كم من المرات خدعنا بالوعود الطنانة التي اطلقها رجال السياسة عندما لجأوا الى عملية غسل الدماغ للناس المؤدين لهم من خلال المتاجرة بالامل الا ان هذه السلبية في حياتنا قد نحولها الى طاقة ايجابية في حال علمنا كيف نعتمد على مهارتنا و قدراتنا و بالتالي نتأمل بغد افضل عندما نتمكن من انفسنا و لكن كيف ذلك ؟ و كيف نميز بين المتاجرة بالامل و بين القدرة الحقيقية على تجاوز ما نعانيه بامل و حكمة ؟

التفاؤل الحذر

ان اهم ما يجب معرفته  قبل كل شيء هو ان الأمل شعور عاطفي يتفاؤل به الإنسان ويرجو فيه نتائج إيجابية لحوادث الدهر أو تقلباته حتى وإن كانت تلك النتائج الإيجابية صعبة أو مستحيلة الحدوث وفق ما يستطيع ان يتجاوز الصعوبات بسهولة .  لذلك يبقى الأمل هو ذلك الشعور الذي يعطي للإنسان الإحساس بالأمان لانه بالأمل يشعر الإنسان أن كل شيء سيتحقق وأن أمانيه ليست ببعيدة عنه، والتفاؤل يدعم هذا الإحساس بشدة فالشخص المتفائل يرى دائماً الوجود جميلاً وأن كل الأشياء سهلة المنال .  مما يعني علاقة التفاؤل والامل هي علاقة خالدة بدأت منذ زمن طويل.  اذ ان التفاؤل شرط للأمل والأمل مرتبط بالتفاؤل. عندما نكون متفائلين ، فذلك لأن الأمل موجود.

حسب الخبراء في علم النفس بانه يمكن للمرء ألا يكتفي بكونه متفائلاً أو إيجابياً، إذ إنه يستطيع تصدير هذا التفاؤل كبضاعة يبيعها على الناس. انه  ايضا  يمكنه أن يكتب كتاباً عن أهمية التفاؤل في الحياة وضرورته، وعن فعالية التفاؤل في تذليل الصعاب، وتحقيق المنجزات والمعجزات، فبمجرد أن يصبح الإنسان متفائلاً تنفتح الأبواب أمامه.  كما يمكن أيضاً أن يقدم المرء برنامجاً تلفزيونياً عن التفاؤل، يدعو فيه إلى نشر الطاقة الإيجابية و هنا النقطة المهمة بحد ذاتها في كيفية توظيفها الى الاحسن في حياتنا اليومية .

الخداع بالامل

فبغض النظر عن أهمية التفاؤل فعلاً، وضرورة ألا يفقد المرء الأمل، لابد من الإشارة إلى حجم المتاجرة بهذه المعاني، للتكسب من ورائها، وتقديمها سلعةً يبحث عنها كثير من الناس لتخدير أنفسهم بوهمٍ جميل،تحليل ظواهر أو أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، أو ترويج أمور في هذه المجالات باسم التفاؤل. و هنا لا بد من الانتباه لان يُفترَض بالمرء في هذه الحالة أن يبيع الوهم على نفسه والآخرين، ويتلذذ بخداع الذات الذي يمارسه باسم الإيجابية، فهو يتفاءل دون أساس لهذا التفاؤل، فلا معطيات تسنده، ولا تجربة تاريخية تؤشر لنتاج يدعو للتفاؤل. فكم من الناس وقعوا في فخ الخداع التفاؤلي و بنيوا قصورا من الاوهام  عندما اصطدموا بواقع مرير  جدا لم يعتدوا عليه  سابقا .مع التسليم بأن الناس يحتاجون إلى جرعات من التفاؤل في أوقات الأزمات وتزايد المشاكل والمخاوف، إلا أن استثمار هذه الحاجة في ضخٍ ترويجي للتفاؤل، للتلاعب بعاطفة الناس، في ظل مناقضة المعطيات وظروف الواقع لهذا التفاؤل، قد تجعل هذا النوع من نشر التفاؤل تضليلاً يُعمي كثيرين عن الواقع، ويقودهم إلى قراءة خاطئة له و هنا المشكلة بحد ذاتها لا بد من التنبه على خطورتها .

التمسك بشدة بالمهارات

في هذا السياق كان لا بد من التوقف مع الاختصاصية في الكوتشينغ او مدربة الحياة لايف كوتش وممارسة البرمجة اللغوية العصبية  الدكتورة جنى عيسى التي  تحدثت باسهاب  ل   greenarea.info   حول اهمية التركيز على بناء المهارات و القدرات من خلالها يتم تحفيز الامل و الطاقة الايجابية دون الخداع بتجارة الامل عشوائيا  مما قالت :”ان تجارة الامل نقطة مهمة  لا بد من التوقف عندها حيث نسميها  “سامة  ايجابية toxic positive”  لان الوضع  الصعب الذي نمر به في لبنان  يجعلنا ان نكون اكثر واقعيين . فصحيح ان الشخص عليه ان يفكر دائما  في  الامل والمستقبل انما عليه ايضا  في الوقت نفسه ان يفكر  في الحاضر و في الواقع  نفسه و ماذا يمتلك من مهارات ومواهب و كيفية استثمارها لكي يطور ذاته  حتى ياتي الامل  في ما بعد .”

و تابعت  الدكتورة عيسى موضحة  ما يلي :” عندما اجلس و افكر و اقول تفاءل بالخير تجده  فصحيح  ان العبارة جدا جميلة  كونها تريح النفسية مثل الايمان انما لوحدها لا تكفي  من دون فعل ليس لها جدوى .  لان  اذا استمريت دائما في التفكير  بسلبية و في الوقت نفسه  لا يكون عندي حماس ان اعمل  على تطورذاتي و عملي عندها ساظل  في مكاني  دون اي تقدم و لا استطيع  عندها  على تغيير الواقع .”

الجدير ذكره وفق  الدكتورة عيسى بانه :”علينا ان نعرف  ان هناك امورا نستطيع التحكم فيها و اخرى  نبقى عاجزين في التحكم فيها .بمعنى  ان الامور التي استطيع ان اتحكم فيها  على سبيل المثال مثل قرارتي عملي  افكاري مشاعري جميعها تكون ضمن دائرة التحكم انما العوامل الخارجية مثل وضع البلد والازمة الاقتصادية لا احد يستطيع فينا التحكم بهذه الامور المذكورة انفا . لذلك ما يجب فعله  التركيز على دائرة التحكم  ضمن دائرتي حتى  استطيع ان اعمل على تطور وضعي  الشخصي  الخاص بي دون ان اسمح  للعوامل الخارجية  ان تؤثر علي لتجعلني في ما بعد  اعتمد على العامل الخارجي خارج دائرتي عندها اقف في مكاني لا اتقدم في الحياة   و هذه نقطة مهمة  لا بد من  التوقف عندها .”

غسل دماغ سياسي

في المقلب الاخر ابرز ما توقفت عنده الدكتورة عيسى حول تجارة الامل التي يعتمدها السياسيون  محذرة منه  مما قالت :” للاسف يبعوننا السياسيين  الحلم و هذا اخطر شيء في غسل الدماغ ان تبيع الشخص الامل والحلم غير الواقعي و هذا خطير جدا  اسمه غسيل الدماغ مما يوقع الناس في مطباته .”

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This