اخر ما كنا نتوقعه ان يكون اللبناني مذلولا للحصول على ربطة خبز و راضخا للامر الواقع و الاسوء من ذلك ان يعتاد على الطوابير سواء  امام محطات البنزين ام للحصول على حقه من ماله المسروق في المصرف ام يعيش مرارة العذاب لشراء الدواء الذي يتأرجح بين مقطوع و موجود و اذا وجد من الصعوبة الحصول عليه لانه غالي الثمن و الاسوء من ذلك الخوف الذي يعيشه سواء مريض السرطان ام غسل الكلى في استمرارية العلاج الذي غالبا ما يكون غير متوفر فضلا عن الخوف و الضغط النفسي الذي يعيشه بسبب فقدان الدواء   حتى العلاج في المستشفى بات حلما نظرا لصعوبة تأمين المال للمعالجة و الانكى من ذلك كم من مرضى توفوا في منازلهم بسبب عدم توفر السيولة ؟ ازاء هذا الوضع المشحون اجتماعيا و نفسيا كيف يفسره خبراء في علم النفس بفعل تعرض اللبناني لاسوء انواع الاذلال اليومي ؟

معاناة شعب

لقد تدحرجت الثقة بين الشعب اللبناني و الطبقة السياسية في ظل الانهيار الاقتصادي الذي حرّك انتفاضة شعبية ناقمة على الفساد. بعد الفشل الذريع في تحقيق اي من المطالب و انسداد كل الابواب فاختار البعض الهجرة، و اخرين حاولوا البقاء في الوطن وصار همهم فقط تأمين قوت عائلاتهم  الذي بات من الامر الصعب تحقيقه  حتى في  شراء الحاجيات الضرورية بعدما أصبحت القدرة الشرائية الى تراجع على سبيل المثال عند شراء اي من المواد الغذائية صار  البحث عنها من النوع الرديء لأن ثمنها رخيص ، أو ان تعيد عبوة الزيت إلى مكانها بعدما تكتشف أن ثمنها يعادل قرابة ربع الحد الأدنى للأجور في لبنان.كل ذلك يمكن الاختصار ان بعض اللبنانيين يعيشون في ترف بينما ثمة من يموت من الجوع ليطرح السؤال نفسه : إلى متى سيستمر الوضع على هذا الحال من سيء إلى أسوأ وما من أمل يلوح في الافق ؟

ولعلّ فقدان الأمل هو أكثر ما يخنق اللبنانيين لا سيما فئة الشباب  الذين فقدوا متعة الحياة في لبنان، البلد الذي يُعرف شعبه بحبه للحياة حيث  استنزفت الأزمة قطاعات عديدة وغادروا البلد بحثاً عن بدايات جديدة وسط ضغط نفسي حاد يجعل اللبناني مكبلا في معيشته الصعبة جدا و ما بين خيارين الانهيار النفسي أو الجنون  حيث نعيش اقسى حرب الا و هي  حرب الجوع بعدما كان لبنان معروفا ب “سويسرا الشرق”. فكم من المرات نسمع صرخات الناس” الموجعة دون حلول  ودائما هناك  التوتر والعصبية وعدم الرضا وبأن الوضع من سيء إلى أسوأ وأسوأ ما في الأمر أننا رضينا وتأقلمنا.”

و الاسوء ما في الامر انه أصبح كل شيء باهظ الثمن في لبنان، في حال توافره أصلاً،  مع تدهور القدرة الشرائية للبنانيين وتحليق سعر صرف الدولار، وأصبح الحد الأدنى للأجور يعادل نحو 23 دولاراً، وفقاً للبنك الدولي الذي خفض قبل أيام تصنيف لبنان إلى بلد ذي دخل متوسّط أدنى حيث  يعيش اللبنانيون على وقع أزمات متلاحقة على كل المستويات،اي منذ العام 2019 تتوالى المصائب على المواطنين، بدءاً بارتفاع سعر صرف الدولار وتحليق أسعار المحروقات، مروراً بانهيار القطاعات، وصولاً إلى أزمة الرغيف لقمة عيش الفقير، والطوابير أمام الأفران وانقطاع المياه، ورفع فاتورة الاتصالات والإنترنت نحو خمسة أضعاف فاي بعد مسلسل القهر  مستمر للشعب اللبناني بعد ؟ الى اي مدى سيبقى اللبناني مذلولا في حياته للحصول على حقه المكتسب ؟  و لماذا لم نعد اي من التحركات الشعبية هل بفعل اليأس و الاحباط  الاكثر رواجا ؟

الرضوخ لامر الواقع

في هذا الاطار تحدث الاختصاصي في علم النفس الدكتور ميسر سري الدين  ل  greenarea.info   ان وراء  الرضوخ هو ان الناس تعبوا و لم يعد لديهم اي امل مستقبلا حتى انهم شعروا بالذل و الاهانة دون رفع صوتهم عكس مما هو عليه سابقا مما قال  :” ان المشكلة  تكمن هي ان الناس وصلوا  الى مرحلة  من اليأس و الرضوخ لامر الواقع . لذلك  لم نعد نر من تحركات انتفاضية  سواء على الصعيد الشخصي ام على الصعيد الاجتماعي لان بالنسبة لهم مهما فعلوا   ليس هناك من تغيير على صعيد المجتمع  لان السياسة  المتبعة في البلد سياسة تيئيس  سارية المفعول لذلك نجد الناس  تعبوا نفسيا راضخين للامر الواقع   في ظل غياب اي من تغيير  بعدما وصلنا الى هذه المرحلة الدقيقة  والنفسية التعبة فيرضخ الشعب و يستسلم و يعمل مثلما يريدون زعمائه  و للاسف نجحوا في التحكم بمصير الناس بينما النواب الجدد  الذين يدعون  الاصلاح يحتاجون الى وقت لكي يقومون بالتغيير .”

اللبناني المتمرد

في المقلب الاخر رأى  الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور شوقي عازوي عبر ل greenarea.info بان نفسية اللبناني مازالت متمردة رغم كل الظروف القاسية يمر بها حتى في لقمة العيش شحدوه اياها بالطوابيربات مذلولا حتى انه اعتاد عليها بكل اسف شديد  مما قال  :” لاشك ان ثورة تشرين التي حصلت في لبنان  اظهرت  ان اللبناني يستطيع ان  يتمرد  و ينتفض على واقعه حيث لمسنا ان الصرخة الموجعة وحدت اللبنانيين انذاك انما  اذا لم تستمر اليوم كونها انطفئت بفعل التدخلات السياسية حتى المشروع السياسي لم ينضج كفاية لاجل مصلحة الناس خصوصا و انه افرز عدد  من النواب  اعتقدنا انهم تغيرين وتاملنا منهم على نحو افضل  الا انهم لم يفعلوا اي جديد يحاكي وجع الناس اليومي  .مما بقى  اللبناني يحارب قدره لانه لم يعتاد على  الذل الذي فرض عليه  كون مازال عنده روح التمرد  على الواقع الاليم الصعب .”

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This