من منا لا يتسأل لماذا الناس مسمرين و عيونهم شاخصة امام شاشة التلفاز لمعرفة مصيرهم عند كل بداية سنة جديدة خصوصا اذا كان الامر يتعلق بحياتهم الشخصية ؟ هل يعود الى ما يعانيه اللبناني من ازمات معيشية و اقتصادية ليعتبر عالم التوقعات و الابراج منفذا له ؟ام ان الانسان يخاف من المجهول و يريد ان يتمسك باي امل علّه يجد من يواسيه وجعه ؟ او المسألة تتوقف انه منذ القديم و الناس متعلقين بكل شيء له علاقة بتحديد مصيرهم ؟
المجهول اصعب شيء ممكن يتعامل معه الدماغ
في هذا السياق شرح الاختصاصي في ادارة ال stressالدكتور جاد وهبة عبر ل greenarea.info حول الاسباب التي تدفع اللبناني في التعلق بالتوقعات معللا ذلك بان عقل الانسان لا يحب المجهول مما قال :”هناك عدة عوامل تدفع بالانسان للتعلق بالابراج و التوقعات منها الشعور من عدم الاكتفاء من الوضع الحالي حيث ان اكثر الناس يلجأون الى التبصير و التوقعات على سبيل المثال لقد تبين وفق الاحصاءات ان الفرنسيين هم اكثر الشعوب في اوروبا عندهم عدم رضا من وضعهم الذي هو شعور داخلي و ليس بشرط مربوط بالواقع الذي يمكن ان يكون في حالة رضا .فكلما كانت حالة عدم الرضا موجودة كلما كان اللجوء الى اشياء ربما خبريات جميلة نسمعها ترضينا وتعطينا امل لغد افضل فكيف اذا كان الوضع في لبنان متأزم و بالتالي الشعور في اكثر الاحيان من عدم الرضا فمن المؤكد سيلجأ اللبناني الى التوقعات فضلا عن ذلك ان عقل الانسان لا يحب المجهول بل المعرفة و القدرة في التعامل مع المجهول بان نبقى نعيش حياتنا بشكل طبيعي و نظل مرتاحين و فرحين رغم اننا غير مدركين ماذا سينتظرنا .هذا التعامل مع المجهول صعب للغاية و ليس جميع الناس عندهم اياها حيث يبقى التمرن عليه على مراحل منذ الطفولة مما نجد المجتمع اللبناني عنده مشاكل نفسية متعددة منها القدرة في التعامل مع المجهول و غير محسود عليها لاننا ننظر الى المستقبل من خلال عيون الماضي خصوصا و ان اللبناني عاش الوجع و خيبات الامل فالمجهول صار عنده ممزوج بالتشاؤم وان الاتي سيكون اسوء.”
والجدير ذكره وفق الدكتور وهبة :”ان الخوف من المجهول عندما يختلط مع التشاؤم عندها يصبح اكثر بشاعة مما يكون هناك ثلاث محاور يدور حوليه عدم الرضا و عدم التعامل مع المجهول و المسحة التشاؤمية المبنية على الوقائع حتى التوقعات السلبية اسهل من المجهول بالنسبة للعقل .فالدماغ اسهل له معرفة الامور السلبية من ان يتعامل مع المجهول لان السلبي يستطيع التحضير الحالة النفسية في قدرته على المخيلة والتعامل معه كون المجهول اصعب شيء عند الدماغ اي يتعامل مع شيء لا يعرفه اسهل له ان يعرف السيء او يكذب على حاله او يقنع نفسه بان الذي يقوله هذا المبصرمن خرفات اوالتبصير او التنجيم من ان يتعامل مع المجهول حيث ان العقل يختار الاسهل اي اسهل عليه ان يصدق من ان يتعامل مع المجهول.”
و اضاف الدكتور وهبة :” ان نكذب على حالنا اي نصدق خبرية كاذبة اسهل من ان نتعامل مع المجهول على سبيل المثال الكورونا و الوضع الاقتصادي في لبنان اي التعامل مع المجهول مع التغييرات الذي ستحصل لا نعرف ماذا سيتحضر لنا الغد فالمجهول صعب جدا للغاية حيث يجعل المشاكل النفسية تتفاقم لدى المصابين بالوسواس القهري و الامر ذاته الانهيار النفسي و القلق و الادمان و التعنيف و المشاكل صحية تزداد بسبب التوتر لان زادت نسبة المجهول عدا هاجس كورونا اذا موجود ام لا .”
