“ما بقى في مزلة للفقير اللبناني” مثلما يحصل اليوم في الانتخابات النيابية حيث يتم استغلال وجع الناس و فقرهم بالرشاوى الانتخابية غير ابهين بكرامة الناس المهم الصوت الانتخابي الذي يباع و يشترى بالمزاد العلني من بعدما كان الفقير في لبنان معروف بعزة النفس مهما قست عليه الظروف الا انهم يستغلون وجعه من كانوا هم اصل السبب الذين اوصلوه الى هذه المرحلة المأساوية .مما يطرح السؤال نفسه : ما هي ابرز التغييرات الاجتماعية و النفسية التي جعلت من اللبناني المعروف بمواقفه الصلبة بات يخضع لكل الرشاوى الانتخابية دون اي مقاومة و التي تأتي احيانا تحت عنوان العمل الانساني ؟ حيث توقف خبراء علم الاجتماع امام هذه المعضلة ليشرحوا عن دوافعها فما هي ؟
تقرير يكشف معالم الرشاوى
في الاونة الاخيرة سجلت أبرز الرشاوى في لجوء عدد من المرشحين إلى تقديم مستلزمات وخدمات طبية الى مولدات كهربائية فضلا عن محروقات سواء البنزين اوالمازوت وقسائم شرائية، فيما جرت العادة أن تكثر الشكاوى من الرشاوى المالية قبل ساعات من موعد الانتخابات اي في يوم 15 أيار، التاريخ المحدد للاستحقاق النيابي حيث تحدث تقرير الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات بالتعاون مع مؤسسة مهارات عن انتشار عملية شراء الأصوات التي تندرج تحت إطار المساعدات العينية والنقدية التي ازدادت بكثرة على كافة الأراضي اللبنانية قبيل انتخابات 2022 . مما يشير التقرير نفسه إلى العوامل التي تزيد القلق على سلامة الانتخابات، وأبرزها الغياب التام للدولة وعدم قيامها بواجباتها الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما من شأنه أن يعزّز الولاء للزعماء والنافذين مالياً وسياساً، باعتبار أنهم يقومون بمهام مؤسسات الدولة الرعائية اذ تشير الجمعية إلى أنه مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي ينشط المال السياسي بهدف تأمين الفوز من خلال تقديم الولاء والامتنان عبر صناديق الاقتراع.
بالمقابل لم يأتِ القانون اللبناني على تعريف الرشوة الانتخابية بصورة واضحة، وفق رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية الدكتور بول مرقص إلا أنه يمكن الاستنتاج من المادتين 62 و65 من قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب أن الرشوة الانتخابية هي صرف الالتزامات والنفقات التي تتضمن تقديم خدمات أو دفع مبالغ للناخبين من قبل المرشحين، ومنها التقديمات والمساعدات العينية والنقدية إلى الأفراد والجمعيات الخيرية والاجتماعية والثقافية أو العائلية أو الدينية أو سواها أو النوادي الرياضية وجميع المؤسسات الرسمية وأن الفقرة الثانية من المادة 63 استثنت بعض التقديمات والنفقات من المحظورات اذا كانت مقدمة من مرشحين أو مؤسسات يملكها أو يديرها مرشحون أو أحزاب درجوا على تقديمها بذات الحجم والكمية بصورة اعتيادية ومنتظمة منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات قبل بدء فترة الحملة الانتخابية، أي أن القانون نفسه يجرّم ويعفي في الوقت نفسه ما يشكل التباسا.
