تتأثر المنطقة العربیة، مثلها مثل باقي دول العالم، كثيرًا بتداعیات تغیرُّ المناخ. ففي العقدین الأخیرین، ارتفع متوسط درجة الحرارة بمقدار 0.8 درجة مئویة في المتوسط، ویتُوقَّع أن تزید بمقدار 4.8 درجة مئویة بحلول نهاية القرن.
كذلك تؤثر موجات الجفاف والحَرّ وحرائق الغابات، والعواصف الرملية والترابية وارتفاع مستوى سطح البحر والفياضانات المفاجئة على الصحة والمسكن، وسبل العيش والطبيعة في المجتمعات الحضرية والريفية والساحلية على حدّ سواء.
في هذا السياق، كرّرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، الدعوة لتسريع العمل المناخي من خلال الضغط من أجل تمويل أفضل للمناخ في المنطقة، وذلك خلال المنتدى الإقليمي العربي بشأن تمويل العمل المناخي، استعدادًا للدورة 27 من مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ.(COP 27)
وتجدر الاشارة، الى ان المنتدى الإقليمي العربي بشأن تمويل العمل المناخي، هو واحد من خمسة منتديات إقليمية تنظَّم في سياق التحضيرات للدورة الـ27 من مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، الذي تنظّمه الرئاسة المصرية للمؤتمر مع روّاد الأمم المتحدة الرفيعي المستوى لتغير المناخ، ولجان الأمم المتحدة الإقليمية الخمس.
غبّر كل من الحاضرين في المؤتمر، عن وجهة نظرهم فيما يتعلق بتمويل تغير المناخ، وقال في كلمته الافتتاحية، الرئيس المعيّن للدورة 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، ووزير خارجية مصر سامح شكري إنّ رؤية الرئاسة المصرية تقضي بأن يعكس المؤتمر التزامها بالانتقال من التعهد إلى العمل فيكون عنوانه التنفيذ، حيث تصبح الالتزامات فورية وفعّالة. وأضاف: بذلك، ننتقل بسرعة نحو خطوات كاملة وآنية وشاملة على الأرض، عبر ترجمة الاتفاقيات والتعهدات إلى مبادرات حسية، فنستفيد إلى أقصى حدّ من قصص النجاح ونعمّمها لكي نواجه مخاطر تغيّر المناخ.
فيما دَعت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، البلدان إلى الوفاء بالتزاماتها، وقالت في رسالة مسجّلة إن المطلوب من البلدان المتقدمة أن تؤمّن 100 مليار دولار سنويًا كما وعدت، وتُضاعف تمويل إجراءات التكيف ليصل المبلغ إلى 40 مليون دولار، على النحو الذي تم الاتفاق عليه في مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ الـ26 في جلاسكو.
وأضافت أنه يمكن للأدوات المالية المبتكرة أن تساعد كثيرًا في هذا المجال، بما في ذلك المبادرات المختلفة مثل الآلية التي وضعتها الإسكوا لمقايضة الديون بتمويل العمل المناخي، وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة وتآزر المانحين.
من جهته، قال “رائد المناخ” والمبعوث الخاص لتمويل خطة عمل الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 ، محمود محيي الدين إن العمل الإقليمي المشترك من شأنه التغلب على معوقات تمويل وتنفيذ العمل المناخي في ظل التحديات العالمية الراهنة. ووصف محيي الدين تمويل العمل المناخي بأنه غير كافٍ ويستغرق وقتًا طويلًا، وهو غير عادل لأن الدول الأكثر تضررًا من ظاهرة التغير المناخي مطالبة بسداد فاتورة أزمة ليست سببًا فيها، كما أنها تحصل على النصيب الأقل من التمويل اللازم لتحقيق أهداف المناخ لديها.
بدورها، قالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي إنّ البلدان العربية تلقّت خلال العقد الماضي نحو 34 مليار دولار من التمويل الدولي العام للمناخ، أي ما يقلّ عن 7% ممّا هو مطلوب لتنفيذ المساهمات المحدّدة وطنيًا لأحد عشر بلدًا عربيًا. وأضافت: “المطلوب المزيد من الالتزام بتمويل العمل المناخي، مع تركيز أكبر على التكيف، خصوصًا في قطاعي المياه والزراعة”.
ففي الواقع، لا يزال الأمن المائي والغذائي من العوامل المحفّزة الرئيسية، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وأهداف التخفيف من آثار تغيّر المناخ، والتكيّف معه في المنطقة العربية.