كم من المرات نصادف اشخاصا خصوصا على مائدة الطعام مصابين بعصبية زائدة لدى سماعهم اصوات حيال الطقطقة في مضغ الطعام لدرجة قد يصابون بنوبة غضب و توتر شديد مما فسره علم النفس بمتلازمة “الميزوفونيا”اي حساسية على الصوت الانتقائي خصوصا حس الاصوات من الفم كالمضغ و السعال و غيرها من الاصوات التي تزيد من التشنج العصبي . ليطرح السؤال نفسه : هل هناك من طرق للمعالجة مثل هذه الحالة النفسية الدقيقة ؟
ماهية الميزوفونيا
ان الميزوفونيا تكمن عندما ينزعج الانسان من صوت مضغ الطعام عندها يكون مصابا بمتلازمة “الميزوفونيا” او الشعور “بالاشمئزاز والغضب” تجاه أصوات معينة .
بمعنى ان الميسوفونيا أو الميزوفونيا بالإنجليزية Misophoniaاو متلازمة حساسية الصوت الانتقائية عبارة عن اضطراب عصبي، يتميز بردة فعل انفعالية سلبية تجاه سماع بعض الأصوات المهموسة، خصوصا حس الأصوات في الفم كالمضغ، والنفس، والسعال، وغيرها من الأصوات الخفية كصوت الكتابة على لوحة المفاتيح، وصرير القلم. يبدأ ظهور هذا الاضطراب في مرحلة الطفولة، ما بين الثامنة إلى سن الثالثة عشرة، وأحيانا بعد البلوغ، ثم تستمر مدى العمر في معظم الحالات، وتزيد مع الإجهاد والتعب والجوع، ولم تحدد بعد أسبابه الحقيقية تماما وفق ما افاده خبراء علم النفس .
من جهة اخرى ان الأشخاص الذين لديهم ميسوفونيا عادة مايكونون منزعجين، أو غاضبين من مثل هذه الأصوات العادية في سائر الناس كالأكل أو التنفس أو السعال؛ أو الأصوات المتكررة. وقد تم تشخيص المصابين بالميسوفونيا باضطرابات المزاج أو القلق، فضلاً عن الوسواس. وهم عادة لا ينزعجون من الأصوات التي يصدرونها وردود فعلهم اللإرادية ما ينزعج الأشخاص المصابين بالمرض بالحركات المتتابعة مثل تحريك الرجلين وقضم الاظافر والطباعة.فهم لديهم حساسية لتلك الأصوات فيؤدي ذلك إلى التفاقم في الإجهاد أو الجوع أو الشعور بالتعب أو الانهيار.او وجود خلل في النظام السمعي في الدماغ، وأكثر النظريات تشير إلى وجود عامل وراثي.

القلق سيد الموقف
بالمقابل ان انتشار ميسوفونيا غير معروف حاليا كون الأشخاص المصابين بها استخدموا مختلف الأساليب من خلال تجنب الصوت المزعج عن طريق مغادرة المنطقة كليا، في حين أن البعض يحاولون استخدام سدادات الأذن أو تشغيل الموسيقى. لذلك قد يتطور هذا القلق الشديد إلى سلوك اجتنابي. اذ ان بعض الناس قد يشعرون بالانزعاج وتقليد ما يسمعون في الحالات الأكثر تطرفا، وهم الذين يعانون من عدم الاختلاط خوفا من سماع الأصوات. بالمقابل من المهم أن نلاحظ أن الحساسية تجاه الأصوات المخالفة في كثير من الأحيان أشد بكثير عندما يكون أصل الصوت يأتي من شخص مرتَبط فيهم عاطفيا فَيَصل إلى حد الألم.
