عند اي حروب يكون  الاكثر تعرضا للصدمات النفسية هم الاطفال خصوصا اذا تأثروا بجو المنزل المتشنج و المكهرب اذا صح القول   كون اهاليهم عايشوا الحرب. ليطرح السؤال نفسه : الى اي مدى سيتأثر اطفال لبنان و خصوصا في الجنوب بفعل الصراع القائم بتداعيات الحرب على الصعيد النفسي ؟ وما هي اخر الدراسات لوضع النقاط على الحروف عن  تعرض الصحة النفسية للاطفال للانتكاسة ؟

 الصدمة و مفاعيلها

اخر الابحاث العلمية  تفيد ان أجواء الحروب تولد لدى الأطفال مشاكل عديدة منها: القلق الشديد، وخاصة الخوف من الموت أو الفقدان.  عدا مشاكل  في النوم والأحلام المزعجة المترتبة على الذكريات المؤلمة التي خزنها عقلهم الباطن. كما يمكن أن يدخل الطفل في حالة حزن شديدة قد تعرضه للدخول في حالة اكتئاب . الجدير ذكره يستمر تأثير الأزمات المتداخلة والشديدة في لبنان في التفاقم، مما يؤدي إلى حرمان الأطفال بشكل متزايد من التعليم وإجبار الكثيرين على التوجّه الى العمل، في محاولة يائسة من أهلهم للصمود وسط التحديات الشديدة والتناقص المستمرّ للموارد والاساسيّات.

في هذا السياق  اوضحت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ايفي شكورلgreenarea.me عن مدى تأثر اطفال لبنان ككل بالحروب و ما يترافق  ذلك من ازمات نفسية مما قالت :”ان تأثير الحرب  ليس فقط على  اطفال الجنوب  بل اطفال كل  لبنان لان هكذا نوع من الازمات نجد  الجميع يتأثر و الولد ايضا كونه يتأثر باهله  خصوصا عند حصول الصدمة و لان اهله عاشوا  بطريقة من الطرق اجواء الحرب مما يتحرك عندهم صدمة الحرب في اللاوعي   و الامر ذاته يتحرك  عند اللاوعي الاولاد.”

اليونيسف كشفت و رصدت

في المقلب الاخر اجرت اليونيسف تقييم سريعا كشفت من خلاله  عن تدهور متزايد في معظم جوانب حياة الأطفال، خصوصاً أن الأزمة تستمرّ في التوسّع منذ أربعة أعوام في ظلِّ عدم وجود أي إنحصار يلوح في الأفق، بالإضافة الى إزدياد الأعباء النفسية، بشكل خاص في جنوب لبنان المتأثر بالصراع، وبين الأطفال الفلسطينيين.

مما علق  ممثل اليونيسف في لبنان إدوارد بيجبيدر:” هذه الأزمة الرهيبة تدمّر أحلام آلاف الأطفال وتنتهك طفولتهم وتسلبهم حقّهم في التعليم وسعادتهم ومستقبلهم”

من جهة اخرى  تبين من خلال تقرير اليونيسف ان أكثر من ربع الأسر (أي نسبة 26%) على عدم ذهاب أطفالها، الذين هم في عمر الدراسة، الى المدرسة. حيث كانت النسبة 18%. ومما زاد الأمر سوءاً، إغلاق عشرات المدارس في جنوب لبنان أبوابها منذ تشرين الأول بسبب الأعتداءات، ما أثّر على أكثر من 6000 طالب.

عدا ذلك تستمرّ الأسعار في الإرتفاع ومعها يبرز إنتشار الفقر، ما يُجبر الأسر الى اللجوء لتدابيرٍ يائسة من أجل تحمّل كلفة وجبة غذائية واحدة فقط يومياً وتوفير المأوى الأساسي. ويبيّن الإستطلاع ما يلي:

إرتفع عدد الأسر التي ترسل أطفالها (تحت سن الثامنة عشر) الى العمل للتمكن من الصمود الى نسبة صادمة بلغت 16%، مقارنة بنسبة 11% في شهر نيسان/ إبريل الماضي.

إضطرت أكثر من 8 من كل 10 أسر (أي 84% منها) الى إقتراض المال أو الشراء بالدين للحصول على المواد الغذائية الاساسيّة، أي بزيادة قدرها 16 نقطة مئوية على مدى ستة أشهر.

إنخفض الإنفاق على العلاج الصحي لدى 8 من كل 10 أسر (أي 81% منها) بعدما كانت النسبة لا تتعدى 75% قبل ستة أشهر

القلق  والحرمان

بالمقابل يؤثر الحرمان وعدم اليقين بشكل كبير على الصحة النفسية  للأطفال، حيث تفيد 4 من كل 10 أسر تقريبا (38 في المائة) عن معاناة اطفالها من القلق، وتتحدّث 24% من الأسر عن معاناة الأطفال من الإكتئاب بشكل يومي. والأرقام الإجمالية في بعض المناطق تشي بأن الواقع أكثر سوءا:

في جنوب لبنان، تفيد 46% من الأسر أن أطفالها يشعرون بالقلق و29% يعانون من الإكتئاب. في النبطية، أبلغ الأهل أن 46% من الأطفال يعانون من القلق  و33% من الإكتئاب.

حوالي نصف الأطفال من اللاجئين الفلسطينيين يعانون من القلق و30% من الإكتئاب. يعاني الأطفال الفلسطينيون  من الآثار العاطفية التراكمية. إن الظروف المعيشيّة السيئة والإشتباكات بين الفصائل في مخيمات اللاجئين، وحالة عدم اليقين في شأن ما يُخبئئه المستقبل، كلها عوامل تعرّض الصحة النفسية للأطفال الفلسطينيين للخطر. الى ذلك، تترك الصوّر والمشاهد والأخبار الدائمة التي يتابعها الأطفال يومياً عن معارك غزّة والضفة الغربية، وعن أحباء نزحوا أو أصيبوا أو قتلوا، بالغ الاثر فيهم.

نداء استغاثة

تحثّ اليونيسف الحكومة اللبنانية على إظهار التزام واضح ببنود إتفاقية حقوق الطفل واتخاذ إجراءات حازمة لدعم وحماية جميع الأطفال في لبنان وضمان حصولهم على الخدمات الأساسية. إن إهمال الأطفال اليوم سوف يتجلى حتما في مستقبل ضعيف ومتعثّر للبنان.

في هذا الاطار طالب ممثل اليونيسف في لبنان  إدوارد بيجبيدر :” انه   يجب أن تتوقف المعاناة اليومية للأطفال. علينا أن نضاعف جهودنا للتأكد من أن كلّ طفل في لبنان يذهب الى المدرسة ويتعلم، وأن نتحقق من وجوب أن يبقى محمياً من الأذى الجسدي والنفسي، وأن تكون لديه الفرصة لينمو ويساهم بفعالية في المجتمع”

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This