أدى انتشار فيروس كورونا في العالم إلى عدم تمكن البشر من ممارسة حياتهم بالشكل المعتاد، لتصبح أولويتهم تفادي الوباء القاتل.
ورغم أن العالم دخل مرحلة تخطي “كوفيد-19″، إلا أن العبء المعنوي الذي تركه هذا الفيروس كان كبيرا جدا.
وبحسب آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية، فإن حالات الاكتئاب والقلق النفسي، ارتفعت بنسبة 25 بالمئة في العام الأول للوباء.
وارتفع عدد المصابين بأحد أشكال الأمراض العقلية إلى نحو مليار شخص، وما سيزيد هذه الأرقام في المرحلة الراهنة، هي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي، والتي جاءت في مرحلة التعافي من الوباء.
وفي هذا الصدد، قال خبير سابق لدى منظمة الصحة العالمية يحي عبد المؤمن، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه في الأشهر الستة الأولى لإنتشار “كوفيد-19” لم تكن لأحد معلومات وافية عن كيفية التعامل مع الفيروس الشرس، إذ كان لذلك الأثر الشديد على الناس الذين وضعوا تحت ضغط نفسي غير مألوف”، مشيرا الى أن قرارات الاغلاق خلقت حالة من الانعزال وباتت الناس تخاف من بعضها.
وبحسب عبد المؤمن، فإن انعزال الناس عن محيطها وفقدانها لأعمالها، والخوف من التلاقي، كان صعبا جدا على الجميع، وهو ما يفسر ارتفاع عدد المصابين بالأمراض العقلية الى نحو مليار شخص.
وأوضح أن أعدادا من الناس كانت تجلس في المنازل وترى أن الآف يموتون وتشعر أن دورها قد يحين، في حين أن القسم الآخر فقد أحباء ولم يتمكن من توديعهم أو حتى ممارسة طقوس الدفن بالمعنى المتعارف قبل الجائحة.
ورأى عبد المؤمن أن جميع العناصر المذكورة تسببت بخلل كبير في الصحة النفسية للبشر، إذ استمرت التاثيرات السلبية لما بعد طرح اللقاحات المضادة، بسبب حملة التشكيك والمعلومات الخاطئة التي تم نشرها عن هذه اللقاحات.
بدورها، قالت المحللة النفسية والأستاذة الجامعية رندا شليطا، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن سوء الرؤيا للمصير كان عاملا حاسما في تأزم الوضع النفسي للناس، التي باتت قلقة من اليوم الذي ستمرض فيه والتبعات التي قد تحدث لها.
وأكدت شليطا أن التأثير السلبي لفيروس كورونا على الصحة النفسية، ساهم بتبني الكثير من الدول لسياسات تشجع الناس على ضرورة الحصول على مساعدة طبية، وذلك من خلال دفع تكاليف العلاج النفسي لهؤلاء، مشددة على أنه من المهم جدا إدراك أن الاكتئاب والقلق النفسي، هما حالتان مرضيتان مختلفتان.
ولفتت شليطا الى أن الاكتئاب يمكن علاجه من خلال الأدوية كي لا يؤدي الى الانتحار، في حين أن القلق النفسي الناتج عن الضغوط الاقتصادية والمعيشية، لا يمكن علاج المريض به فقط من خلال الدعم الطبي، بل يجب ان تتم إعادة هذا الشخص الى حياته الطبيعية وعمله وبيئته.