التعلق بالتنجيم قديم
في المقلب الاخر اوضحت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة شارلوت خليل عبر ل greenarea.info بان الانسان يحب ان يعرف ماذا سيخبىء له و ذلك ليس بجديد بل منذ القدم يكثر العرافون و المنجمون الى التبصير في الفنجان مما قالت :”ان التنجيم كان في العصور القديمة حكرا على الملوك و الامراء انما على ممر العصور بات لجميع الناس لان الانسان في طبعه يحب ان يعرف المجهول و المستقبل و ماذا سيأتي له غدا وماذا سيحصل لكي يشعر الناس بالاطمئنان متخذين خطوات معينة كما انه بالمقابل هناك شريحة من الناس ليس عندهم قناعة بهذا الموضوع انما نوع من الحشرية تجعلهم يستعمون الى التوقعات . والملفت للنظر انه لايمكن القول ان التعلق بالتنجيم محصورا في اكثريته في الشرق الاوسط و لبنان خصوصا لان ليس عندنا احصاءات في هذا الموضوع انما لا شك ان الظروف تدفع بالاشخاص ان يتعلقوا بهذه الاخبار من التوقعات على امل يجدوا حلا و املا مفقود كما وان الاعلام له دورا كبيرا في عملية التأثير على الناس خصوصا عندما يتم استعراض الاحداث المتوقعة منها من تحقق و لم يتحقق هذا ما ما يعزز التعلق بالتوقعات .”
وابرز ما توقفت عنده الدكتورة خليل :” ان التعلق بالتوقعات و الابراج كان قبل الازمة التي نعيشها عدا ذلك في بيئتنا بعض النسوة يبصرن في الفنجان عند كل صباح كما وانه في السابق كانت كتب الابراج تباع بكثرة لذلك الموضوع جدا دقيق ان نربط كل شيء بالازمة التي نعيشها على سبيل المثال بعض الناس كانوا ينتظرون التوقعات اما هذه السنة فلم يهتموا بالامر مما يعني اننا امام شقين هناك اشخاص لا يريدون ان يسمعوا اي من التوقعات و اخرين يهتمون باختصار لا يجوز التركيز فقط على الازمة لان هذا الشيء موجود في مجتمعتنا تاريخيا و الانسان يحب ان يعرف في المجهول ماذا يخبىء له عدا تاثير الدعاية التي لعبت دورها بدرجة عالية و ممكن جعل هذا الباب الوحيد للناس بأن يتأملوا خيرا لتعزيز اعمالهم او العكس تماما يشعرون بالخطر في حال كانت التوقعات سلبية .”
الهروب من الواقع
اما الاختصاصية في علم النفس الدكتورة غادة سلامة فرأت ان مسألة التعلق بالتوقعات خصوصا عند اللبناني فالامر يعود الى ما يعيشه من ازمات اقتصادية و نفسية يجد هذا المنفذ هروبا من الواقع مما قالت ل greenarea.info : “عندما يكون عندنا قلق كثير و احباط وضياع نتوجه الى العرافين. مما نهرع للقائهم ليخبرونا ما نريد سماعه دون وعي نشتري سيناريوهات و ندفع حقها لتغذية احلامنا و تهدئة انفسنا عندما نفقد الامل كما يحصل الان في لبنان، اي عندما يخذلنا الواقع و يقلقنا فنذهب الى عالم الخيال للهروب من الواقع الغير المحتمل، و ايضا عندما يزيد القلق و الضياع و عدم الاستقرار و الاحساس بالفشل نذهب الى العرافين لتهدئة القلق الداخلي لدينا لأن لم نعد نتحكم بما يدور حولنا .”
الاعلام المؤثر الاكبر
بدورة اعتبر الاختصاصي في علم الاجتماع الدكتور عبدو قاعي عبر ل greenarea.info بان الاعلام يلعب دورا مؤثرا في ترويج التوقعات و تأثيرها على الانسان مما قال :” كل بداية سنة جديدة يكون الناس متشوقين للتغير وتترقب ماذا سيحصل من خلال توقعات المنجمين و هذا ليس بجديد لان هذه الاساليب كانت معتمدة منذ القدم و مازالت موجودة لليوم و الاعلام يؤكد عليها اكثر في غزوه العالم من خلال تركيزه على هذه الناحية هذه خصوصا في الشرق الاوسط .بالمقابل في دول الخارج يتواجد المنجمون في حفلات داخلية يلجا اليها ليس فقط الناس بل المسؤولين الكبار والاعلام لا يركز عليهم بحلقة عامة مثل عندنا .المهم في هذا الاطار انه لا يجب الشخص ان يلجا اليهم بهذه الطريقة بل عليه ان يظل مركزا على احساسه و انتاجه فالبشرية يجب ان تتوقع بما يحصل بناء على ما تركبه بحق الطبيعة على سبيل المثال هي التي لحقت اضرارا في المناخ فمن الطبيعي ان نتوقع كوارث طبيعية .”