كثرة في الفترة الاخيرة جرائم قتل علنية دون اي رادع في ظل دولة عاجزة عن تطبيق القانون و تنفيذ العدالة . تلك الاحداث تكررت على سبيل المثال زوج يقتل عقيلته في وضح النهار و امام اعين الجميع او مثلا شخص يهب كالوحش على المعتدى عليه دون رحمة الى حد القتل . تلك الحوادت المتكررة خصوصا التي فيها صبغة الاجرام الى حد القتل يطرح السؤال نفسه :هل لها ابعاد اجتماعية و نفسية ؟ او بالاحرى كيف يشرحها خبراء علم النفس و الاجتماع نظرا لتكرارها في الفترة الاخيرة حتى غدا الانسان مجرد رقم لا من يحاسب او يراقب على كل جريمة ترتكب في بلد ضاع القانون فيه بدهاليز السياسة ؟
ماوراء الجريمة
لا شك إن جرائم القتل التي كثرت في مجتمعنا الى درجة أصبحت هذه الظاهرة في ازدياد خصوصا و ان جريمة القتل تعتبر سلوكا اجتماعيا و انسانيا مرفوضا وغير طبيعيا مما يفسرها خبراء علم النفس ان ورائها تفكك أو اختلال معين في عناصر شخصية القاتل أو الظروف المحيطة به يقوده لارتكاب مثل هذا السلوك الإجرامي. لذلك تعتبر جريمة القتل ظاهرة نفسية سلوكية لابد أن تخضع لدراسة علمية مكثفة ودقيقة من قبل علماء النفس والاجتماع وأطباء الامراض العقلية لكشف عناصر تفكك شخصية القاتل ولفهم أسباب انحرافه لحماية المجتمع منه.
من جهة اخرى وفق خبراء علم النفس ان هناك جرائم قتل من دون سبق الاصرار أو التعمد حيث ينتاب صاحب الجريمة حالة نفسية سيئة كنوبة هستيرية غاضبة أو ثورة عارمة أو حالة استفزاز جارف أو يفقد السيطرة على شعوره لكونه تحت تأثير الكحول أو المخدرات أو أدوية المؤثرات العقلية، فالانفعال الشديد قد يعطل عمل العقل ويعيق التفكير السليم فينساق الفرد إلى القتل، أحيانا يلعب الوهم أو الخيال دورا حيث يهيئ للشخص انه مظلوم ومضطهد فيثور ويقتل لينتقم وعادة ما يعاني هذا الشخص اضطرابا في الشخصية، كما ان هناك اشخاصا يعانون ضعفا في القدرة العقلية ويقتلون بلا وعي أو إدراك إما من تلقاء أنفسهم وإما نتيجة تحريض الغير لهم مستغلين حالتهم العقلية وسهولة استثارتهم. بالمقابل هناك الشخصية السيكوباثية التي يفقد صاحبها الشعور الإنساني بالذنب فيرتكب جرائمة بلا أدنى إحساس بالندم. كما أن هناك ارتباطا بين عامل السن وجريمة القتل حيث أن أكبر نسبة من مرتكبي جرائم القتل المتعمد مع سبق الاصرار حيث تتراوح أعمارهم بين 19 ـ 40 عاما.
من جهة اخرى تفيد اخر الدراسات الحديثة في علم النفس الجنائي أن الدوافع وراء القتل المتعمد هي الأخذ بالثأر أو الانتقام أو نتيجة للاستفزاز او بدافع العار ورد الشرف أو لأسباب عاطفية او لاختلال العقل مرض الذهان أو انفصام الشخصية فالنفس تمرض كما يمرض الجسد وليس هناك أي مساس خُلقي في مرض الإنسان عقليا كان أو جسديا.
العنف في الازمات
في هذا السياق تحدثت باسهاب الاختصاصية في علم النفس الدكتورة شارلوت خليل ل greenarea.info ان ظاهرة القتل في لبنان ارتفعت نظرا لعدة عوامل منها الضغط النفسي و غياب اي رادع للحد منها مما قالت : “ان العنف في الازمات يزيد من التفلت خصوصا اذا شعروا الناس انه ليس هناك من رادع اوفلتان و فقدان الامان . كما و انه احيانا ان الضغوطات النفسية تجعل من العنف بان يتحول نحو الذات و تكون النتيجة اضطرابات نفسية واكتئاب و الشعور بحزن عند الاشخاص او تتحول على الاخر مع غياب القدرة على السيطرة على الانفعالات عندها من المؤكد ان تكون النتيجة القتل الذي سيرتفع في هذه الحالة الدقيقة .”
الجدير ذكره وفق الدكتورة خليل :”ان الاشخاص الذين عندهم اضطرابات نفسية يشعرون باي هزة نفسية عندما يمرون باوضاع صعبة مما تزيد لديهم حدة الاضرابات النفسية و النتيجة فقدان القدرة على السيطرة . على سبيل المثال رجل قتل زوجته حاملا السلاح علنا ليطلق النار عليها او يضرب الاخر على حافة الطريق. تلك الحوادث ستتكرر و سنراها اكثر في ظل الوضع العام الذي نمر به ضغط مستمر الذي لا يسمح للانسان ان يسيطر على مشاعره او يضبطها و فضلا عن ذلك هو الشعور انه ليس هناك من قانون يطبق مع العلم ان الحل يكمن بوجود هيبة للدولة .”
تجدر الاشارة حسب الدكتورة خليل الى انه :” من الناحية النفسية نجد ان القانون يريح الاطفال لانهم يعرفون ماذا ينتظرهم و الامر نفسه بالنسبة للكبار حيث يرتاحون للقوانين خصوصا اذا كانت مضبوطة تخفف الضغط عليهم . اما عندما تنفقد الحدود فتغيب المعايير مما يسمح لكل شيء .”
التكاتف اولا و اخيرا
في المقلب الاخر اعتبر الاختصاصي في الاجتماع الدكتور عبدو قاعي عبر ل greenarea.info انه عند غياب الدولة بات كل شيء مستباح منه القتل في ظل الفوضى و الفلتان لاحدود لذلك مما قال :”للاسف لقد بتنا في ايام الفوضى الكاملة لذلك كل شيء متوقع ان نتتظره في المدى البعيد في ظل حالة الفوضى الشاملة التي نعيشها بسبب غياب المؤسسات وهيبة الدولة مما تكثر الحوادث ليس فقط القتل بل كل شيء صار مستباح . انما بالمقابل ان الذي يرحمنا تكاتف المجتمع اللبناني الذي يجعل من الوضع الحالي افضل من غيره لان لو حصلت تلك الاحداث في غير مجتمعات لم يبقوا صامدين في هذه الظروف الصعبة .”
الملفت للنظر شدد الدكتور قاعي :” على ضرورة تكاتف اللبنانيين فيما بينهم شرط ان لا يكون فئويا متل ما يحصل حاليا كل فئة لوحدها بل في التكاتف الوطني لكي يصمدوا اكتر. كون هناك مؤامرة على التعددية في العالم و لبنان من اهم البلدان التعددي في العالم لان ما نلاحظه ان صار العالم كله عنصريا .”