تكون الظروف مؤاتية لان لا شيء يبقى للابد  و اهلهم  سيحضنوهم و يعود الخط الطبيعي لتقدم الحياة.”

الوضع سيء و الافق مسدود      

الى رأي الاختصاصي في علم الاجتماع الدكتور عبدو قاعي  ل greenarea.info  الذي وصف بان المجتمع يسيطر عليه الاقطاع مما يحول دون تنفيذ طموحات الشباب مما قال:”لاشك ان الوضع سيء في لبنان لان ليس هناك من افق   و الامر ذاته في كل دول العالم حيث الشباب لايجدوا لهم افقا. اما في لبنان فهو الاسوء لان الوضع السياسي مقفل كذلك  في اميركا ليس واضحا ايضا  مما عاد الناس الى انتمائتهم البدائية و هذا ما نبهنا عليه منذ زمن اذ ان التكونات السياسية مبينة  على المواطنية و المدنية  التي تترهل اليوم  و هذاما يثير الخوف   كون هذه الانتماءات البدائية لا تعطي الناس الدفاعات  خصوصا و انه في  لبنان هناك اقطاع لا يتجاوب مع مطالب الناس الكثيرة التي هي بحاجة لها مما تكون النتيجة الهروب اي الهجرة او الانتحار عندما يقفل الافق امام الشباب  خصوصا و ان الاقطاع السياسي لا يشعر الناس بالاطمأن دون الشعورفي  كل امالهم .لذلك بدءا من سنة 1943  ضاعت هوية لبنان بعد سيطرت الانتماءات الاقطاعية حيث لم يعد الناس يشعروا بالامان مع الزعماء بعدما  سرقوهم كل الذين يملكونه .مما نريد تفسيره ان الحالة البدئية ليس حالة لبنانية فقط  كما و ان الحالة المدنية و المواطنية ضعفت  كثيرا  ليس فقط في لبنان بل في دول الخارج كون  الاقطاع  جدا قوي و مسيطر على كل جوانب السلطة   مما يكون هناك صعوبة في الاصلاحات  حيث ان الحل يكمن انه على الشباب ان يعمل ثورة و يستلم السلطة و هذا  الشيء غير موجود كونهم عاجزون  عن ذلك مما يلجأون الى الانتحارا او الى  الهجرة .”

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This