مخطط مدروس
المهم “بعدنا عم ناكل و نشرب” بهذه العبارة باتت على لسان عند شريحة من اللبنانيين بفعل الضغط اليومي نتيجة حصار الازمة الاقتصادية الخانقة جعلت من اللبناني ان يتناسى دوره الفاعل في المجتمع مما شرحت باسهاب الاختصاصية في التدريب الحياتية وفي البرمجة اللغوية العصبية الدكتورة دراين داوود ل greenarea.info فقالت :” ان الذي ارتكبته الطبقة السياسية بحق شعبها من دوامة الفساد التي فرضت علينا اوصلتنا الى الفقر رجعونا الى المبادىء الاساسية البدائية التي هي اولوية الانسان البدائي في تأمين المأكل و المشرب كأننا في العصر الحجري حيث يكون طموح الانسان الاكبر و الاعلى هو ان يؤمن قوته و مشربه و ملبسه التي هي الحاجات الاساسية البدائية .كل ذلك بهدف ان تسيطر تلك الطبقة السياسية على الرأي او القرار المستقل و الطموح الذي يخرج الشعب من تحت سلطتهم و سيطرتهم ورحمتهم. مع العلم ان الانسان لديه حاجة الى التقدم و التطور و هذا موثق علميا لان اذا لم يقم بذلك يشعر بكبت و بغياب لذة الحياة .”
و تابعت الدكتورة داوود :” ان الانسان عادة هدفه ان يتقدم في حياته و بعلمه بمستوى معيشي لائق سواء بالاكتشافات او الهوايات ضمن روح المنافسة تلك هي الحاجات الاساسية التي لم تعد اولوليتنا مما رجعونا الى الانسان البدائي همه حاجته الاساسية العضوية لكي جسدنا يعيش ولا يمت فبدل ما نقول وفق ديكارت انا افكر يعني انا موجود فبتنا نقول اليوم انا بصحة جيدة انا موجود و على الطبقة السياسية ان تفكر عني على المستوى الوطن المؤسساتي السياسي حتى التوجه لدرجة خذوا هويتنا التي نتغنى فيها انما فقط اتركونا نلبي حاجتنا الاساسية التي هي المأكل و المشرب انه مخطط مدروس منذ سنوات تعمل عليه قوى الشر و التدمير كي يصل الشعب اللبناني الى هذا المستوى فقط لا غير لكي يستطيعوا السيطرة على التوجه العام وعلى هوية البلد و لدوره في المنطقة التي نعيش فيها .”
يعملون العكس
امام هذا الواقع المأساوي حيث باتت المتاجرة باصوات الناس علنا ووقحة غير ابهين بكرامة الناس مما فسرت ذلك الاختصاصية في علم الاجتماع الدكتورة جزيل سمعان عبر ل greenarea.info فقالت : “عندما يضعف الانسان امام حاجة الاولاد سواء في تأمين المأكل و المشرب ام القسط المدرسي نجد الاهل مرغمين على قبول اي شيء امام الاستحقاقات مع العلم ان الولد حقه ان يعيش في مجتمع صالح .بالمقابل ما نلاحظه ان الاغلبية من اللبنانيين لم يصلوا في بيع اصواتهم عند الاستحقاق الانتخابي حتى لو اخذ البعض منهم مساعدات اجتماعية من المرشحين على الانتخابات النيابية و لكن لا يبيعوا اصواتهم و هذا دليل عن وعي من كثرة ما تعرضوا للاذى من الطبقة السياسية اي بات البعض يستفيد من المرشح و لكن لا يعطوه صوتهم هذا حديث شريحة من الناس الذين تعبوا من ثقل الازمة الاقتصادية الخانقة و شعروا بالقرف لدرجة لم يتعاملوا باخلاق مع المرشحين الذين يشترون اصواتهم بهدف الوصول الى السلطة من جديد الى درجة وصلت بهم الوقاحة ان يشتروا الاشخاص بارخص الاثمان و بطريقة لا اخلاقية .”
التدهور الاخلاقي
بدوره اوضح الاختصاصي في علم الاجتماع الدكتور عبدو قاعي عبر ل greenarea.info ان كل شيء تغير و تدهور منها الاخلاق مما قال :”ان الاوضاع الاقتصادية التي نحن فيها اليوم ليس فقط لانها تغيرت بل لان الاخلاق عند الناس تدهورت بعدما كان الفقر بحد ذاته هو الحصن و لكن الى اي مدى اليوم هو محمي؟ بعدما طال هذا الاخير الغني لذلك نعيش التدهورالاخلاقي و محاطين بهذه الحالة الاخلاقية السيئة .”