في عز الازمات وحدهم الاطفال يدفعون الثمن الكبير الى درجة يتزعزع تفكيرهم فيفقدون ثقتهم باهاليهم لانهم لم يحققوا مطالبهم مثل قبل بفعل الازمة الخانقة التي زعزعت كيان العائلة بعد تدهور الثقة بين الاولاد و اهلهم في استعمال العبارة “ما بقى صدقكم بتوعدوا ما بتوفوا .” انها من بين العبارات التي غالبا ما نسمعها في المنزل حيث صار الاهل مغلوبين على امرهم عاجزين امام اولادهم في تأمين لهم ما يشاؤون حيث رفعت اليونيسف تقريرا ما شاهدته عن اطفال لبنان بانهم فقدوا ثقتهم باهاليهم نظرا للظروف الصعبة . فما هو راي ذوي الاختصاص في علم النفس في تحفيز العلاقة مع الاطفال و اهاليهم ؟
الثقة المفقودة
في هذا الاطار تحدثت باسهاب الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ديالا عيتاني عبر ل greenarea.info بان حالة التوتر و الضغط النفسي و التشنج عوامل اضافية لتزيد الطين بلة في طبيعة العلاقة بين الاهل و ابنائهم مما قالت : “ان فقدان ثقة الاولاد بانفسهم و باهلهم يعود الى عدة امور منها ان الاهل يعيشون دوما الضغط النفسي و بحالة توتر و تشنج مستمر فقدوا راحة البال و القدرة على سماع لاولادهم نتيجة الوضع السيء فيزيد هذا الامر سلبية في المنزل مما تولد ثورة سريعة من الابناء على الاهل. عدا ذلك هناك اهل عودوا الاولاد على نمط حياة معينة منها السفر و غيره وفجأة توقف كل شيء وحسب عمرالولد ليستوعب بما يحصل حوليه انما كل ما يفهمه انه كان يحصل على ما يريده وفق ما وعودوه اهله و اليوم لم يعد يحقق اي شيء مما يؤثر ذلك على العلاقة بينهما عندها ينتج عدم الثقة اثر توقف النشاطات عنه فزاد الامر تعقيدا الى درجة السخرية و الاستهتار باهله رافعا صوته في وجههم “ما بقى صدقكم.”
و اضافت الدكتورة عيتاني :” ان المشكلة تكمن ان الاهل لا يتفهمون ولدهم وفق عمره فيضع الاخير اللوم عليهم بشكل كبير بعدما فقد الحياة الرفاهية وشعربالضياع و زادت عنده المشاعر السلبية حيث يردد تلك العبارة امام اهله “بوكرا بتغيرو رايكم بتوعدو ما بتوفو” مما يؤثر على العلاقة مع الاهل لم يعرفوا العمل مع ولدهم مما زاد الجو توترا و الكثير من الضغط و القساوة و نوع من السخرية لان ما حصل هو انكسار للوعد و تغيرات مفاجئة وصدمة كبيرة على الاهل و على الولد معا . كل ذلك لان ليس هناك راحة بال لكي يعطي الاهل وقت للتربية عدا ذلك ليس هناك من جو مريح في العائلة لكي يربى الولد بشكل صحيح. لذلك باتت المسالة تحتاج الى جهود جدا مهمة من مساعدة الاهل و المدرسة و المعلمات و الدولة اي تضافر الجهود للمساعدة اكثر. انما في الواقع الامر عكس ذلك بدل ما تجمع الازمة نجد العكس هناك الانانية مما اثر هذا الشيء على نمط الحياة لكي يكون هناك تغيير نحتاج الى وعي و ثقافة و دولة فاعلة .”
عجز الاهل
في المقلب الاخر اعتبرت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ماري غانم عبر ل greenarea.info ان عجز الاهل في تأمين حاجات ابنائهم جعل من اساس العائلة تتزعزع مما قالت :”امام هذا الوضع المتردي بكل اسف نجد الاهل “اكلين الضرب” بعدما كانوا بالنسبة لابنائهم الامان و الاستقرارلبناء شخصيتهم مستقبلا و اليوم بات الامر معاكسا اذا ان الازمة التي نعيشها جعلت من الاهل عاجزين في تأمين الضروريات لاولادهم التي هي الامان و الاستقرار و بالتالي فقدوا ثقتهم باهاليهم على امل ان لا نذهب الى الاسوء بمعنى ان يؤمن الاولاد امانهم و هذا جدا صعب للغاية عندها نقع بامراض نفسية و مضادة للمجتمع اي يسعون الى تأمين حقهم حتى لو كان الامر غير قانوني غير ابهين بقانون الاهل في ظل غياب السلطة الابوية لتصحح المجتمع كله .”
