أظهر تقرير متخصص أن هناك تحديات واسعة تواجه النساء العاملات في الأرياف بالأردن تحول دون زيادة مشاركتهن الاقتصادية أو استمرارهن في العمل.
وبين التقرير أن هذه التحديات تتمثل في عدم وجود دخل ثابت أو أيام عمل ثابتة وساعات عمل محددة للعمل، وافتقار عملهن للحمايات الاجتماعية.
كذلك، فإنّ العاملات يشكين رداءة الخدمات العامة المقدمة، وبخاصة خدمة النقل العام وارتفاع كلفها مقارنة بأجورهن المتدنية، وقلة الحضانات ورياض الأطفال لمن لديهن أطفال، وقلة الدعم المقدم لهن أكان مادياً أو معنوياً.
وأشار التقرير، الصادر عن المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الريفية الذي يصادف 15 تشرين أول من كل عام، إلى أن نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية في الأردن لا تتعدى 13.7 بالمئة لعام 2022.
كما أن الأردن في المرتبة 149 بين 153 دولة على المؤشر العالمي للمشاركة الاقتصادية للمرأة، من حيث مشاركة المرأة في القوى العاملة، وفقاً لأرقام منظمة العمل الدولية لعام 2021، وفق التقرير.
وبين التقرير أن معظم النساء في الأرياف يعملن في قطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني، كمصدر رئيس للدخل، والباقي يعملن في قطاعات محدودة مثل التصنيع الغذائي والألبسة والخياطة والسياحة، وأكد أن هذه النشاطات تفتقر إلى معايير العمل اللائق.
وأوضح التقرير أن الدخل أو الأجر الذي تحصّله النساء العاملات في الأرياف وبخاصة في قطاع الزراعة متدن وغالبا ما يكون غير ثابت، لأنه يتأثر بعدة أمور منها أن العمل يكون موسميا، فمعظم النساء العاملات في الريف يعملن بنظام المياومة.
كما أن المحاصيل الزراعية يضربها الصقيع أحيانا خلال فصل الشتاء، خصوصا وأن هذه المحاصيل تُشكل مصدر دخل لكثير من النساء، ما يؤثر على الأجر الذي يحصلن عليه، وأحيانا يحصّلنه بعد عناء يطول، وفق التقرير.
وأوضح التقرير أن العديد النساء اللواتي يعملن في مصانع الحياكة والصناعات الغذائية يتقاضين أجورا متدنية، إذ أن أجورهن تقل عن الحد الأدنى للأجور، إضافة إلى حرمانهن من حق الإجازة السنوية واقتطاع مبالغ مالية من أجورهن لقاء العطلة.
وكشف التقرير أن أعدادا قليلة من العاملات في الريف يتمتعن بحمايات اجتماعية مثال الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وبعضهن ينتفع من الحمايات الاجتماعية الخاصة بأسرهن، مثل التأمين الصحي الخاص بالأب أو الأخ أو الزوج.
وأوضح التقرير أن عدم شمول العاملات في الريف بالضمان الاجتماعي يحرمهن من التأمينات التي توفرها مؤسسة الضمان مثل تأمين إصابات العمل، والشيخوخة، والأمومة.
وأشار التقرير إلى أن العاملات في الريف يتعرضن في كثير من الأحيان للإصابة أثناء ساعات عملهن أو خلال التنقل للعمل، مؤكدا أن العاملات في الزراعة هن الأكثر تعرضاً لإصابات العمل من بين القطاعات التي تعمل بها النساء في الريف.
وفيما يتعلق بخدمة النقل العام في الأرياف، لاحظ التقرير أن كلفتها عالية مقارنة بدخل العاملات، ما يؤثر على الأجر الذي يحصّلنه ويزيد من الأعباء المالية عليهن، ويؤدي على المدى البعيد إلى ترك عملهن.
وبين التقرير أن هناك ضغوطات إضافية على العاملات في الريف اللواتي لديهن أطفالا، وبخاصة عاملات الزراعة، تتمثل بعدم توافر الحضانات في أماكن عملهن، إذ يلجأن إلى وضع أطفالهن عند الأقارب أو الجيران، وبعضهن يدفعن بدل رعاية نحو دينارين في اليوم الواحد، إلى حين العودة من المزارع، وأحيانا يُجبرن على أخذهم إلى عملهن.
كما تتعرض بعض النساء العاملات في الريف إلى التحرش أو العنف أكان لفظيا أو جسديا، وفق التقرير الذي أشار إلى أن العديد من العاملات يرفضن الإفصاح عن حالات التحرش أو العنف حال تعرضن لها، خشية من تغير نظرة المجتمع إليهن.
وأكد التقرير أن هذه التحديات كافية لغياب المرأة عن سوق العمل، مشيرا إلى ذلك يؤدي إلى خسارة الاقتصاد الأردني للأيدي العاملة القادرة على القيام بنشاطات اقتصادية متنوعة ومختلفة في مجالات عدة.
كما أن النمو الاقتصادي في الأردن سيصبح غير متوازن، ما يؤدي إلى تزايد الفجوة في فرص العمل والأجور بين النساء العاملات في الريف ونظيراتهن من النساء العاملات في المدن، إلى جانب إعاقة تحقيق التنمية وتطوير الخدمات العامة المساندة في الريف.
وأوصى التقرير بشمول النساء العاملات في الريف بالحمايات الاجتماعية، وبخاصة من خلال تفعيل نظام عمال الزراعة، وإيجاد آلية تتلاءم مع طبيعة عمل النساء العاملات في المواسم أو من لديهن مشاريع متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة لشمولهن في الحمايات الاجتماعية.
ودعا التقرير إلى تطوير خدمة النقل العام وتوسيع شبكة المواصلات العامة لتصبح أكثر أماناً وأقل تكلفة، وتوفير الخدمات المساندة للنساء العاملات في الريف، وبخاصة إنشاء الحضانات ورياض الأطفال، وضرورة دعم الجهات المعنية، كوزارات الزراعة والعمل والتنمية الاجتماعية والمنظمات المعنية بحقوق المرأة والطفل، بحيث تكون الحضانات مجانية، أو زهيدة التكلفة.
كما أوصى بضرورة الالتزام بمعايير العمل اللائق في القطاعات التي تعمل في النساء في الريف، وتهيئة بيئة عمل مناسبة وجاذبة تتواءم مع احتياجاتهن، لتسهيل فرص مشاركتهن في سوق العمل، وبالتالي زيادة مشاركتهن الاقتصادية.