تتفاعل تأثيرات كورونا وتظهر أكثر فأكثر مع مرور الأيام، وتطال قطاعات غير متوّقعة. آخرها تعطيل تدفقات المهاجرين ، مما أدى إلى تفاقم نقص العمالة الموجود من قبل في قطاعات الزراعة والبناء والرعاية الطبية والشخصية.

تفصيلياً،  دعا تقرير جديد للبنك الدولي إلى تدعيم أنظمة الهجرة الحيوية، لمساعدة منطقة البحر المتوسط على مجابهة الصدمات المستقبلية.

اذ بدءاً من أوائل عام 2020، تسببت جائحة كورونا في تعطيل تدفقات الهجرة المشار إليها بشدّة، حيث اتخذت الحكومات خطوات للحد من انتقال الفيروس، شملت إغلاق الحدود وتدابير الإغلاق العامة.

وبين عشية وضحاها، وجد المهاجرون أنفسهم غير قادرين على السفر للعمل أو مجبرين على الفرار من الصراعات عبر المتوسط.

وأما أولئك الموجودون بالفعل في البلدان المستقبِلة، فقد أصبحوا بين فكي الرحى إما، في الغالب، لانقطاعهم عن العمل أو لمعاناتهم من سوء أوضاع السكن، ونقص الرعاية الطبية والإعانات الاجتماعية. وتوقَّف مؤقتاً حصول الأسر في أرض الوطن على الأموال التي تتعيش منها، والتي يرسلها العاملون بالخارج.

وتجدر الاشارة، الى أن الهجرة تلعب دوراً أساسياً في تحقيق الرفاهة الاقتصادية والاجتماعية في منطقة البحر المتوسط. فمنذ آلاف السنين، يتدفق المهاجرون عبر المناطق المحيطة بالبحر المتوسط هرباً من ضيق المعيشة وبحثاً عن حياة أفضل، وبذلك يساهمون في اقتصادات البلدان المضيفة لهم.

ووفق التقرير  المذكور فإنّه على رغم من هذه الاضطرابات، فقد استمرت حركة الهجرة عبر المنطقة حتى مع التعرُّض لمخاطر أكبر.

وعن ذلك، قال ماورو تيستافيردي، وهو خبير اقتصادي أول في قطاع الممارسات العالمية للحماية الاجتماعية والوظائف بالبنك الدولي والمؤلف الرئيسي للتقرير المعنون: “بناء أنظمة هجرة قادرة على الصمود في منطقة البحر المتوسط: الدروس المستفادة من جائحة كورونا”، “عندما تكون المحرِّكات الهيكلية للهجرة قوية، فإن القيود المفروضة على التنقُّل لا تؤدي بالضرورة إلى وقف تدفقات الهجرة، بل تزيد على الأرجح من المخاطر التي يتم التعرُّض لها في طريق الهجرة.”

أدى تعطل قدرة المهاجرين على التنقُّل بسبب الجائحة إلى تفاقم نقص العمالة الموجود، من قبل على جميع مستويات المهارات في قطاع الزراعة، وصناعة البناء، والمهن الطبية، وخدمات الرعاية الشخصية في بلدان البحر المتوسط المستقبِلة للمهاجرين.

بحيث قالت آنا بيردي نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة أوروبا وآسيا الوسطى: “يعيش ربع المهاجرين على مستوى العالم في منطقة البحر المتوسط المُوسَّعة. وقد عانى المهاجرون من آثار صحية أكبر من جراء جائحة كورونا وواجهوا اضطرابات كبيرة في أوضاع التشغيل تفاقمت حدتها بسبب محدودية تغطية برامج الرعاية الاجتماعية”.

في الجهة المقابلة، أدت القيود المفروضة على التنقُّل إلى زيادة المخاطر، التي يتعرَّض لها الأشخاص الذين يختارون الهجرة أو المضطرون إليها. وقد أفاد المهاجرون في غرب وشمال أفريقيا بزيادة الاعتماد على المهربين، الذين يطلبون أموالاً أكثر ويسلكون مسارات أشد خطورة، مع تعرُّض المهاجرات أيضاً للعنف الأسري والاستغلال الاقتصادي.

كذلك ارتفع عدد الأشخاص الذين سلكوا مسار البحر الأشد خطراً للوصول إلى أوروبا – من شمال أفريقيا إلى إيطاليا – بنحو ثلاثة أمثال في عام 2020 مقارنةً بعام 2019.

ومقارنةً بالسكان المحليين، واجه المهاجرون الموجودون بالفعل في البلدان المستقبِلة لهم آثاراً صحية أكبر مرتبطة بالجائحة – مع زيادة حالات الإصابة ودخول المستشفى والعلاج داخل وحدات العناية المركَّزة ومعدل الوفيات بينهم – بسبب أوضاع التكدُّس في السكن، والعمل في المهن التي تتطلب التواصل المباشر مع الناس، فضلاً عن محدودية أو قلة الحصول على الرعاية الصحية الكافية.

ولا تقتصر هذه المعاناة على الننطاق الاجتماعي، بل أيضاً على صعيد العمل حدث العديد من التغيرات، اذ عانى المهاجرون أيضاً من اضطرابات كبيرة في أوضاع العمل، حيث انخفضت معدلات التشغيل بينهم بدرجة أكبر منها بين السكان المحليين في عام 2020، ما أدى إلى توقُّف مؤقت في التحويلات التي يرسلها المهاجرون إلى أسرهم في بلدانهم الأصلية. بالإضافة إلى انتكاسات كبيرة على صعيد الاندماج والتعليم في بلدانهم الجديدة.

 

في الختام، نوّه التقرير بما اتخذته البلدان في منطقة البحر المتوسط، من خطوات لتحسين إدارة تدفقات الهجرة في أثناء الجائحة، مثل تسريع إجراءات الهجرة وتوسيع نطاق تغطية الخدمات والإعانات الاجتماعية الأساسية.

كذلك قدّم بعض التوصيات بتحسين التنسيق بين البلدان، المُرسِلة للمهاجرين والمستقبِلة لهم في جميع مراحل دورة الهجرة.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This