يتجه العالم اجمع نحو التحوّل الأخضر، خاصة مع تفاقم  تداعيات التغيير المناخي. وتعد بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ، إذ يعيش 60% من سكان المنطقة في مناطق تعاني بشدة من الإجهاد المائي، و20 مليون شخص يمكن أن يشردوا بسبب تغير المناخ. ويمكن أن يتيح التحول الأخضر الفرصة لخلق ملايين الوظائف الجديدة في المنطقة. ويمكن أن تكون المنطقة، مدعومة بالشباب، مع الحاجة الملحة للقيام بما يلزم، في وضع جيد يمكنها من خلق فرص عمل خضراء. غير أن سجل أداء المنطقة في هذا الشأن لم يكن الأفضل في أحسن الأحوال.

تفصيلياً، صدر مؤخرا تقرير بعنوان “وظائف لم تتحقق” ، ويعتبر هذا التقرير أن السبب الرئيسي لهذا التحدي المتمثل في عدم تحقيق الوظائف هو عدم المنافسة في السوق- سهولة دخول شركات القطاع الخاص إلى السوق ونموها وخروجها من السوق- وهو ما يميز معظم اقتصادات بلدان المنطقة. ولا تزال المؤسسات المملوكة للدولة في المنطقة تؤدي دورا مهيمنا وتحصل على معاملة تفضيلية فيما يتعلق بالضرائب والتمويل والدعم. وبدون ضغوط تنافسية، لن يكون لدى شركات القطاع الخاص في المنطقة سوى حوافز محدودة للابتكار والتوسع، ويشمل ذلك في “الأنشطة الخضراء” الجديدة.

وبناء على البيانات الجديدة عن الاقتصاد الأخضر من مسوح البنك الدولي المعنية بمؤسسات الأعمال في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى و6 بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يظهر التقرير أن 16% فقط من الشركات في المتوسط اعتمدت بعض تدابير كفاءة استخدام الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى الآن. وتمثل هذه النسبة نحو نصف المتوسط في بلدان الاقتصادات متوسطة الدخل في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى (27%). وليس من المرجح أن تقوم الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمتابعة استهلاك الطاقة (33% فقط من الشركات)، أو تحديد مستهدفات استهلاك الطاقة (15% من الشركات)، أو متابعة استخدام المياه (14% من الشركات). ونسبة متابعة استخدام المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متدنية للغاية. وفي المقابل نجد أن المتوسط الخاص باقتصادات بلدان منطقة أوروبا وآسيا الوسطى متوسطة الدخل أعلى بكثير بواقع 52% .

تشمل اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مصر، الأردن ، لبنان ، مالطة ، المغرب، تونس، الضفة الغربية، وقطاع غزة. ويتكون المتوسط الخاص بالبلدان متوسطة الدخل في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى من 19 بلدا. وأجريت المسوح الاستقصائية في السنوات 2018-2019 تقريبا.

وفيما يتعلق بالتدابير المناخية المحددة، نجد أن 9% فقط من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي التي اعتمدت تدابير مكافحة تلوث الهواء، وشارك 9% في توليد الطاقة الصديقة للمناخ، واعتمد 11% تدابير لإدارة المياه، واعتمد 23% تدابير لإدارة الطاقة. وبالنسبة للشركات في المنطقة التي لم تعتمد أي تدابير، أشارت 67% من الشركات إلى أن هذه التدابير ليست أولوية بالمقارنة بالاستثمارات الأخرى، وأشارت 18% من الشركات إلى نقص الموارد المالية.

وبشكل عام، تشير هذه النتائج إلى أن القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم يركز بعد على الإدارة الخضراء الجيدة. ونحن نعلم تماما أن المبادرات الخضراء لا يمكن أن تنجح بشكل كامل بدون مشاركة القطاع الخاص.

لذلك هناك فرصة كبيرة لتشجيع الاقتصاد الأخضر، لصالح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتشير التقديرات الواردة في تقارير البنك الدولي القطرية عن المناخ الخاصة، بالمغرب ومصر والأردن والعراق إلى أن الاستثمار في الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة، يمكن أن يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة إضافية هائلة في السنوات بين 2020 و2050.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This