يبحث العلماء في تأثيرات الأرصاد الجوية لتغيُّر المناخ بشكل نموذجي، من خلال الزيادات في الطقس القاسي والأعاصير، والآن، يدرسون عاقبة أخرى للاحترار العالمي، والتي ستكون لها تداعيات اقتصادية كبيرة، وهي «الجفاف».
وطوّر باحثون في مختبر «أرغون الوطني» التابع لوزارة الطاقة الأميركية، طريقة جديدة لتقييم احتمال حدوث ظروف جفاف شديدة في عدة مناطق مختلفة خلال الفترة المتبقية من القرن، وتم الإعلان عنها (الأربعاء) في دورية «ساينتفيك ريبورتس».
وباستخدام هذه الطريقة، استناداً إلى نماذج مناخية إقليمية مفصّلة للغاية، وجدوا أن حالات الجفاف من المحتمل أن تتفاقم بسبب الاحترار العالمي، وهذه النتيجة مرجحة بشكل خاص في مناطق مثل الغرب الأوسط وشمال غربي الولايات المتحدة ووادي كاليفورنيا الأوسط.
يقول راو كوتامارثي، عالم البيئة في أرغون ومؤلف الدراسة الجديدة: «من المرجح أن يكون لتفاقم موجات الجفاف المتوقعة نتيجة للاحترار العالمي عواقب وخيمة من حيث فقدان المحاصيل، وحرائق الغابات، والطلب على موارد المياه».
وعند النظر في التوقعات المستقبلية للجفاف على مدى الفترة المتبقية من القرن، يعتقد الباحثون أن التقنية الجديدة يمكن أن تساعدهم على فهم أحداث «الجفاف السريع» التي لها فترة بداية سريعة قد تكون أقصر من أسابيع قليلة.
يقول كوتامارثي: «حالات الجفاف المفاجئة، كما يوحي اسمها، تحدث بسرعة كبيرة، وفي حين أن حالات الجفاف التقليدية مرتبطة بنقص هطول الأمطار لفترة طويلة، فإن موجات الجفاف المفاجئة تحدث بسبب ارتفاع درجات الحرارة ومعدلات التبخُّر العالية للغاية».
وعلى عكس الأعاصير، التي لها مقياس تصنيف صارم، يستخدم العلماء منهجيات مختلفة لتصنيف حالات الجفاف، وتتراوح هذه من تقارير المزارعين إلى حالات نقص هطول الأمطار الملحوظة لتقييم المناطق التي كانت تعاني من الجفاف.
يقول كوتامارثي إنه في بعض مناطق البلاد التي تعاني عادة من انخفاض هطول الأمطار إلى حدٍ ما، مثل جنوب غربي الولايات المتحدة، قد لا يكون نقص هطول الأمطار كافياً لتمثيل تأثير الجفاف بشكلٍ كافٍ.
وبدلاً من استخدام نقص هطول الأمطار لتحديد الجفاف، تحوّل الباحثون إلى مقياس جديد يسمى «عجز ضغط البخار» أو«VPD»، ويتم حسابه على أساس مزيج من درجة الحرارة والرطوبة النسبية ويتكوّن من الفرق بين كمية بخار الماء التي يمكن أن يحملها الهواء عند التشبع والكمية الإجمالية لبخار الماء المتاح.
يقول براندي غايملين، عالم البيئة في مختبر «أرغون» في تقرير نشره الموقع الرسمي للمختبر بالتزامن مع الدراسة: «يمكن أن تعني فترة طويلة من (عجز ضغط البخار) أعلى من المتوسط حدوث جفاف، ونحن ننظر إلى الجفاف بشكل مختلف عن طريق تجاوز هطول الأمطار تماماً، وللنظر في المقام الأول في تأثير درجات الحرارة والتغيُّرات المستقبلية في درجات الحرارة على الجفاف».
ونظراً لأن كمية الماء التي يمكن للهواء أن يحتفظ بها تعتمد على درجة حرارته، فإن الهواء الأكثر سخونة يكون عادةً أعلى في حساب «عجز ضغط البخار» من الهواء البارد. يقول غايملين: «يحتفظ الهواء البارد برطوبة أقل من الهواء الساخن، لذا كلما زادت درجة حرارة الهواء، زاد بخار الماء الذي يمكن أن يحتفظ به، مما قد يؤدي إلى سحب الرطوبة من السطح وتجفيفه».
ونظراً لأن مؤشرات مراقبة الجفاف الحالية تعتمد على البيانات الأسبوعية أو الشهرية، فإنها تمثل عادةً مؤشرات متأخرة عن حالات الجفاف الفعلية.