عجيب غريب ان لا يفقد اللبناني اعصابه في بلد لا يؤمن له شيء فلم يعد بحاجة الى دراسة لتكشف ان الشعب اللبناني في المرتبة الاولى الاكثر غضبا و هو اعلى معدل مسجل في العالم . فلا الطبابة مؤمنة و لا الحياة الكريمة متوفرة حتى اذا مرض ليس فقط لا يملك المال المحاصر في المصرف بل لا يجده فاذا لا يمت موتة ربه يموت فقع من القهر اليومي و غلاء المعيشة فمن الطبيعي ان تجده دائما غاضب و الهجرة في احلام عيونه كوسيلة للهروب من واقع مرير لا يمكن اختزاله باسطر .فما هو تعليق خبراء في علم النفس و الاجتماع حول تداعيات الغضب عند اللبناني في المستقبل القريب ؟ كيف فسروا الرقم المتصاعد في الغضب و خلفياته في الدراسة الاخيرة التي كشفت المستور ؟
الغضب اللبناني في دراسة و تحليل نفسي
اخر ما تطلعنا الدراسات العلمية ستاتيستا تقريرغالوب نشرت عن العواطف العالمية لعام 2021 المختص بقياس المشاعربما في ذلك مستويات الغضب في أكثر من 100 دولة حول العالم، عن النصف الثاني من العام 2021 وبداية العام 2022.
وبحسب التقرير، فقد احتل لبنان المرتبة الأولى في قائمة أكثر الشعوب غضباً تليه تركيا ثم أرمينيا ليأتي العراق رابعاً وأفغانستان خامساً. ووجد غالوب أنّ 49 % من الناس في لبنان، قد عانوا من الغضب في اليوم السابق للاستطلاع، وهو أعلى معدل مسجّل في أي مكان في العالم.
و هناعلقت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة شارلوت خليل حول ما اعلنته الدراسة عن الغضب بانها يجب ان تكون اكثر دقة معبرة عن رأيها عبر ل greenarea.info :”لقد قرأت عن الدراسة الاخيرة التي اعلنت ان الشعب اللبناني الاكثر غضبا انما افضل ان تكون الارقام اكثر موضوعية ولكن لا غرابة في ذلك لان اصلا الشعب اللبناني غاضب واذا كان اليوم يزيده لان الاحباط و التوتر يرتفعان كون اللبناني لا يعرف ماذا يخبىء له في المستقبل . فالضغط النفسي الذي يعاني منه اللبناني على المدى الطويل سيؤدي الى ردات فعل قاسية يعبر عنها بغضب نحو الاخر او نحو الذات و تترجم امام حوليه و مع نفسه ايضا .”
بدورها رأت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ديزيريه قزي ان لا عجب ان يكون اللبناني غاضب طالما الاولويات غير متوفرة مما قالت ل greenarea.info :”طبعا ان يكون اللبناني غاضب لان اخذوا امواله و حرموه من العيش الكريم و من الادوية و الاستشفاء عدا تهجير اولاده .لذلك من الطبيعي ان نجد الشعب اللبناني بحالة غضب لا يتحمل اي كلمة تقال له و ان يكون لديه غضب ضد السلطة لانها لم تحميه و لم تحم اولاده و هذا هو الاساس .”
بالمقابل عبر الاختصاصي في علم النفس الدكتور احمد عويني عن رأيه عبر ل greenarea.info ان النقمة ارتفعت عند اللبناني بفعل المعاناة التي يعاني منها يوميا مما نجده دوما غاضب فقال :” ان الغضب او النقمة اي الاستياء من الواقع الذي يعيشه الانسان بعدما تبين ان اكثر شيء يؤلمه تلك الاحوال الاقتصادية و الامنية فالامنية هناك استقرار نوعا ما اما الحالة الاقتصادية فهي جدا صعبة حتى الغني يعاني ان امواله اخذها البنك ولا يعطيه اياه و الفقير يعاني من كثرة الغلاء المخيف و غير قادر ان يستمر لان كل شيء بات متداول بالدولار مما نجده غاضب على الطبقة السياسية و في الوقت نفسه كيف اعيد انتخابها بالنهاية هناك نقمة على الوضع في لبنان لان كل واحد عنده سيناريو لتفسيره بالنهاية الغضب من الذل و التقنين حتى من المولدات و بلا كهرباء و البنزين ايضا ينقطع كل ذلك يولد نقمة مخيفة قد تؤدي الى الانفجار اجتماعي و انما ليس بسهولة تنفيذه في لبنان.”
المجتمع كله تغير
في المقلب الاخروصفت الاختصاصية في علم الاجتماع الدكتورة جويل سمعان ان اللبناني مخنوق من كل الاتجهات بفعل الضغوطات اليومية التي يتعرض لها جعلته قلق على مستقبله مما قالت ل greenarea.info :”من ناحية الاجتماعية ان “الخنقة” التي يعيشها الناس لا يستطيعون تحملها لذلك من الطبيعي اذا اجريت دراسة تكشف فيها ان يكون اللبناني الاكثر غضبا نتيجة الضغط النفسي الذي يتعرض له انما الجدير ذكره هنا ان هذا الضغط ليس مثلما نعرفه عادة بانه ضغط من العمل او سواه انما الذي حصل حاليا بات اضيق بكثير اي بمعنى صار الضغط النفسي كيف نؤمن الخبز او البنزين او غيره من الحاجات اليومية لكي يستطيع التنقل الى عمله ويستمر حتى صار تفكيرنا في دائرة اصغر بكثير من الضغط النفسي الذي كنا نعرفه سابقا.”
و تابعت الدكتورة سمعان :” عندما نقول ان ليس عندنا تامين و الدولة لا تؤمن لنا لا مياه و لاكهرباء عندها يزداد الاختناق عند اللبناني و نسبة الضغط النفسي ترتفع لديه لدرجة بات يتحرك متل الروبو غيرواعيا عما يقوم به لا يفكر في المستقبل فقط همه كيف يؤمن معيشته اليومية حتى دراسة اولاده باتت ثانوية له لان المهم ان يؤمن كلفة اول سنة من الدراسة وبعد ذلك يفكر اذا سيستمروا باي جامعة . انطلاقا من ذلك صار الضغط النفسي على غير مستوى و الحبل الذي يلفه على الرقبة اضيق بكثير لهذا لم نعد نعرف كيف سنستمر حتى الاشخاص الذين كانوا يشعروا مع بعضهم لم يعدوا كذلك لان اجرة العمل على حالها لم تتغير مع العلم ان كل المدفوعات وفق سعر الصيرفة بالوقت نفسه على سبيل المثال الشخص المتعلم او اي موظف او استاذ مدرسة مازال وضعه على حاله من الناحية المادية تلك الفئة من الناس الذين يشكلون نسبة كبيرة من الشعب اللبناني لم يعدوا كذلك بمعنى استاذ مدرسة باع سيارته لكي يستطيع تامين قوتا لاولاده و بعد ذلك لم يعد يملك اي شيء لكي يكمل حياته بكرامة مما جعل ذلك ان لا احد يفكر بالمستقبل حيث بات التفكير يؤمن حاجاته اليومية .”