كم من المرات نبحث في دهاليز الحياة عن الراحة النفسية وسط الضغوطات الثقيلة التي ترمى على كاهلنا. فهل من طرق للتأقلم او التغلب على المصاعب ؟ فما كان ان تبين ان الراحة النفسية لا تكون سليمة معافة الا من خلال التنفس العميق و التدريب عليه و لكن كيف ؟ هل فعلا الراحة النفسية تنشط بفعل التنفس العميق ؟ هذا ما حاول شرحه الاطباء و الخبراء في ميدان الطب و النفس و الوعي. فماهي ابرز التدريبات على هذا النمط الصحي ؟
القوة في التنفس
اخر ما اكتشفه العلماء في دراسة حديثة أجريت مؤخراً، أن التنفس العميق من أسهل وأسرع الطرق للوصول إلى حالة الاسترخاء والتخلص من التوتر والقلق في بضع دقائق،.كما لوحظت الخلايا العصبية التي تربط التنفس بحالات العقل، أو كما تسمى جهاز تنظيم ضربات القلب المختلفة .ففي عام 1991، اجريت تجربة على الفئران، فوجد نفسها في جسم الإنسان.يعتقد العلماء أن مركز السيطرة على التنفس الذي يوجد في جزء من جذع المخ، هو من أهم الأجزاء التي تعمل على إثارة التنفس والعاطفة لدى الإنسان. و الجدير ذكره أن هذه الدراسة تساعد كل من يعاني من التوتر والاكتئاب بسبب الضغوطات اليومية، فضلاً عن تحسين أداء العقل والتخلص من الطاقة السلبية.
يالمقابل كلما نتنفس في الدقيقة الواحدة ما بين 16 إلى 18 مرة، أي أننا خلال ساعة واحدة نأخذ ما يزيد عن ألف نفَس، وخلال اليوم الواحد نأخذ ما يزيد عن 25 ألف نفَس، بمتوسط 10 ملايين نفَس خلال العام، يمكننا الاستغناء عن الطعام أو الشراب لبعض الوقت، لكن دقائق فقط دون الأوكسجين تؤدي إلى الموت، و20 ثانية فقط تؤدي إلى توقف النشاط الكهربائي في الدماغ.
هذا الفعل الذي نقوم به بشكل غير واعٍ لا يشير فقط إلى الحياة في أجسامنا، لكنه يعبر أيضا عن شكل هذه الحياة، اذ ان ملايين الأنفاس التي قمنا بها بلا وعي تحدد في الحقيقة حالتنا الصحية وتغير حالتنا العاطفية والمزاجية، والفعل الذي يعتبر سببا لحياتنا يؤثر أكثر مما نظن في إدراكنا لذواتنا،كما يذكر كل من “باتريشيا جيربارغ” و”ريتشارد براون” في كتاب القوة الشافية للتنفس The Healing Power of Breath فإن الدماغ يستمع إلى الرئتين، وحين نغير نمط تنفسنا، تتغير طريقة تفكيرنا وشعورنا ونتواصل بشكل أفضل مع أنفسنا ومع الآخرين. لذا تعتبر تمارين التنفس أسرع وسيلة لتقليل التوتر وتحسين التركيز وخفض ضغط الدم وتحسين الأداء المعرفي، حيث يمكن للتنفس البطيء أن يخفض بسرعة معدل ضربات القلب ويساعد على التغلب على نوبات الهلع panic attack ويقلل الشعور بالقلق الحاد.
التدريب على التنفس الصحيح
في هذا الاطار شرحت بالتفاصيل الاختصاصية في رفع الوعي الدكتورة منى سنان ل greenarea.info حول اهمية تطبيق اسس التنفس العميق للحصول على الراحة النفسية بعيدا عن الاكتئاب و الازمات النفسية و كل ما يحيط بنا من توتر و قلق مما قالت :” ان التنفس سر الحياة لان يمكن ان يعيش الانسان من دون مياه ايام و دون طعام اسابيع و لكن اذا لم يتنفس دقيقة يموت فورا . مما تبين ان المشكلة عند معظم الناس في عملية التنفس غير الصحيحة لان لا تتم من البطن اي الشهيق و الزفير يجب ان يكون في المكان نفسه . اذ يستطيع الانسان ان يركز على تنفسه الصحيح ولو مرة واحدة في اليوم على مدة عشر دقائق و على دفعات بمعنى مرتين خمس دقائق صباحا و خمس دقائق عند المساء قبل ان ينام واضعا يديه على بطنه متنفسا الشهيق و الزفير على مهل و مركزا على التنفس بكل وعيه حيث يشعر انه عندما ياخذ الشهيق بطنه يتصاعد و عند الزفير بطنه ينتفخ عندها يكون التنفس صحيحا مما يعني دائما الوعي بالتنفس مهم للغاية .”
واوضحت الدكتورة سنان :” اذا اردنا ان نستعيد الوعي و ذلك من خلال التنفس الصحيح رغم ان بعض من الناس يجدون فيها صعوبة في القيام بعملية الشهيق و الزفير من البطن .فالتركيز على التنفس ضروري و هذا يسمى الوعي في النفس مما ترجعه الى هنا و الان اما في الماضي او المستقبل لان عملية التنفس الصحيحة و الوعي بالتنفس تجعل الانسان ان يعود الى هنا و الان . هذا التمرين البسيط من خلال التنفس العميق الذي لا ياخذ الوقت الكثير ممكن ان يقوم به الانسان مرتين او ثلاث مرات اي عند كل مرة مدتها خمس دقائق يركز على نفسه ليجعل من افكاره صافية كون الانسان عندما يعود الى هنا و الان و يركز على التنفس يعود ايضا للحاضر لان الماضي ذهب و المستقبل يكون بعد دقيقة .هذه العملية تجعل الانسان يعيش مع الوقت يمارس هذا التمرين مما يشعرعندها هدوء و سلام و صفاء ذهن مع الوقت حتى لو قام به لمدة ربع ساعة في اليوم.”
و تابعت:” هذه الطريقة ممتازة في التنفس بهدف ان يكون للانسان صفاء في الذهن . على سبيل المثال اذا سمع الانسان خبرا ليس جيدا او محزنا وما اكثره في هذه الايام مما يشعر بالانزعاج للحال و فورا عليه ان ياخذ نفسا عميقا عدة مرات و يشعر عندها بالهدوء لان كمية الاوكسيجين تدخل اكثر على دماغه مما يكون في حالة غضب . لذلك على الانسان قبل ان يدخل بحالة الغضب عليه ان يلجأ الى التنفس العميق و مراقبته عدة مرات لمدة خمس دقائق في اليوم ليعود الى هنا و الان و مع مرور الوقت يعيش بسلام داخلي اكثر فينعكس ذلك على السلام الخارجي .لان اهم شيء ان ينتبه الانسان كثيرا على تنفسه حتى تكون عملية التنفس منضبطة ليس فقط في مشاعره انما ايضا مع مرور الوقت الانضباط في الاكل الذي ياكله لان هناك اشخاص ياكلون بصورة عشوائية فشة خلق كتناول الحلوى و غيرها عما يعانون به و عندما يلجاون الى طريقة التمرين على التنفس يتوقف التهور في الاكل شرط ان يأخذ نفسا عميقا عدة مرات فيشعر بالراحة النفسية و العودة الى هنا و الان و التخلص من الغضب و التوتر عن طريقة ممارسة التنفس العميق .”