تحت عنوان “مع محاولات “ناسا”.. لماذا عاد الاهتمام بالقمر بعد عقود؟”، جاء في موقع “سكاي نيوز عربية” المقال التالي:
“في خضم الصعوبات المحيطة بعملية إطلاق صاروخ ناسا الجديد “العملاق” إلى القمر، برزت العديد من التساؤلات بشأن أسباب الاهتمام بتلك العودة بعد سنوات من الغياب، في الوقت الذي يرى مراقبون أننا ندخل حقبة جديدة من استكشاف القمر.
وعلى ما يبدو أن العالم على وشك التغيير، إذ تخطط الولايات المتحدة لإعادة الناس إلى القمر بحلول عام 2025 وإقامة قاعدة دائمة هناك، أضف إلى ذلك خطط الصين والدول الأخرى، ناهيك عن طوفان المهمات الروبوتية إلى القمر.
يأتي ذلك في الوقت الذي أصبحت المحاولة الجديدة لإطلاق صاروخ ناسا العملاق إلى القمر، المقرر تنفيذها الثلاثاء ضمن برنامج “أرتيميس 1” مهددة بفعل عاصفة تتشكل في منطقة البحر الكاريبي.
وسيشكل تأجيل موعد إقلاع الصاروخ ضربة قاسية لناسا التي سبق أن واجهت مشكلتين منعتاها من إطلاق صاروخها الجديد نحو القمر.
وتأمل المهمة غير المأهولة في اختبار صاروخ “إس إل إس” الجديد بالإضافة إلى كبسولة “أوريون” غير المأهولة على رأسه، استعدادا لرحلات مأهولة إلى القمر مستقبلا.
وجاء في المقال أن هذه الرحلة إلى القمر هي الأولى من نوعها منذ ما يزيد عن 50 عاما منذ رحلة “أبولو”، وهي تندرج ضمن بداية عودة الولايات المتحدة إلى القمر، الذي قد يتيح للبشرية فيما بعد بلوغ المريخ.
لماذا عاد الاهتمام؟
وفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، يجادل مسؤولو ناسا حاليا بأن مهمات القمر أساسية لبرنامج رحلات الفضاء البشرية وليست مجرد تكرار لهبوط أبولو على القمر من عام 1969 إلى عام 1972.
وفي هذا الصدد، قال مدير وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، بيل نيلسون، في مؤتمر صحفي “إنه مستقبل ستهبط فيه ناسا بأول امرأة وأول شخص ملون على القمر، وفي هذه المهام المعقدة بشكل متزايد، سيعيش رواد الفضاء ويعملون في الفضاء السحيق وسيطورون العلوم والتكنولوجيا لإرسال أول البشر إلى المريخ”.
ويعد هذا تغيرا عن عام 2010، عندما ألقى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما خطابا في الموقع الذي انطلق فيه الأميركيون إلى القمر وقال إن ناسا يجب أن تهدف إلى وجهات أكثر طموحا مثل الكويكبات والمريخ والانتقال إلى ما بعد القمر.
ويوضح رئيس بعثة أرتيميس مايك سارافين، إن هذه الرحلات التجريبية ستظهر القدرات التي نحتاجها لهبوط أول امرأة والرجل الثاني على سطح القمر بحلول عام 2024 وتمكين البعثات المستدامة لعقود قادمة.
وتابع المقال، أنه بالإضافة إلى وظيفة المهمة كأساس لاختبار التقنيات اللازمة لرحلة أطول بكثير إلى المريخ، تأمل ناسا أيضا في إطلاق الشركات التي تتطلع إلى إنشاء قاعدة ثابتة تتمثل في نقل المعدات العلمية والحمولات الأخرى إلى القمر، وإلى إلهام الطلاب لدخول مجالات العلوم والهندسة.
ويقول مدير وكالة ناسا: “نحن نستكشف لأن هذا جزء من طبيعتنا”.
ليست ناسا وحدها
وأوضح المقال أن ناسا لا تعد وحدها التي تريد الصعود إلى القمر هذه الأيام، ففي السنوات الأخيرة، نجحت الصين في إنزال 3 بعثات روبوتية على سطح القمر، كما أرسلت الهند ومنظمة غير ربحية مركبات هبوط في عام 2019.
وانتقل الصراع السياسي بين الصين والولايات المتحدة من الأرض إلى الفضاء، إذ يرى مدير وكالة ناسا أن التوسع في طموحات الصين الفضائية، والتي تشمل قاعدة قمرية وفرت أيضًا حافزًا للبرنامج الراهن “أرتيميس”، مضيفا: “يجب أن نشعر بالقلق من أنهم سيقولون: هذه منطقتنا الخاصة”.
ويقول ديفيد كرينج، من معهد القمر والكواكب إننا “كعلماء، نفهم أن القمر هو إلى حد ما حجر رشيد، إذ أنه أفضل مكان في النظام الشمسي لدراسة أصل وتطور الكواكب في النظام الشمسي”، ومع المحاولات اكتشف العلماء أن القمر ليس جافًا كما كانوا يعتقدون.
ومع ذلك، يعتقد مدير الاستكشافات البشرية والروبوتية لوكالة الفضاء الأوروبية، ديفيد باركر، أن أحد أسباب هذا التحول هو أن استغلال القمر قد وصل ببساطة إلى مرحلة تعكس الاستكشافات السابقة على الأرض.
وأوضح “باركر” لصحيفة الغارديان البريطانية، أن الجدول الزمني لاستكشاف القارة القطبية الجنوبية يعكس الجدول الزمني لاستكشاف القمر بطريقة قريبة للغاية، مضيفًا: “في بداية القرن، كان هناك سباق للوصول إلى القطب الجنوبي ثم لم يعد أحد إلى الوراء لمدة 50 عامًا، تمامًا مثل القمر في الستينيات. ثم بدأنا في بناء قواعد في أنتاركتيكا. نقترب الآن من تلك المرحلة باستغلالنا للقمر”.
قاعدة لكل اهتمام الفضاء
وعن الاهتمام العالمي بالعودة للقمر، يقول رئيس قسم الفلك السابق بمعهد البحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، أشرف تادرس، إن هناك اهتماما عالمياً متزايدًا برحلات القمر والذي سيكون قاعدة ثابتة لكل اهتمامات الفضاء خلال العقود المقبلة، بما يمثل أهمية استراتيجية وسياسية ومجالا للتنافس بين القوى العظمى.
وأوضح تادرس لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الاهتمام بالقمر كان منذ فترة طويلة، لكن عامل التكلفة من رحلات القمر والعودة منها كان له تأثير كبير على عدد الرحلات، إذ تكلفت رحلات “أبولو” أواخر الستينات، مليارات الدولارات.
وأشار إلى أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند لها اهتمامات كبيرة برحلات العودة إلى القمر، ومن يضع قاعدة في القمر سيكون له مزيدا من التأثير الدولي على العالم”.