مع كل غروب للشمس، كانت أسراب من آلاف الغربان تهبط في مدينة سانيفيل بكاليفورنيا لتحتل أشجار ساحات وسط المدينة، مما كان يسبب إزعاجاً كبيراً للسكان نتيجةً للضجيج الذي تثيره أثناء تحليقها حول قمم الأشجار حيث ستجثم طوال الليل. على الرغم من ترحيب أو اعتياد البعض على هذا المشهد اليومي، لكنه أصبح مصدراً لشعور العديد من أصحاب الأعمال في المدينة والسكان بالإحباط الشديد، وفقاً لما نشره موقع مؤسسة Audubon المعنية بالرفق بالطيور المهاجرة.

وفي هذا السياق قالت جينيفر غارنيت، مسؤولة الاتصالات في مدينة سانيفيل إن “الغربان صاخبة للغاية، وتتسبب فضلاتها وريشها في حدوث فوضى كبيرة. وقد تلقى أعضاء مجلس مدينة سانيفيل العديد من الشكاوى من السكان والشركات وأصحاب الأعمال بسببها”.

محاولات باءت بالفشل

وأضافت غارنيت أن تزايد خروج السكان لتناول الطعام في الهواء الطلق أثناء جائحة كورونا أدى إلى وصول أعداد أسراب الغربان إلى أرقام قياسية، مشيرةً إلى أن محاولات ردع الغربان الأولى باءت بالفشل، حيث حاولت البلدية استخدام الصقور المدربة. ثم حقق استخدام الألواح العاكسة للأضواء، التي تهدف إلى إرباك قطعان الغربان، نجاحاً محدوداً.

لذا قرر القائمون على حملة ردع أسراب الغربان استخدام أداة غير مكلفة، هي مؤشر الليزر. واستمرت حملة مطاردة الغربان باستخدام مؤشرات الليزر ثلاثة أسابيع، حيث استخدم موظف مدرب تابع لمجلس المدينة جهاز ليزر أخضر محمولا باليد. ولمدة 30 دقيقة عند الغسق، كان الموظف يضيء مؤشر الليزر في ساحة وسط المدينة حيث كانت تبدأ الغربان في الاستقرار في المساء. وكان الهدف من هذه التجربة هو إخافة الغربان كل ليلة حتى تتشتت في النهاية إلى الأبد.

وحققت هذه الطريقة المبتكرة النجاح، حيث قالت غارنيت: “يبدو أن مؤشر الليزر يحقق نتيجة إيجابية”، معربةً عن بعض المخاوف من أن “الغربان بالغة الذكاء ومن المرجح أن تعود عندما يختفي الرادع”.

الغربان في المناطق الحضرية

وتزايدت أعداد الغربان في المناطق الحضرية في العقود الأخيرة، ونتيجة لذلك، حاول المزيد من المدن والبلدات تثبيطها من خلال استخدام مجموعة متنوعة من الأساليب، من بينها مؤشرات الليزر. وثبت أن لون الليزر الأخضر يكون الأكثر فاعلية لساعات المساء، حيث يتشتت الضوء في الغلاف الجوي وينتج شعاعاً أقوى يكون مرئياً بشكل أكبر في السماء، علاوة على أن هذه الوسيلة الرادعة تعتبر آمنة.

وقد توصلت دراسة أجريت عام 2002 من قبل المركز القومي لبحوث الحياة البرية التابع لوزارة الزراعة الأميركية، إلى أن أشعة الليزر ذات الطول الموجي المنخفض إلى المتوسط يمكنها تشتيت الطيور في ظروف الإضاءة المنخفضة مع عدم إلحاق “أي تهديد للحيوان وللطيور أو البيئة”.

وفي هذا السياق شرح كيفن ماكغوان، المدرب وخبير الغربان في مختبر كورنيل لعلم الطيور، أن الليزر الأخضر ينشئ “حركات وامضة” غريبة على البيئة الطبيعية للغربان. كما رأى أن الليزر لا يمكن أن يكون حلاً منفرداً، مشيراً إلى أنه يمكن أن يعمل بشكل أفضل مع الاستعانة بالألواح العاكسة للأضواء الأخرى.

ويقول الخبراء إن التوقيت يمكن أن يكون مهماً لنجاح مهمة طرد الغربان. ويُعتبر الليزر أكثر فاعلية في بداية فصل الشتاء، أي في غضون أيام قليلة من تكوين أسراب الغربان.

من جهته، قال جون غريفين، كبير مديري برامج الحياة البرية الحضرية في جمعية الرفق بالحيوان بالولايات المتحدة، إن الغربان مخلوقات ذكية، موضحاً أن “إبعادها يصبح أكثر صعوبة كلما طالت مدة بقائها في منطقة ما”.

وبحلول فصل الربيع تهاجر الطيور إلى مكان آخر، لكن سيعود العديد منها إلى نفس المدينة في فصل الشتاء، ويزداد عددها سنوياً، لذا قد يكون التكيف مع مشهد أسراب الغربان هو الأكثر واقعية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This