عندما نعيش في مجتمع مخادع و عالم مزيف بالاحاسيس و المشاعر و عندما نكون فريسة الاعلانات المخادعة لتعكس لنا الحياة عكس الواقع الذي نعيشه بمرارته و عندما يتم التلاعب بعقولنا و استخفاف بكلامنا و حتى بمصيرنا عندها نكون قد وقعنا امام اشخاص محترفين بالخداع وفق ما اطلق عليه خبراء في علم النفس التلاعب بالعقول بالانكليزية gaslighting ليطرح السؤال نفسه : كيف يمكن اكتشاف المخادع ؟ او بالاحرى ما هي الطرق المتبعة للانفلات منه صاغا سليما دون الوقوع بالافخاخ ؟
التلاعب باحتراف
لقد اختار قاموس ميريام ويبستر الأمريكي كلمة gaslighting والتي تعني (التلاعب بالعقول)، لتكون كلمة العام، حيث قال إنها تعكس ” عصر المعلومات المضللة ” الحالي.
ووفقا للقاموس، في عام 2022، كانت هناك زيادة بنسبة 1740% في عمليات البحث عن الكلمة، التي جاءت من اسم مسرحية صدرت عام 1938، تدور حول رجل يحاول جعل زوجته تصدق أنها أصيبت بالجنون.
وعرف القاموس الكلمة على أنها ” فعل أو ممارسة تضليل مفرط لشخص ما خصيصا من أجل مصلحة الشخص الذي يقوم بذلك”
بالمقابل تراهن وكالات دعاية وسياسيون وشبكات اجتماعية على المشاعر كوسيلة للتلاعب بعواطفنا ومحاولة التأثير على قراراتنا دون أن نشعر بذلك، وخداع عقولنا.
تكتيك مدروس
من جهة اخرى ما يجب معرفته ان التلاعب بالعقول هو تكتيك يقوم فيه الشخص أو الكيان من أجل الحصول على المزيد من السلطة مما يجعل الضحية لا يعرف شيئا عن حقيقة الأمر، وهي طريقة مؤثرة للغاية، وأي شخص معرض لأنه يتم التلاعب بعقله، وهذا الأسلوب شائع بين المسيئين و الديكتاتوريين والنرجسيين، ويتم ذلك ببطء لذلك لا تدرك الضحية مقدار تعرضها لغسيل دماغ، على سبيل المثال فيلم Gaslight 1944) يتلاعب الرجل بزوجته إلى الحد الذي جعلها تعتقد فيه أنها تفقد عقلها .
في المقلب الاخر يُعد التلاعب بالعقول Gaslight شكلا من أشكال الإساءة النفسية، حيث يشكك شخص ما في عقلك أو إدراكك للواقع أو الذكريات. وغالباً ما يشعر الأشخاص الذين يعانون من التلاعب بالعقول بالارتباك والقلق وعدم القدرة على الثقة في أنفسهم.
علامات المتلاعَب بعقولهم
غالباً ما يتطور التلاعب بالعقول تدريجياً، مما يجعل من الصعب على الشخص اكتشافه حيث يجد الأشخاص المتلاعب بعقولهم صعوبة في إدراك أنهم يتعرضون للإساءة. ولا يُسمح لهم بالتشكيك في سلوك الشخص المسيء لأنه في موقع سلطة، أو لأنهم يشعرون بالاعتماد عليه. مما يشير الخط الساخن الوطني للعنف المنزلي إلى أن الشخص الذي يتعرض للتلاعب بالعقول يمكنه أن: يشعر بالارتباك ويشك بنفسه باستمرار. يجد صعوبة في اتخاذ قرارات بسيطة.
كثيراً ما يتساءل عما إذا كان حساساً جداً.ينسحب أو لا يتشارك مع الآخرين.يعتذر باستمرار للشخص الذي يسيء معاملته.يدافع عن سلوك الشخص المسيء.يكذب على العائلة والأصدقاء لتجنب الاضطرار إلى اختلاق الأعذار لهم.يشعر باليأس، وأنه بلا روح، وبلا قيمة.يشعر بالقلق والاكتئاب والصدمات النفسية، خاصةً إذا كان جزءاً من نمط إساءة واسعة يشعر بعدم الكفاءة. يشعر أنه ليس “جيداً بما فيه الكفاية”. وأنه يحاول أن يرقى إلى مستوى توقعات ومطالب الآخرين، حتى لو كانت غير معقولة.
الاكتشاف المسبق
في هذا السياق شرحت باسهاب الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ديالا عيتاني ل greenarea.info عن كيفية اكتشاف المتلاعب مسبقا دون الوقوع في افخاخه مما قالت :” ان التلاعب بالعقول يكون عندما نجد الرجل نرجسيا في اغلبية الوقت يحسس المرأة بالذنب ليتحكم فيها اكثر ويجعلها تشكك بحالها مما تخاف ان تتخذ منه الكلمة من المعنى الشخصي كون المتلاعب بالعقول عنده قلة ثقة بنفسه يتأثر على سبيل المثال اذا اعطى قيمة للشخص الذي يتحدث معه “كأن يقول و لامرة قلت هذا الكلام هذا الشيء لمصلحتك انت و انت تزيد المشكلة والتي لا تحتاج كل هذا الدوران” انها علامات اساسية للشخص النرجسي او المحتال او الشخص الذي يستعمل سلطة بطريقة خاطئة. ”
والملفت للنظر وفق الدكتورة عيتاني :” نجد ذلك عند بعض الاهل الذين يستعملوا الطريقة المذكورة انفا كأن يقولون لولدهم” اذا بتحبني تعمل هكذا ” اما اذا كانوا الاهل على خلاف مع بعضهم يعمل احد الشريكين على تحريض الولد سواء ضد امه او ابيه . اما من جهة اخرى فالمتلاعب بالعقول فنجده دائما يحسس الشخص التاني انه هو الخاطىء و كثير دراماتيكي و ان انفعاله لا لزوم له ولا يعرف مصلحته او لا يفهم عليه او انه يفهم عليه بصورة خاطئة مما يجعل الشخص الاخر متردد و يفقد ثقته بنفسه و يشعره انه لا يستاهل اكثر من ذلك حتى انه لا يعرف التعبير بما في داخله مما يجعله يشكك بالذاكرة عنده حتى يجعله يشعر انه ربما “قال لي هكذا و نسيت او ربما لم يقل لي شيء و انا حللت من عندي .”
الجدير ذكره حسب ما جاء على لسان الدكتورة عيتاني :”ان المتلاعب في العقول يستطيع ان يخرج من حالته النفسية في حال خضع للعلاج عند المعالج النفسي في حال اقتنع ان يتعالج او اذا مزعوجا من حالته الى حد الانهيار النفسي او الشعور بالقلق او غيره .او ان احد من العائلة قال له لكي يعمل على تحسين ادائه لان لو قيل له انت تلعب بمشاعري و ما بتعرف قيمتي عندها لا يذهب للعلاج و في حال اعترف لا يعترف بحقيقة حالته بل يعترف انه دائما على صواب و ان الشخص التاني هو الذي يضخم الامور او لا يانه فهم عليه و اذا اعتذر كانه اختصر الموضوع و يعيده .”