يبدو أن تنبؤات الطقس هنا على الأرض أصبحت أكثر دقة مما كانت عليه في أي وقت مضى، لكن محاولة التنبؤ بسلوك الشمس ما زال أمرا صعبا بعض الشيء.

وأبرز مثال على ذلك هو أنه وفقا للتوقعات الرسمية، يجب أن تكون الدورة الحالية للنشاط الشمسي معتدلة. لكن الفجوة بين التنبؤ وما يحدث في الواقع كبيرة جدا، وهي آخذة في الاتساع. وتعد أعداد البقع الشمسية، المستخدمة كمقياس للنشاط الشمسي، أعلى بكثير من القيم المتوقعة المحسوبة بواسطة الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) ووكالة ناسا وخدمة البيئة الفضائية الدولية.

وفي الواقع، كانت أعداد البقع الشمسية أعلى باستمرار من المستويات المتوقعة منذ سبتمبر 2020. وقد يعني هذا، على عكس التوقعات، أن الشمس في تأرجح لدورة نشاط قوية بشكل غير عادي.

وتعد الشمس مكانا غريبا وديناميكيا، وبعيدا عن النشاط المستمر، مع دورات نشاط مدتها 11 عاما مرتبطة بمجالها المغناطيسي.

وتحتوي هذه الدورات على ذروة وحوض ملحوظين يُعرفان باسم الحد الأقصى للشمس والحد الأدنى للشمس، والذي يحسبه علماء الطاقة الشمسية بناء على أرقام البقع الشمسية.

وذلك لأن المجال المغناطيسي للشمس يتحكم في نشاطها. والبقع الشمسية هي مناطق مؤقتة ذات مجالات مغناطيسية قوية، ويتم إنتاج التوهجات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية بواسطة خطوط المجال المغناطيسي التي تلتقط وتعيد الاتصال، غالبا في مواقع البقع الشمسية هذه.

والحد الأدنى من الطاقة الشمسية، عندما يكون المجال المغناطيسي للشمس في أضعف حالاته، ويتميز بحد أدنى من نشاط البقع الشمسية، يحدث عندما تبدل الأقطاب المغناطيسية للشمس أماكنها.

وحدث الحد الأدنى من الطاقة الشمسية الأحدث في ديسمبر 2019. ونحن حاليا في الدورة الشمسية 25، متجهين إلى الحد الأقصى للطاقة الشمسية، المنتظر في يوليو 2025، وهي الفترة التي يبلغ فيها نشاط البقع الشمسية ذروته.

وكانت الدورة الشمسية 24 هادئة إلى حد ما في ما يتعلق بالدورات الشمسية، حيث بلغت الذروة 114 بقعة شمسية، بينما يتمثل المتوسط في 179 بقعة شمسية.

وتوقعت لجنة التنبؤ بالدورة الشمسية أن الدورة الخامسة والعشرين منذ بدء حفظ السجلات ستكون هادئة بالمثل، مع ذروة 115 بقعة شمسية.

وعلى النقيض من ذلك، كان عدد البقع الشمسية خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية أعلى باستمرار من التوقعات. وحاليا، تحتوي الشمس على 61 بقعة شمسية، وما يزال أكثر من ثلاث سنوات من الحد الأقصى للطاقة الشمسية.

وإذا كنا في طريقنا لدورة شمسية أقوى، فقد يعني ذلك شيئا مثيرا للاهتمام حقا. ففي عام 2014، قام فريق من العلماء بقيادة عالم الفيزياء الشمسية سكوت ماكينتوش من المركز القومي الأمريكي لأبحاث الغلاف الجوي بدراسة اتجاهات الدورة الشمسية طويلة المدى، ووجدوا أن 11 عاما هو مجرد توقيت متوسط، حيث أن بعض الدورات الشمسية تكون أطول قليلا من 11 عاما، وبعضها أقصر قليلا.

ولاحظوا أن الدورة الشمسية بعد دورة أطول من المحتمل أن تكون في الجانب الأضعف. ولكن من المرجح أن تكون الدورة، التي تعقب دورة أقصر، أقوى.

وكانت الدورة الشمسية 23 طويلة، وهو ما يتوافق مع ضعف الدورة الشمسية 24. لكن الدورة الشمسية 24 كانت قصيرة أيضا، حيث جاءت في أقل من 10 سنوات بقليل.

وهذا، كما توقع ماكنتوش وزملاؤه في عام 2020، يعني أن دورة الطاقة الشمسية 25 من المرجح أن تكون أقوى، ربما من بين أقوى الدورات المسجلة.

وأشار ماكنتوش: “كافح العلماء للتنبؤ بطول وقوة دورات البقع الشمسية لأننا نفتقر إلى فهم أساسي للآلية التي تقود الدورة. وإذا ثبتت صحة توقعاتنا، فسيكون لدينا دليل على أن إطار عملنا لفهم الآلة المغناطيسية الداخلية للشمس يسير على الطريق الصحيح”.

وفي المقابل، هذا يعني أننا قد نتعرض لبعض العواصف الشمسية المذهلة، بعد ثورات التوهجات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية على الشمس. وعندما تتصادم الجسيمات الشمسية التي يتم إطلاقها في الفضاء بين الكواكب مع المجال المغناطيسي للأرض والغلاف الجوي، فإنها يمكن أن تتسبب في انقطاع الاتصالات وتقلبات شبكة الطاقة وظهور الشفق القطبي المذهل.

المصدر: ساينس ألرت

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This