ازاء الاجواء المتشنجة التي نعيشها فمن الطبيعي ان نشعر بالتوتر العصبي طوال الوقت طالما القلق هو المسيطر على العقول . ليطرح السؤال نفسه : هل من طرق نفسية لتخطي التوتر بحزم و سلام؟ خصوصا و ان الشعب اللبناني على اعصابه من خطر اندلاع الحرب و الخوف على المصير حيث يصبح مدمنا على الاخبار السيئة من مواقع التواصل الاجتماعي دون التمييز بها بين الصح و الخطأ كون القلق على المصير يجعل من الانسان مشلولا فكريا . فما هو رأي خبراء علم النفس في تفسير ذلك ؟
دراسات تكشف المستور
اخر ما تفيده الابحاث العلمية في مجال علم النفس ضمن دراسات اجريت في مستشفى اوتيل ديو ان 25 بالمئة من الشعب اللبناني يعاني اضطرابا نفسيا ما، كالاكتئاب أو الفصام أو الإدمان أو غيرها من الأمراض النفسية التي كثرت في الأعوام الماضية.و أن 20 بالمئة من هؤلاء قد مروا مرة واحدة على الأقل بحالة اكتئاب. كما أن حالات الاكتئاب والأمراض النفسية قد تؤدي في بعض الأحوال إلى الانتحار، لكن لا إحصاءات رسمية في لبنان تشير إلى الأرقام الدقيقة، إنما هناك دراسات خاصة أكدت أن في لبنان حالات انتحار تؤدي إحداها إلى الموت كل 3 أيام هذه النسب تشمل الأطفال والراشدين وكبار السن على حد سواء.
كما لوحظ أنه بعد الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، أي منذ نهاية عام 2019، هناك ازدياد بحالات الاضطراب في العيادات المخصصة للطب النفسي، لا سيما عند الأطفال والمراهقين والنساء . اذ ان اندرجت هذه الحالات تحت أسباب مشتركة، مثل الاضطرابات السياسية التي مرت بها البلاد ولا تزال، وكذلك نتيجة جائحة كورونا . تجدر الاشارة الى أن هناك عوائق أمام الاستشفاء من الأمراض النفسية.
الجدير ذكره انه بسبب الكوارث المتعددة التي حصلت خلال السنوات الماضية عانى اللبنانيون من ضغوط كبيرة أضرّت بصحتهم النفسية. وبرغم الاضطرابات السياسية التي عانى منها اللبنانيون على مر تاريخ طويل، تعتبر مناقشة القضايا المتعلقة بالصحة النفسية من المحرمات الثقافية في لبنان.
التحكم بالتوتر
في هذا الاطار تحدثت باسهاب الاختصاصي في علم النفس الدكتورة نيكول هاني حول اهمية التحكم بالتوتر العصبي تفاديا لاي تداعيات نفسية منعا لسيطرة القلق على العقول الذي يكربج حياة الانسان مما قالت :”ان نسبة توتر الاعصاب قد ازدادت اكثر فاكثر في الاونة الاخير خصوصا و انه علينا معرفته انه هناك انواع من الناس في الاصابة بالتوتر بمعنى هناك فئة من الناس عندهم قلق جيني معرضين اكتر من غيرهم للقلق خصوصا في ظل الظروف الصعبة التي ازدادت الحياة تعقيدا فضلا عن الحروب مما ارتفع القلق عندهم اكثر و اثر ذلك على ظهور العوارض الجسدية النفسية مما يصابون بضيق في التنفس و ارتفاع في دقات القلب عدا عن اضطرابات في الاكل و النوم ايضا . كل ذلك هذه الاشياء ينعكس على حياتهم اليومية و على عملهم و على حياتهم العائلية مما ننصحهم في الابتعاد قدر المستطاع عن التواصل الاجتماعي لانه يؤثر سلبا عليهم خصوصا و انه احيانا لا يعطي المعلومات الصحيحة، على سبيل المثال احيانا يتم ترويج اخبار غير صحيحة سواء عن توقف حركة الطيران في المطار و غيرها من الاخبار غير الصحيحة كلها تزرع القلق و الخوف.”
التعامل مع القلق
من جهة اخرى اعتبرت الدكتورة هاني :” بالمقابل هناك فئة اخرى من الناس تتوتر و لكن في الوقت نفسه يستطيعون التحكم بما يشعرون به اما يتحضرون لشراء المونة او انتقال الى منزل اخر الى الجبل مثلا بدافع الهروب كما و انه هناك فئة ايضا من الناس يلجأون الى ممارسة الرياضة او سماع الموسيقى والسهر فيهربون من الاخبار السلبية كي لا يسمعوها خصوصا و ان القلق بات مشرعا على الكل. على سبيل المثال مازلنا لتاريخ اليوم عند اي خطاب سياسي مصيري يدب الخوف عند الناس من ان الحرب ستعود عدا ذلك بعض الاخبار غير الدقيقة المتناقلة عبر التواصل الاجتماعي تزيد ايضا من نسبة القلق عند العديد من الاشخاص .فكيف اذا الشعب اللبناني المصاب بالقلق فسيزيد حتما مع الوقت و هذا ما نواجهه اليوم في العيادة نظرا للاوضاع المتردية مما نجد البعض يأتون بالمونة خوفا من اندلاع الحرب .”
الحلول و المرحلة الصعبة
في المقلب الاخر نصحت الدكتورة هاني :” ما يجب معرفته ان القلق يحطم النفسية فصحيح ان اي انسان عنده قلق انما يستطيع التحكم به كون الحياة استمرارية للمستقبل من دون ان نعيش بفكرة سلبية وبهاجسها . اذ كلنا نخاف الحرب انما علينا بالتالي ان نفكر من الناحية العملية سواء الانتباه الى العمل و على حياتنا و عائلتنا لان القلق يصبح عدوى لان اذا انا مصاب بالقلق من الصعب الخروج منه . اذ استمر طوال اليوم دون التركيز او الرد على احد و النفسية تصبح متعبة و لا حتى استطيع ان اعمل اي شيء مما نعيش في حلقة مفرغة. انطلاقا من ذلك اهم شيء ان نعود الى حياتنا الطبيعية وممارسة الرياضة وسماع الموسيقى و الاختلاط باشخاص ايجابيين ذو اهمية . عدا ذلك تفادي قدر المستطاع وسائل التواصل الاجتماعي دون الادمان عليها لانها ستنعكس سلبا على حياتنا الاجتماعية .”