قيل أن الصورة تساوي ألف كلمة. في هذه الحالة، قد يكون القائل على حق. فالصورة يمكنها التقاط جوهر شيء ما قوي أكثر من أي كاتب أو شاعر. صورة بسيطة. انها هناك أمامك تماماً، من دون أي تدخل. يمكن للكلمات أن تضيع عند الترجمة وتخرج عن سياقها. يختلط المعنى ويساء تفسيره. فالصور ليست مجرد خليط من الألوان تنزل على الورق. إنها شيء يمكن أن يحرك ويثير العواطف الصافية في داخلنا. هناك أمثلة قياسية لأهمية الصور. وفقا لمركز بيو للأبحاث، فإن مستخدم الانترنت عرضة 7.4 مرات أكثر للنقر على المحتوى إذا ما تم إرفاق صورة مع المادة. ويستخدم خبراء التسويق والماركات التجارية الألوان والصور، بعناية، لاقناعنا بشراء بعض المنتجات. ولكن لماذا ننجر الى هذه الصور؟ كيف يحدث أن يكون لها كل هذه السطوة علينا؟ 
يفسر علماء النفس أن الصور تساعد، وبسهولة، على نقل أربع منشطات رئيسة: التوقعات، العاطفة، الدافع والثقافة. ومن الواضح أن هذه الأربعة كلها تحمل أهمية كبيرة في حياة الإنسان اليومية وتستفيد من الهوية الفطرية للمرء. وتثير الصور والرسوم التوقعات أيضاً من الشخص الملاحظ. 
إذا وضعت صورة لصبي وكلبه أمامك، وأمامي وأمام عشرة أشخاص آخرين، فمن المحتمل أن تعني تلك الصورة شيئاً مختلفاً لكل من يراها. ربما يكون أحد الأشخاص في المجموعة قد فقد كلبه حديثا، ربما كان لشخص آخر تجربة سيئة مع كلب في طفولته. ومهما تكن الحال، فإن رد فعل كل شخص إزاء الصورة سوف يكون مستنداً إلى حد ما على تجاربه وآرائه السابقة. سوف تترسخ ذاتيتهم وتساعدهم على إملاء عواطفهم التي يشعرون بها عندما تقدَّم لهم تلك الصورة. 
الصور ليست مجرد لقطة وحيدة من لحظة واحدة. إنها تذكير بعيد الأثر بذكريات سواء كانت جيدة أو سيئة. انها محفزات لردود فعل عاطفية. انها صلات قوية بشيء أكبر من نفسك، وهي تجسيدات بصرية لمعظم رغباتك ومخاوفك الداخلية. 
عليك أن تدرك أن هناك “أ” تسبب “ب”. لكن في النهاية، هناك سبب للقول بأن الرؤية تعني التصديق. فلا مجموعة من الكلمات، ولا جمل متسلسلة يمكن أن يكون لها ذات التأثير المطابق لصورة قوية. فرؤية شيء ما، سواء كان ذلك في صورة مروعة للحرب أو مثالاً ملهماً للإنسانية، يجعلها حقيقية على الفور. انه يجعل كل شيء ذي صلة وبمستوى أنيق. 
أنا كاتب. أحب الكلمات. إلا أن بمقدوري الاعتراف حتى أني في هذا العصر الرقمي، تعني لي صورة أحد أفراد أسرتي أكثر مما تعنيه رسالة نصية. يمكن للصور أن تقدم هذا العالم بشكل أكثر وضوحاً من النثر المعقد. 
انظروا الى هذه الصور وكل ما تمثلها. الأيديولوجيات المتصارعة على السلطة والحب نراها في قوات الشرطة المدججة بالسلاح في مواجهة المتظاهرين المسالمين. نجد السعادة الحقيقية لدى زوجين مسنين يصنعان بوجهيهما تعابير سخيفة ويتبادلان القبل عندما تستقر عليهما عدسة الكاميرا. نرى الأمل من أجل عالم أفضل عندما نصل الى صورة 100 الف راهب يجتمعون معاً للصلاة. وصورة أخرى تذكرك بأن كل شيء ممكن وأنت تنظر الى عزف لفريق البيتلز في قاعة النادي الفارغة بمعظمها قبل عام من نجاحه وليصبح فريق البيتلز المشهور. كل هذه الصور لا تحتاج إلى شرح لأن الصور بمحتواها تتحدث عن نفسها. 
“أنا لا أقرأ ابداً، فقط القي نظرة على الصور”، قال آندي وارهول يوماً. 
ولم لا؟ فالصور تعقيد رائع في بساطتها. صورة واحدة يمكن أن تروي حكاية كاملة. 
وعلى حد تعبير غاندي، لديك عينان وفم واحد فقط لسبب ما. ترجمة ايمان سويد* (رويترز) 
