حذّر علماء المناخ من “عواقب وخيمة” تهدد الحياة البحرية والبيئة في بلدان حوض المتوسط، إثر سلسلة موجات الحرّ الشديد التي تعصف بمحيطات العالم.
وقال علماء إنهم سجّلوا ارتفاعات استثنائية في درجات الحرارة تتراوح من 3 إلى 5 درجات مئوية أعلى من المعدل الطبيعي لهذا الوقت من العام.
وتجاوزت درجات حرارة الماء بانتظام 30 درجة مئوية في بعض الأيام.
وتصدّرت درجات الحرارة الشديدة في أوروبا ودول أخرى حول البحر المتوسط عناوين الأخبار هذا الصيف “لكن ارتفاع درجة حرارة البحر لم تُثِر كثيرين” وفق ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” عن العلماء.
وموجات الحرارة البحرية أطول وأكثر تواتراً وشدّة “بسبب تغيُّر المناخ الذي يسببه الإنسان” يقول تقرير الوكالة.
وقال يواكيم جارابو، الباحث في معهد علوم البحار في برشلونة، إن الوضع “مقلق للغاية… نحن ندفع النظام الطبيعي بعيداً جداً، علينا اتخاذ إجراءات بشأن قضايا المناخ في أقرب وقت ممكن”.
وجارابو، وهو واحد من فريق من العلماء، نشر مؤخرا، تقريراً عن موجات الحرّ في البحر المتوسط بين عامي 2015 و2019.
ويشير جارابو إلى أن البحار تخدم الأرض من خلال امتصاص 90 في المئة من الحرارة الزائدة، و30 في المئة من ثاني أوكسيد الكربون المنبعث في الغلاف الجوي عن طريق إنتاج الفحم والنفط والغاز، ويحمي تأثير امتصاص الكربون كوكبنا من تأثيرات مناخية أكثر قسوة.
وقال جاربو إن هذا كان ممكناً لأن المحيطات والبحار كانت في حالة جيدة وأضاف: “لكننا الآن دفعنا المحيط إلى حالة مختلّة وظيفياً”.
ويقول التقرير إن هذه الظواهر أدّت إلى “نفوق هائل” للأنواع البحرية، وتأثُّر حوالي 50 نوعاً من الحياة البحرية، بما في ذلك الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية، على طول آلاف الكيلومترات من سواحل البحر المتوسط، وفقاً للدراسة التي نُشرت في مجلة “غلوبال تشاينج بايولوجي”.
والوثيقة لفتت إلى أن الوضع في شرق حوض البحر المتوسط مريع بشكل خاص.
من جهته، صرّح جيل ريلوف، عالِم الأحياء البحرية في معهد أبحاث علم المحيطات والبحيرات في إسرائيل، وأحد مؤلفي الورقة البحثية، بأن المياه قبالة إسرائيل وقبرص ولبنان وسورية هي “النقطة الأكثر سخونة في البحر المتوسط”.
ومتوسط درجات حرارة البحر في الصيف يزيد هناك باستمرار عن 31 درجة مئوية.
وقال إن ارتفاع درجة حرارة البحار يدفع العديد من الكائنات إلى حافة الهاوية، “لأنه يتم تجاوز درجة الحرارة المُثلى في كل صيف”.
وفي حين أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على الأرض يجب أن تنخفض بشكل كبير إذا أُريد الحدّ من ارتفاع درجة حرارة البحر، يبحث علماء المحيطات على وجه التحديد عن سلطات لضمان حماية 30 في المئة من المناطق البحرية من الأنشطة البشرية، مثل صيد الأسماك، مما يمنح الأنواع فرصة للتعافي ثم التكاثر.
يُذكر أن حوالي 8 في المئة من مساحة البحر المتوسط محمية حالياً.
وتحدث موجات الحرّ عندما يستمر الطقس الحارّ بشكل خاص على مدى عدد محدد من الأيام، دون هطول أمطار أو رياح قليلة.
وتساعد موجات حرارة الأرض في إحداث موجات حرارية بحرية ويميل الإثنان إلى “تغذية” بعضهما البعض في دائرة دافئة.
وأصبحت موجات حرارة الأرض شائعة في العديد من البلدان حول البحر المتوسط، مع آثار جانبية دراماتيكية مثل حرائق الغابات والجفاف وخسائر المحاصيل وارتفاع درجات الحرارة بشكل خطير.
ويقول العلماء إن موجات الحرارة البحرية قد يكون لها أيضاً عواقب وخيمة على البلدان المطلة على البحر المتوسط، وأكثر من 500 مليون شخص يعيشون هناك، “وإذا لم يتم التعامل معها قريباً، سوف يتم استنفاد مخزون الأسماك وستتأثر السياحة سلباً، حيث يمكن أن تصبح العواصف المدمّرة أكثر شيوعاً على الأرض”. (عن “أسوشيتد برس”)