ما لبث العالم تنفس الصعداء من كورونا، حتى لاح بالأفق أمراض وأوبئة جديدة، لا تقل خطورة عن سابقاتها من ناحية التفشي والعوارض المميتة.
تعاني دول الشرق الأوسط من تفشي الكوليرا مما دفع بيرتران بانفيل، نائب المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الى دق ناقوس الخطر حيث اعتبر إن الوتيرة المقلقة لتفشي الكوليرا في سوريا ولبنان، وخطر انتشارها إلى بلدان أخرى في المنطقة تتطلب اتخاذ إجراءات فورية، كما أن توسيع نطاق الاستجابة للوقاية من المرض واحتوائه يتطلبان دعما عاجلا.
جاء ذلك في بيان صادر عن المنظمة الأمميةالتي تعنى بالطفولة، اذ يشير إلى أن اليونيسف بحاجة إلى ما يزيد عن أربعين مليون دولار أمريكي لتعزيز استجابتها الطارئة للكوليرا في كل من لبنان وسوريا فقط، لافتا الانتباه إلى احتمال انتشار المرض إلى بلدان أخرى محيطة مما يزيد من الأعباء المترتبة على الوكالات الأممية والحكومات في السعي لاحتوائه.
وبحسب اليونيسف، خلّف وباء الكوليرا الحاد في سوريا أكثر من 20 ألف حالة مشتبه بها، تعاني الإسهال المائي الحاد، و75 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا منذ بدايته، بحسب ما ورد عن مكتب منظمة الصحة العالمية في سوريا، اعتبارا من 15 تشرين الأول/أكتوبر 2022.
أما في لبنان، فقد وصلت حالات الكوليرا المؤكدة إلى 448 حالة خلال أسبوعين فقط، فيما وصل عدد الوفيات المرتبطة بها إلى عشر حالات، وفق مكتب منظمة الصحة في لبنان اعتبارا من 22 تشرين الأول/أكتوبر 2022.
وفي نفس السياق، كان ممثل منظمة الصحة العالمية بالإنابة في لبنان، الدكتور عبد الناصر أبو بكر، قد أوضح في حوار هاتفي مع أخبار الأمم المتحدة، أنه “من الممكن الوقاية من المرض بسهولة، عبر معرفة طرق إدارته ومنع انتشاره بشكل واسع”، داعياً الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي إلى “تنفيذ خطوات جدية والتدخل السريع لاحتواء هذا التفشي.”
من جهته ، قال بيرتران بانفيل، نائب المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في بيانه ، إن بعض البلدان المجاورة الأخرى تعاني فعلاً من مستوى عالٍ، من حالات الإسهال المائي الحاد وقد تكون معرضة لخطر تفشي الكوليرا فيها. كما أن تفشي الكوليرا والإسهال المائي الحاد يضيفان إلى معاناة الأطفال الموجودة أصلاً في هذه البلدان.
وأشار إلى “أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أكثر عرضة للإصابة بمرض الكوليرا الشديد، وأن تفشي الكوليرا يمثل ضربة أخرى للأنظمة الصحية المنهكة بالفعل في المنطقة.”
ومما يعزز المخاوف هو امكانية انتشار الكوليرا، وعدم بقاءها في حدود دول معينة. في هذا الاطار، شدد المسؤول باليونيسف على أن “الكوليرا لا تعرف الحدود وخطوط السيطرة، وتنتشر مع تحركات السكان، بما في ذلك النزوح.”
وقال إن ما يرفع من نسب انتشار الأمراض في البلدان الأشد تضرراً، هو ضعف أنظمة المياه والصرف الصحي، وسوء إدارة المياه، وزيادة الفقر، وتغير المناخ، والنزاعات – وجميع تلك العوامل تجعل المياه الصالحة للشرب أكثر ندرةً للأسر وأطفالها. واعتمادهم على المياه غير الآمنة سيعرضهم لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه.
ومنذ بداية تفشي المرض، تعمل اليونيسف على تقديم إمدادات وخدمات الصحة والمياه والنظافة والصرف الصحي المنقذة للحياة إلى المناطق المتضررة، بينما نعمل على مساعدة العائلات على تحسين ممارسات النظافة. في الوقت نفسه، يتم تكثيف جهود التأهب والاستجابة في البلدان المجاورة.