لا تنعكس مشكلة التلوّث البيئي على البشر فقط، بل تطال كافة الكائنات الحيّة، وتؤثر بعض أنواع هذا التلوّث على حياة هذه الكائنات بشكلٍ لا يوصف.
من أكثر أنواع التلوّث ضرراً ، هو التلوث الضوئي الذي يشكل تهديداً كبيراً ومتزايدا للحياة البرية، بما في ذلك العديد من أنواع الطيور المهاجرة. لذلك تتخذ الحكومات والمدن والشركات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم إجراءات لمواجهة هذا التهديد.
ويعتبر التلوّث الضوئي وتأثيره على الطيور المهاجرة محور اليوم العالمي للطيور المهاجرة، الذي يتم الاحتفال به مرتين في العام، في شهر أيار/مايو وتشرين الأول/أكتوبر، وذلك تقديراً للطبيعة الدورية لهجرة الطيور، وفترات ذروة الهجرة المختلفة في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي.
وفي هذه المناسبة قالت سوزان بونفيلد، مديرة الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة أنّ، “اليوم العالمي للطيور المهاجرة هو دعوة للعمل من أجل الحفاظ على الطيور المهاجرة دولياً. بينما تسافر الطيور المهاجرة عبر الحدود لإلهام الناس وربطهم على طول الطريق، نهدف إلى استخدام اليومين في عام 2022 لزيادة الوعي بخطر التلوث الضوئي وأهمية السماء المظلمة لهجرات الطيور.”
ويأتي احتفال هذا العام تحت شعار “خفت الأضواء للطيور في الليل”، وهي حملة عالمية تهدف إلى زيادة الوعي بالطيور المهاجرة وضرورة التعاون الدولي للحفاظ عليها.
ولعل الأرقام تشكّل حافزاً اضافياً من أجل العمل على تخفيف التلوّث الضوئي، فهو يتزايد في جميع أنحاء العالم. اذ يقدر أن أكثر من 80 في المائة من سكان العالم يعيشون تحت “سماء مضاءة”، وهو رقم أقرب إلى 99 في المائة في أوروبا وأمريكا الشمالية. كذلك تتزايد كمية الضوء الاصطناعي على سطح الأرض بنسبة 2 في المائة، على الأقل كل عام ويمكن أن تكون أكبر من ذلك بكثير.
ولتأكيد أهمية الظلام قالت آمي فراينكل، الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأنواع المهاجرة من الحيوانات البرية، “للظلام الطبيعي قيمة حفظ مثل المياه النظيفة والهواء والتربة. حيث تمثل أحد الأهداف الرئيسية لليوم العالمي للطيور المهاجرة 2022 ، في زيادة الوعي بقضية التلوث الضوئي وتأثيراته السلبية على الطيور المهاجرة. الحلول متاحة بسهولة، ونأمل في تشجيع صانعي القرار الرئيسيين على اعتماد تدابير لمعالجة التلوث الضوئي”.
وتجدر الاشارة، الى أن الضوء الاصطناعي يغير الأنماط الطبيعية للضوء والظلام، داخل النظم البيئية، ويساهم في موت ملايين الطيور كل عام.
كذلك يمكن أن يتسبب التلوث الضوئي في تغيير الطيور لأنماط هجرتها، وسلوكيات البحث عن الطعام والتواصل الصوتي، مما يؤدي إلى الارتباك والتصادم.
كذلك يعد التلوّث الضوئي تهديداً كبيراً ومتزايداً للحياة البرية بما في ذلك العديد من أنواع الطيور المهاجرة. حيث يساهم كل عام في موت ملايين الطيور. كذلك يغير الأنماط الطبيعية للضوء والظلام في النظم البيئية. اذ يمكنه تغيير أنماط هجرة الطيور وسلوكيات البحث عن الطعام والتواصل الصوتي.
فالطيور المهاجرة تنجذب للضوء الاصطناعي ليلا، لا سيما عند وجود سحابة منخفضة أو ضباب أو مطر أو عند الطيران على ارتفاعات منخفضة، ويمكن أن ينتهي بها الأمر بالدوران في مناطق مضاءة. الأمر الذي يؤذيها اذ أن احتياطيات الطاقة المستنفدة تعرضها لخطر الإرهاق والافتراس والاصطدام المميت بالمباني.
وفي هذا الاطار، قال جاك تروفيليز، السكرتير التنفيذي لاتفاقية الطيور المائية الأفريقية الأوروبية الآسيوية أن “هناك تنوع هائل من الطيور، ينشط في الليل، ويعاني من آثار التلوّث الضوئي. وتتأثر العديد من الطيور المهاجرة ليلياً مثل البط والإوز والزقزاق والطيور الرملية والطيور المغردة، بالتلوّث الضوئي الذي يتسبب في الارتباك والتصادم مع عواقب مميتة. كذلك تنجذب الطيور البحرية مثل طيور النوء ومياه القص، بواسطة الأضواء الاصطناعية على الأرض، وتصبح فريسة للجرذان والقطط”.
بناءً على ما تقدّم، يتم حالياً تطوير إرشادات جديدة تركز على الطيور البرية والخفافيش المهاجرة، وسيتم تقديمها لاعتمادها في اتفاقية الأنواع المهاجرة من الحيوانات البريّة العام المقبل.