ينتقل لبنان من أزمة الى أخرى، وتنعكس آثارها بشكل مباشر على الأطفال، الذين يطالهم القسم الأكبر من هذه العواقب، التي تتمثل من خلال العنف بكافة أشكاله وأنواعه. هذا ما تؤكده نتائج تقرير تم نشره بمناسبة زيارة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال لبنان، الدكتورة نجاة معلا مجيد.

اذ ذكر تقرير جديد صادر عن اليونيسف، أن  طفلا من بين كل طفلين  في لبنان معرض لخطر العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي، في الوقت الذي تكافح فيه الأسر لمواجهة الأزمة المتفاقمة في البلاد.

 

تفصيلياً، يشير تقرير إلى أن حوالي 1.8 مليون طفل، أي أكثر من 80 في المائة من الأطفال في لبنان، يعانون الآن من فقر متعدد الأبعاد، بعد أن كان العدد حوالي 900,000 طفل في عام 2019  –  وهم يواجهون خطر تعرضهم للانتهاكات مثل عمل الأطفال أو زواج الأطفال،  بهدف مساعدة أسرهم على تغطية النفقات.

وقالت الدكتورة نجاة معلا مجيد، في هذا السياق:  “أزمة لبنان تهدد حاضر ومستقبل ملايين الأطفال، هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى لضمان حمايتهم، من سوء المعاملة والأذى والعنف وحماية حقوقهم”.

في ظل ما يعاني منه لبنان من تأثير الاضطرابات المالية والسياسية التي تعصف في البلاد، إضافة الى وباء  COVID-19، وما تأتّى عن انفجارات ميناء بيروت في آب/أغسطس 2020. بيّن التقرير أن عدد حالات الاعتداء على الاطفال والحالات التي تعاملت معها اليونيسيف وشركاؤها، ارتفع بنحو النصف تقريبا (44 في المائة) بين تشرين الأول/أكتوبر 2020 وتشرين الأول/أكتوبر 2021، وفي الأرقام إرتفعت تلك الإعتداءات من 3913 حالة الى 5621 حالة.

على المقلب الآخر،  يحدد التقرير سلسلة من التهديدات المتزايدة لسلامة الأطفال، منها عمالة الأطفال التي ترتفع، فقد أجاب أكثر من نصف من شملهم الإستطلاع الذي أجرته اليونيسف مع المنظمات الشريكة في أيلول/ سبتمبر (نحو 53 في المئة) أن عمالة الأطفال، وتاثيرها على أمان هؤلاء الأطفال، هي مصدر قلقهم الأول.  بينما كانت هذه النسبة قبل ثلاثة أشهر 41 في المئة فقط.

وفي إستطلاع أجرته اليونيسف في تشرين الأول/ أوكتوبر، قالت 12 في المئة من الأسر المشمولة بالإستطلاع أنها أرسلت طفلا واحدا على الأقل الى العمل. وهذه النسبة لم تكن تتجاوز قبل ستة أشهر 9 في المئة، في حين يعمل الآن أطفال لا تتجاوز أعمارهم ست سنوات، في المزارع والشوارع وبيع الوقود بصورة غير قانونية، مما يعرضهم لخطر الحروق الخطيرة وحتى الموت.

يقابل ذلك ارتفاع حالات العنف المنزلي، اذ بحسب منظمات المجتمع المدني ارتفعت نسبة الفتيات والنساء اللبنانيات اللواتي لجأن للحصول على خدمات برنامج “العنف القائم على النوع الاجتماعي”، بشكل حاد في السنوات الثلاث الماضية (من 21 في المائة من إجمالي الحالات في عام 2018،  إلى 26 في المائة في عام 2019،  وصولاً إلى 35 في المائة في عام 2020).

أما على صعيد الصحة النفسية بين فئة الشباب  فهي الى تراجع، إذ بيّن إستطلاع أجرته اليونيسف في أيلول/ سبتمبر 2021، تضمّن أيضاً مقابلات مع فتيات وفتيان تتراوح اعمارهم بين 15 و24 عاما، أن واحدا من كل أربعة مراهقين يشعرون بالإكتئاب في غالب الأحيان.

ومما يزيد الطين بلّة توالي الأزمات في لبنان، فمع إزدياد معاناة الأسر من الفقر والعوز، يخشى الخبراء أن يزداد عدد الأطفال الذين ينتهي بهم المطاف منفصلين عن الأسرة، وإرتفاع عددهم في مؤسسات الرعاية.

كذلك تتواصل أعداد الأطفال  الذين إضطروا للتعامل مع نظام العدالة الجنائية بالتزايد، على إثر مشاركتهم في الاحتجاجات أو أعمال الشغب، أو كونهم ضحايا للعنف أو توجّههم بدفع من أحد الى الجريمة كوسيلة للبقاء على قيد الحياة.

 

في حين يجري توثيق تهديدات جديدة للأطفال مع تزايد غرق الأسر في دوّامة اليأس، إذ تتخلّى بعض الأسر التي تعاني من العوز عن أطفالها الرضع في الشوارع، إضافة الى زيادة خطر اختطاف الأطفال مقابل فدية مالية.

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This