صُمم تلسكوب جيمس ويب، التابع لناسا، للتعرف على الأجسام الموجودة في الفضاء، التي تعود إلى عمر مبكر من الكون أو بعيدة للغاية بحيث تعذر على تلسكوب هابل رصدها.
لكن ورقة بحثية جديدة حذرت من أن تلسكوب جيمس ويب، الذي تصفه ناسا بالأقوى حتى الآن، قد يكون به عيب كبير، حيث أن الآليات التي يستخدمها العلماء لفك تشفير المعلومات الطيفية بعد أن يقوم التلسكوب بإجراء عملية الرصد، قد تكون غير دقيقة.
وتحذر الدراسة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، من أن الأدوات التي يستخدمها علماء الفلك عادة لفك تشفير الإشارات القائمة على الضوء قد لا تكون جيدة بما يكفي لتفسير بيانات التلسكوب الجديد بدقة. على وجه التحديد، قد تحتاج نماذج العتامة – الأدوات التي تمثل كيفية تفاعل الضوء مع المادة كدالة لخصائص المادة – إلى إعادة ضبط كبيرة من أجل مطابقة دقة بيانات جيمس ويب، بحسبما ذكرته الورقة البحثية المنشورة في مجلة Nature Astronomy.
وقد يكون هذا عقبة كبيرة أمام دراسة الكواكب الخارجية، والتي يمكن أن توفر أدلة رئيسية للحياة الموجودة خارج نظامنا الشمسي.
وقال براجوال نيراولا، المؤلف المشارك في الدراسة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن هذه مشكلة كبيرة تحتاج إلى معالجة.
وقال فريق البحث: “حاليا، النموذج الذي نستخدمه لفك تشفير المعلومات الطيفية لا يتوافق مع دقة وجودة البيانات التي لدينا من تلسكوب جيمس ويب. نحن بحاجة إلى رفع مستوى آلياتنا ومعالجة مشكلة التعتيم معا”.
ويحلل النموذج المعيب المزعوم قياس كمية الضوء التي تمر عبره أو تمتصها المواد والأطوال الموجية التي يحدث فيها ذلك.
ويمتص كل عنصر كيميائي الضوء بشكل مختلف، ما يعني أنه يمكن لعلماء الفلك إعادة بناء التركيبات الكيميائية ونسب هذه المواد الكيميائية باستخدام هذه القياسات.
ويمكن لهذا “الطيف” أن يخبر العلماء عن المركّبات وما هو حجم الكمية الموجودة في الغلاف الجوي للكوكب. وهذا يشمل الغازات والمواد العضوية، والتي قد تكشف عن علامات النشاط البيولوجي. لكن تفسير ذلك بطريقة خاطئة يمكن أن يثبت أهميته.
وقال جوليان دي ويت، الأستاذ المساعد في قسم الأرض بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو مؤلف مشارك آخر في الدراسة، في بيان صحفي: “هناك فرق مهم علميا بين وجود مركّب مثل الماء بنسبة 5% مقابل 25%، ولا يمكن لأي من النماذج الحالية التفريق بينهما”.
وأشار إلى أن نموذج التعتيم المتطور الحالي، والذي قارنه بأداة ترجمة اللغة الكلاسيكية، ما يزال يقوم بعمل جيد في فك تشفير البيانات الطيفية (قياسات الترددات أو الطاقات) المأخوذة بواسطة أدوات مثل تلك الموجودة على تلسكوب هابل الفضائي.
وفي الدراسة، ابتكر العلماء ثمانية نماذج عتامة بديلة. ثم قاموا بتشغيل الأطياف من تلسكوب جيمس ويب من خلال هذه النماذج، ووجدوا أن جميعها قدم تنبؤات مختلفة جدا حول خصائص الغلاف الجوي للكوكب، ولكن يبدو أنها تتناسب جيدا مع البيانات.
وأوضح دي ويت: “وجدنا أن هناك ما يكفي من المعلومات التي يمكن ضبطها، حتى مع نموذج خاطئ، للحصول على ملاءمة جيدة، ما يعني أنك لن تعرف أن النموذج خاطئ وأن ما يقوله خطأ”.
وتوصل العلماء إلى بعض الأفكار التي يمكن أن تحسن نماذج العتامة الحالية، بما في ذلك الحاجة إلى المزيد من التجارب المعملية لتحسين النماذج.
وأوضح دي ويت: “الآن بعد أن ننتقل إلى المستوى التالي بدقة جيمس ويب، ستمنعنا عملية الترجمة من اكتشاف التفاصيل الدقيقة المهمة، مثل تلك التي تحدث الفرق بين كون الكوكب صالحا للسكن أم لا”.
وأضاف الدكتور نيراولا أنه يمكن اكتشاف المزيد إذا كانت النمذجة أكثر دقة، محذرا من أن المعلومات المهمة يمكن أن تضيع بسبب التفسيرات الخاطئة الناتجة عن الخلل غير الدقيق في النموذج.
وتابع: “هناك الكثير مما يمكن القيام به إذا عرفنا تماما كيف يتفاعل الضوء والمادة. ونحن نعلم ذلك جيدا بما فيه الكفاية حول ظروف الأرض، ولكن بمجرد أن ننتقل إلى أنواع مختلفة من الغلاف الجوي، تتغير الأمور، وهذه البيانات الكثيرة عالية الجودة بشكل متزايد، هي ما نخاطر بإساءة تفسيرها”.
وعلى الرغم من العيوب الواضحة في النمذجة، ما يزال العلماء يقولون إن جيمس ويب يمكن استخدامه ليلعب دورا محوريا في الاكتشاف المحتمل للحياة الفضائية.
وفي الواقع، توقع عالم فيزياء فلكية سويسري أن البشرية يمكن أن تكون على وشك اكتشاف حياة خارج كوكب الأرض في غضون 25 عاما، بفضل الاختراقات التكنولوجية الكبرى، مثل تلسكوب جيمس ويب.
المصدر: إكسبريس