ازاء الحياة اليومية الضاغطة التي نعيشها تجدنا نمر بين الحين و الاخر بتشتت في الافكار و الاغرب من ذلك ان هذا الضغط النفسي يؤثر بصورة غير مباشرة على الذاكرة. فكم من المرات ننسى مفاتيح السيارة اين وضعناها او بالاحرى ننسى مفاتيح المنزل ونضيع الوقت للبحث عنها فنطلق عن انفسنا “خرفت ع بكير ” او “ما بقى معنا عقل ” حتى تسمع تردداتها بين المحيطين بك نحن ايضا نعاني من هذه المشكلة فهل يعني ان الضغط النفسي الذي نعيشه وراء النسيان بين الحين و الاخر ؟ و الى متى يصبح مرضا فعليا ؟
علاقة الضغط النفسي بالذاكرة
كلنا نعلم انه يمكن أن يتسبب الضغط النفسي في ضعف الذاكرة، وذلك لأن زيادة هذا الضغط واستمراره بشكل متكرر يؤدي إلى تلف خلايا المخ. حيث ان هناك منطقة بالدماغ تسمى الحصين (Hippocampus)، وهي مركز الذاكرة بالمخ، وتنكمش هذه المنطقة عند الأشخاص الذين يعانون من التوتر الزائد والاكتئاب.كما أن التوتر والإجهاد النفسي يضر بمنطقة في الدماغ تسمى القشرة الجبهية (Prefrontal cortex)، وعندما يزداد الضغط على هذه المنطقة يمكن أن تحدث بعض الاضطرابات النفسية التي ينتج عنها ضعف في الذاكرة.
ليطرح السؤال نفسه :كيف يؤثر الضغط النفسي على المخ؟ المعلومات تفيد أنه يرفع مستويات الكورتيزول في الجسم، وهو الهرمون الذي يتحكم في العديد من وظائف الجسم، مثل: التمثيل الغذائي.في حالة ارتفاع مستوى الكورتيزول الناتج عن زيادة التوتر، فإنه يزيد من فرص الإصابة بارتفاع ضغط الدم وحدوث التقلبات المزاجية التي تظهر في صورة عصبية وقلق وميل للحزن والاكتئاب.
لذلك عندما يزداد التفكير في شيء ما يشكل مصدر ازعاج أكثر للشخص، فيمكن أن يصاب الإنسان بتشتت في الانتباه وصعوبة التركيز، فيصبح الفرد شاردًا لأوقات طويلة، وبالتالي تتأثر إنتاجية العمل وتزداد فترات انجاز المهام المختلفة.كذلك يؤدي الضغط النفسي إلى إرسال إشارات خاطئة للمخ، فيمكن أن يقول الشخص شيء عفوي لم يكن يقصد قوله نتيجة عدم القدرة على التركيز الكامل.
بالمقابل يشير اختصاصيون إلى ان النسيان اصبح شائعا بين الناس جراء التغييرات المتسارعة التي تعصف بالعالم، مما يرى الكثير من الناس ان النسيان نعمة في ظل الظروف والاعباء الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة على الفرد. حيث يربط أطباء النسيان بحالة القلق التي يعيشها الشخص والتي تجعله يفكر في أكثر من قضية في آن واحد، فتطفو نسبة التفكير بإحداها على الاخرى.
كما و ان النسيان آفة قد تصيب الانسان في جميع الاعمار حيث ان معظمه يكون طبيعيا قد يحصل في جميع الاوقات نتيجة عدم وجود تركيز لدى الانسان وانشغال عقله في مشاكل عديدة و ان بعض انواع النسيان لا تشكل حالة مرضية. عدا ذلك أن هنالك تمارين لتقوية الذاكرة، بأن التكرار يقصينا عن النسيان، حيث نكرر المعلومة المراد حفظها أكثر من مرة. كلما زاد التكرار كان الاسترجاع أفضل، ويفضل التكرار سبع مرات على الأقل.
التنظيم ضروري
في هذا السياق وجهت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ماري غانم ل greenarea.info عدة نصائح للذين يعانون من ضغط نفسي يترافق معه النسيان مما شددت على اهم نقطة للحل هي تقسيم الاولويات مما قالت :” عادة يحلل عقل الانسان كل مسألة عندما تزيد الضغوطات عليه عندها تتشوش الافكار الى حد الضياع في كيفية تحليل ما يمر به نظرا للضغط الاقتصادي و المالي و مستقبل الاولاد و مستقبلنا و الشيخوخة . لذلك من الطبيعي ازاء الظروف الصعبة التي نعيشها في لبنان نجد عقل الانسان مضغوطا كثيرا مما يكون الحل ان نقسم الاولوليات في حياتنا حتى نخفف كمية الضغط على العقل و بالتالي نزيل عن كاهلنا الاعباء تدريجيا و كلما ازالناها واحدة تلو الاخرى عندها يخف الضغط اليومي الذي نعيشه ونستطيع ان نستوعب بطريقة افضل .بالنهاية نحن شعب اعتدنا على التاقلم انما هذا الاخير لا يساعدنا كثيرا لان الضغط اليومي الذي نعيشه هو جدا كبيرا وفي حال قسمنا كمية الضغط نعود و نتاقلم و نتابع عملنا بشكل اعتيادي و نستمر بشكل طبيعي .”
الصغار لا يتأثرون
في المقلب الاخر اعتبر الاختصاصي في علم النفس التربوي الدكتور احمد العويني ل greenarea.info ان عملية ترابط بين الضغط النفسي و النسيان لا يتأثر بها الصغار في العمر فقط الكبار مما قال :” ما يجب معرفته ان الاولاد لا يتأثرون كثيرا بالضغط النفسي و الذاكرة معا و ان حصل ذلك تمر بمرور الكرام لان طبعهم يتأقلم فورا مع الواقع عكس مما هو عند الكبار حيث يتكبدون كل الضغوطات اليومية فمن الطبيعي ان تتخربط الذاكرة لديهم عندها يحصل النسيان لبعض الامور و من الصعوبة استذكارها .”
معرفة تحديد النسيان
بدورها اوضحت الاختصاصية في الذاكرة كاتيا حبيب ل greenarea.info انه علينا ان نميز بين النسيان نتيجة مرض ما او من تداعيات الكورونا و النسيان الذي يكون عابرا بفعل الضغط النفسي مما قالت : “ما يجب معرفته ان الضغط اليومي الذي نعيشه يؤثر كثيرا على الذاكرة انما صارت الامور مختلطة ببعضها البعض هذه الفترة لان ما رأيته ان هناك اشخاص ايضا يشتكون من هذا الامر بعدما اصيبوا بالكورونا فزاد لديهم النسيان وقلة التركيز بشكل صحيح كل هذه الامور تؤثر على ذاكرتهم فضلا عن الضغط اليومي الذي اثر ايضا على القدرة على الانتباه و الذاكرة ايضا و هذا الامر ليس بجديد واذا زاد حاليا لاننا نعيش الضغط النفسي جدا قوي . الا انه بالمقابل اذا تخلصنا من الضغط اليومي تعود الذاكرة سليمة معافة انما اذا بقيت عكس ذلك تكون عند الاشخاص لديهم استعداد في الاساس ان يصابوا بمشاكل في الذاكرة .”