في هذا السياق اعتبر العالمان الأعصاب الأميركيان باول ومارغرت جاستربوف، بناء على ما جاء في موقع “ناشيونال ليبراري أوف ميدسين”، وفق بحث عن هذه الظاهرة في مطلع التسعينيات، وأطلقا عليه هذا الاسم ميزوفونيا مما أوضح الباحثان في سنة 2001، أن هذا المرض لا يتوقف على حدة الصوت أو تردده، وأنه يتعلق بتجارب شخصية فقط مرتبطة بصوت ما، تسبب للمرء هذه الحالة من الإحباط والاشمئزاز والغضب.
في المقلب الاخر وحسب نظريتهما، فإن هذه المشاعر السلبية تتولد عند الاستماع لهذه الأصوات بشكل متكررويرجع بعض الباحثين في مركز أمستردام الطبي ان هذا الاضطراب للنزاعات بين الآباء والأبناء، التي عادة ما تكثر أثناء تناول وجبات الطعام، وهو ما قد يربط المشاعر السلبية بأصوات طبيعية؛ مثل: أصوات مضغ الأكل.
نوبة غضب و المعالجة متعددة
في المقلب الاخر تحدثت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ايفي شكور ل greenarea.me انها عاينت مثل هذه الحالة التي اسمها ميزوفونيا حيث خضع الذي يعاني منه الى عدة جلسات نفسية حتى تخلص من المرض الذي يحمل في طياته التوتر العصبي الى حد الغضب مما قالت :”لقد عالجت مريض مصابا بالميزوفونيا و كانت معالجته عبر الجلسات النفسية . اما في ما يتعلق ما هو المرض الميزوفونيا فالامر يعود عندما ينزعج من صوت الطقطقة في الاكل او الصوت الناتج عن مضغ الاكل فهذا يعني اما ان يكون مصابا بالقلق ام عصبيا شديد التوتر لدرجة انه يصاب بنوبة غضب تفقده اعصابه. حيث تكمن المعالجة اما من خلال طبيب مختص في العلاج العصبي مما يعطى له ادوية معينة ام من خلال الخضوع الى الجلسات النفسية عبر المعالج النفسي ، او اللجوء الى سماع الموسيقى الهادئة التي تهدء من توتر اعصابه .”
من جهة اخرى اعتبرت الدكتورة شكور :” ان الذي يصدر منه تلك الاصوات المزعجة اما انه لا يسمع الطقطقة في حنكه و بالتالي قد يكون لديه مشكلة في السمع ام في مفصل الحنك. عندها يتطلب الامر تصويرا مغناطيسيا لتحديد المشكلة الصحية التي يعاني منها لمعرفة ما وراء الطقطقة التي تسبب الانزعاج للاخر.”
ابحاث و حلول
من جهة اخرى افادت اخر الابحاث العلمية ان هناك حلولًا لمعالجة مشكلة “الميزوفونيا”، من خلال طرق عدة من أهمها العلاج السلوكي المعرفي المرتكز على تجاهل سماع الأصوات مع ممارسة الاسترخاء. فهذا العلاج يسهم في تعديل السلوكيات السلبية التي لها علاقة بمحفزات حساسية الأصوات عند المصاب. كما يمكن ارتداء سدادات للأذن أو السماعات في الأماكن التي بها أصوات مزعجة تعمل على تحفيز هذا المرض. عدا اعتماد التنويم المغناطيسي الفعال جدًا في علاج الحساسية لبعض الأصوات.
تجدر الاشارة الى انه في الوقت الحالي، لا توجد أدوية معتمدة لعلاج الميزوفونيا، ولا دليل علمي قاطع على أن أي دواء فعال في علاج هذا الاضطراب. لذلك لا بد من الوقاية من المشكلات السمعية الأخرى عند الإصابة بالميزوفونيا.كما قد تترافق الميزوفونيا مع اضطرابات نفسية أخرى؛ مثل اضطراب الوسواس القهري، واضطراب الشخصية الوسواسية، ومتلازمة توريت، واضطرابات الشهية، والاكتئاب، واضطراب ثنائي القطب، واضطراب طيف التوحّد. كما تترافق مع اضطراب في المزاج.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This