و الجدير ذكره وفق الدكتورة غانم :”ان الجميع يحاول ان يقلع “شوكه بيديه” حتى الاهل عندما كانوا يؤمنون الامان و الاستقرار باتوا اليوم عاجزين عن ذلك مما يذهب الاولاد نحو شخصية مضادة للمجتمع او يستسلمون الى الانهيار النفسي و الاكتئاب او العكس تماما الى شخصية متعلقة بالحياة من خلال الهجرة . لذلك دور الاهل مهم في المحاولة المستمرة بتأمين السلطة و الامل لان لا نستطيع وضع ضغط اضافي عليهم كونهم يشعرون انهم عاجزون لا يستطيعوا العمل اكثر من قدرتهم فهم يعيشون الاحباط غير قادرين في تأمين ما يريدونه ابنائهم في الوقت نفسه .”
اليونيسف تحذر
.أظهر تقرير اليونسيف حول فقر الأطفال، معتمدا تقييما سريعا أن الأطفال يدركون تماما تأثير الأزمة على حياتهم وتطلعاتهم وعلى مسار الدولة. فتلاشت أحلامهم بمستقبل أفضل في لبنان وأصبحوا يعتقدون أن الهجرة هي الأمل الوحيد.أدى تضافر مختلف أنواع الحرمان وأشكاله، والتعرّض المستمرّ لتأثيرات الأزمة الإقتصادية الشديدة وفقدان الأمل، الى التأثير بقوّة على صحّة الأطفال النفسية الذين أصبحوا يعجزون، في معظم الحالات، عن الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها.
في موازاة ذلك، يشعر الأطفال بالإحباط، بعدما فقدوا الثقة في الوالدين لعدم قدرتهما على تلبية إحتياجاتهم الأساسيّة، ما يؤدي بدوره الى زيادة التوترات داخل العائلات. وأصبحت العلاقات التقليدية بين الطفل ووالديه، مع تزايد إرسال الأطفال الى العمل وبطالة الأهل المتمادية، في خطر. العلاقات التقليدية بين الجهتين أصبحت هشّة ومعرضة للدمار.أدّت التوترات المتصاعدة- التي عززها الإنقسام الحاد في الآراء والتوجهات داخل المجتمع نفسه وبينه وبين المجتمعات الأخرى- الى ارتفاع نسبة العنف في المنازل والمدارس. وهذا ما أدى الى جعل الأحياء والشوارع غير آمنة، ما منع الطفل من ممارسة حقّه في اللعب، وتضررت الفتيات بشكل كبير من ذلك فقد جرى تقييد حريتهن في مغادرة منازلهنّ بشكلٍ متزايد خوفا عليهنّ من التعرض للمضايقات.
في هذا الاطار علق ممثل اليونيسف في لبنان إدوارد بيجبيدر: “تؤثر الأزمة المتعددة الأبعاد على حياة الأطفال من مختلف جوانبها، فيكبر هؤلاء من دون طعام كاف ولا رعاية صحيّة مناسبة ويضطرون، في حالات عديدة، الى العمل لإعالة أسرهم. إنّ الإصلاحات الجديّة والحاسمة ضرورية لحماية مستقبل الأطفال. يجب على الحكومة تنفيذ تدابير الحماية الإجتماعية العاجلة، وضمان وصول كل طفل الى التعليم الجيّد، وتعزيز الرعاية الصحيّة الأوليّة وتوفير خدمات حماية الطفل”.
و اضاف بيجبيدر:” ان المشكلة”تتطلب مواجهة تأثيرات الأزمة المتعددة الأبعاد على حياة الطفل، إستجابة متعددة الأبعاد ترتكز على تعزيز نظام الحماية الإجتماعية في لبنان، ومن شأن ذلك ضمان حماية الحقوق الأساسية للأطفال الضعفاء. وهذا معناه زيادة الوصول الى الخدمات الإجتماعيّة وتوسيع نطاق المساعدة الإجتماعية وتقديم المنح الإجتماعيّة للعائلات الأكثر ضعفا”.