“ربينا و ما لقينا “تلك العبارة الحزينة تترد يوميا على مسمعنا اذا وجدنا عجوز اكله الدهر من الهموم و العزلة متروك لقدره بعدما تركوه اولاده الى بلدان الهجرة حيث  الاكتئاب حاصره لدرجة بات هاجسه الانتحار.  فالمستقبل ضاع و الازمة الاقتصادية خانقة بالكاد يؤمن عيشه في بلد لا ضمان فيه حتى ضمان الشيخوخة بات مرميا في سلة الوعود البالية . ماذا بعد الشباب الى الهجرة و بات المجتمع اللبناني عجوز فيه شريحة مهمة من كبار السن و عدد مهم يلحقون الاذى بانفسهم كالانتحار بفعل الياس القاتل . فما هي ابرز اراء الخبراء في علم النفس و الاجتماع حول هذه الظاهرة الجديدة  التي بدأت تهز المجتمع اللبناني ككل ؟

ارقام مذهلة

ذكرت منظمة الصحة العالمية  انه في كل عام يضع 703000 شخص نهاية لحياته، وبيد أن أرقام حالات محاولات الانتحار أكبر من ذلك بكثير. وتخلف كل حالة انتحار مأساة تؤثر على الأسر والمجتمعات والبلدان بأكملها وتترتب عنها آثار طويلة الأمد على ذوي الشخص المنتحر. ويحدث الانتحار في أي مرحلة مراحل العمر، وقد صنف في عام 2019 رابع أهم سبب للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً على الصعيد العالمي.ولا يحدث الانتحار في البلدان المرتفعة الدخل فحسب، بل هو ظاهرة تحدث في جميع أقاليم العالم. والواقع أن أكثر من 79% من حالات الانتحار العالمية في عام 2019 حدثت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. اذ ان  الانتحار مشكلة خطيرة من مشاكل الصحة العامة  فلا بد من فعالية الاستجابة الوطنية، يتعين وضع استراتيجية شاملة متعددة القطاعات للوقاية من الانتحار.

من جهة اخرى توصل الباحثون إلى أن اكثر الفئات العمرية التي تقرر الانتحار في الولايات المتحدة الأمريكية هي فئة الكبار في السن خصوصا  الرجال الذين يقررون إنهاء حياتهم بعد تقدمهم في العمر. اذ يضيف الأطباء أن المشكلة حتى الآن هي عدم التركيز على منع انتشار هذه الظاهرة ضمن هذه الفئة من كبار السن، حيث أن الانتحار يحتل المرتبة الخامسة عشرة في أسباب الوفاة عند الأمريكيين ضمن الفئة العمرية بين 65-74 مما يجعله مساويا للوفيات بسبب مرض الزهايمر ضمن نفس الفئة.

كما يضيف العلماء أن العوامل الأساسية التي تقف وراء انتشار هذه الظاهرة هي العزلة الاجتماعية التي يعاني منها المسنين في الولايات المتحدة وفقدان الزوجة بسبب الوفاة وكذلك بسبب الاختلالات العقلية التي تترافق مع الشيخوخة. أي في العموم يقدم المسنين على الانتحار بسبب اليأس وقناعتهم أن الأمور لن تتحسن مع الوقت بل على العكس ستزداد سوءا.

الانتحار و الحزن العميق

في هذا الاطار تحدثت  باسهاب الاختصاصية  في علم النفس الدكتورة نيكول هاني حول  الاسباب الكامنة  التي تدفع كبار في السن الى الانتحار مما قالت ل greenarea.info :”اذا وجدنا حالات انتحارية فوق  عمر70 سنة  قد يكون الاحتمال اما  اهمال من عائلته  او من اولاده حيث لم يعد  يشعر بالامان له و لا اهتمام به. عدا ذلك قد يجوز ايضا  ان الازمة الاقتصادية و انعكاسها على حياته جعلت من  المساعدات له  تخف تدريجيا و بدأ يشعر بالفقر دون ان يهتم به احد  خصوصا و انه في هذا العمر يكون بحاجة الى عناية و رعاية حيث يريد ان يكون اولاده و احفاده بقربه  مما شعر انه هناك نقصا تجاهه خصوصا في ظل الاوضاع الصعبة  التي نعيشها  حيث ثلاثة ارباع الاولاد هاجروا الى الخارج و هذا الجو من  هجرة اولاده عنه لم يعد يراهم مما شعر بالوحدة لان اذا وصلنا  الى حالة انتحارية يعني نعيش الحزن جدا قوي و نشعر بالذنب و ان الحياة بشعة حيث يشعر العجوز بالعوارض الجسدية النفسية بان  ليس هناك احد بجانبه يساعده لكي يستطيع ان  يوجهه عند طبيب نفسي او عند اختصاصي معالج نفسي .”

و الجدير ذكره وفق الدكتورة هاني :”ننصح اي شخص سواء في عمر المراهقة ام في عمر كبير في السن يحتاج الى متابعة ان لا يهمل حالته النفسية  لان علينا ان نشعر مع الانسان عندما يكون  في حالة حزن او نفسية متعبة فلا يجب تركه سواء رجل كبير في العمر او اي عمر كان و قد شعرنا بحالته ليس سوى جرس انذار ان  لا نتركه او نهمله بل بالعكس علينا ان نكون الى جانبه و نرافقه و عندما نجده حزين  جدا لا نقول له “ما بك شي” بل علينا ان نعالجه و نرشده الى الطريق الصحيح كي لا يصل الى  الانتحار.”

تفكك العائلة

في المقلب الاخر اعتبر الاختصاصي في علم الاجتماع الدكتور عبدو قاعي  عبر لgreenarea.info  ان تفكك العائلة يزيد من حالات الانتحار عند المسن مما قال  :” لا شك ان حالات الانتحار عند كبار السن اكثر مما هو عند الشباب نظرا ما يمرون به من فترات يأس قاتلة  لانهم لم  يروا كل هذه الماسي سابقا و عاجزين ان يفسروا بما يشعرون به  مما  لاحظنا  ان اكثرية الذين يأتوا الى المعالج النفسي او الطبيب النفسي  هم من كبار  السن  لان ما حصل عندنا بتنا  متل دول الغربية  من تفكك العائلات  حيث ان كبار السن مهملين متروكين لقدرهم  و لم يعد عندهم سند او دعم لتخطي مرحلتهم بسلام كما هو الحال اليوم  في  لبنان حيث صار المجتمع متفكك و ليس هناك حل في الافق لاننا اليوم بازمة كيان عالمي مرتبطة بالطاقة و بالمناخ طالما لا نحاول تغيير الطاقة التي نستعملها لان الذي يمسك السلطة في العالم ليست الدول بل اصحاب الراساميل الكبيرة موظفينها بطاقة البترول و الغاز  لا يتخلوا عنها ابدا مع العلم هي طاقة مميتة لم يعد المناخ يحملها ابدا .”

و تابع الدكتور قاعي :”ان الحالة الديموغرافية  التي وصلنا اليها جعلت كبار السن يعانون و يشكلون   الطبقة الكبيرة  في لبنان خصوصا باتوا يشعرون ان لا فائدة لهم و لم يعد عندهم عمل  او اي حلول  للوضع الذين هم فيه  الان كون الحالة الاقتصادية متأزمة جدا   في ظل تفكك عائلات كبيرة جدا  مما اصبحوا في وضع نفسي سيء جدا .”

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This