في جنوب أفريقيا وحدها، تشكل النفايات الإلكترونية، أو e-waste ،من 5٪ إلى 8٪  فقط من النفايات البلدية الصلبة، ولكن النسبة تنمو بمعدل ثلاث مرات أسرع من نمو  أي شكل آخر من اشكال النفايات، وفقاً لـ “تحالف النفايات الإلكترونية في جنوب أفريقيا” (Saewa ). فمعظم النفايات الإلكترونية ينتهي بها المطاف في مكبات النفايات أو يتم تصديرها إلى البلدان التي لديها قدرات أكبر في مجال إعادة التدوير. ويعاد تدوير جزء صغير نسبياً ( 10٪ إلى 15٪)، محليا، بحسب قول كيث أندرسون، رئيس رابطة دول جنوب أفريقيا للنفايات الإلكترونية (Ewasa). يشكل تراكم السموم جراء النفايات الإلكترونية في الأرض والجو مخاطر صحية كبيرة بالنسبة لعمال إعادة التدوير الذين يعيشون في المناطق المجاورة. المخاطر الصحية النفايات الإلكترونية، بحد ذاتها، ليست خطرة – الميكروويف القديم أو الكمبيوتر المحمول، على سبيل المثال، يمكن ان يظل مخزناً دون أن يشكل أي تهديد فوري لصحة الإنسان.لكن المخاطر تنشأ عندما يتم ترك النفايات الإلكترونية لتتعرض لعناصر خاصة، أو عندما لا تتم إعادة تدويرها بشكل صحيح، من خلال حرق القمامة مثلاً. وقد أظهرت الأبحاث، في هذه الحالات، أن السموم الموجودة داخل النفايات تتسرب إلى التربة أو تلوث الهواء أو الماء كجسيمات دقيقة، التي يمكن أن تجد طريقها في النهاية إلى جسم الإنسان. التعرض المتراكم لهذه المواد السامة يضع الناس في خطر أمام مجموعة من المضاعفات الصحية، بما في ذلك السرطان والتشوهات الخلقية والأضرار التي تلحق بالكلى، الرئتين، الدماغ والجهاز العصبي. فالتسمم بالرصاص، على وجه الخصوص، يمكن أن يسبب تلف الجهاز العصبي والتناسلي، وفي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي إلى الموت، بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية. “الرصاص هو الرقم واحد على الأرجح”، كما يقول الدكتور ايمين تشن، وهو أستاذ في جامعة سينسيناتي  يدرس آثار المواد السامة البيئية على النساء والأطفال. واضاف الدكتور تشن “اذا نظرتم الى تلفزيون واحد قياس 27 بوصة، وأنبوب أشعة الكاثود التلفزيوني، فإنه ربما يكون هناك 2 كلغ من الرصاص داخله – وهذه كمية كبيرة من الرصاص”. بالإضافة إلى الرصاص فإنه ينبغي الالتفات الى الكادميوم، النيكل، الكروم، الزئبق والمعادن الأخرى، كما يقول الدكتور تشن. وقد أظهرت الدراسات أن  اللا معادن مثل البلاستيك ومثبطات اللهب، وهي المكونات الأساسية لمعظم النفايات الإلكترونية، يمكن أيضا أن تسبب مشاكل صحية اذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. فعند احتراقها، تطلق سموماً يمكن أن نظل في البيئة لفترات طويلة من الزمن.   النتائج وجد تشن وزملاؤه الباحثين،  في اوساط النساء الحوامل في الصين، أنه كان لدى اللواتي يسكنَّ قرب مواقع إعادة تدوير النفايات الإلكترونية ضعف كمية المعادن الخطرة تقريباً في اجسامهن، بما في ذلك الرصاص والكادميوم والكروم، بالمقارنة مع النساء في المناطق التي ليس فيها مواقع اعادة تدوير. وكشفت النتائج التي نشرت عام 2012 في مجلة علم السموم الإنجابية (Reproductive Toxicology )، أن لدى هؤلاء النسوة عددا اكبر من الحالات المتعلقة بموت الجنين داخل الرحم وأطفال ولدوا وهم يعانون من نقص الوزن عند الولادة. وكانت نتائج الولادة السلبية هذه “متعلقة بوجود احتمال أكبر لاعاقات في الجهاز العصبي، التنفسي، والجهاز الهضمي” لدى الأطفال. بغض النظر عما إذا كانت النساء في هذه الدراسة قد شاركن في أنشطة إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، والتي كانت في كثير من الأحيان عشوائية وتتم من دون معدات او ادوات السلامة المناسبة، فقد كان لا يزال لديهن نسبة عالية من المعادن الثقيلة في اجسامهن مقارنة مع النساء في موقع السيطرة. هذا الاستنتاج يكشف عن أن القرب امر هام عندما يتعلق الأمر بمستويات التعرض للسموم. “إذا كنت تعيش حتى ضمن كيلو متر واحد او اثنين، فإن انتقال تلك المواد السامة في الهواء أو الغبار أو التربة أو حتى الماء لا يزال ممكناً. هذه كلها طرق محتملة لامكانية حدوث التلوث “، يقول تشن. يحذر تشن من أن الأطفال والأجنة معرضون بشكل خاص للسميات المعدنية. وهو يوصي بإبعاد النساء الحوامل والأطفال عن حقول إعادة التدوير الصناعي تماماً، إلى جانب  تشجيع عمال إعادة التدوير على استخدام ملابس واقية وتحسين معايير السلامة في هذه المرافق.   محاسن ضئيلة في حين أن هناك العديد من المخاطر بخصوص التعامل مع النفايات الإلكترونية، فإن من المفترض الا يكون وجودها سيئاً كله. في الواقع، إن العديد من البلدان النامية تنظر الى النفايات الإلكترونية على أنها “فرصة لتوليد الدخل”، وفقاً لتقرير “الأثر العالمي للنفايات الإلكترونية: التصدي للتحدي”، الصادر عن مكتب العمل الدولي. ففي جنوب أفريقيا، خلقت النفايات الإلكترونية كوة جديدة في قطاع إعادة التدوير، وتتألف من صغار المشغلين، المفككين، المجددين، والموزعين المستقلين والعاملين في إعادة التدوير على نطاق واسع مثل DESCO، وذلك من بين أمور أخرى، يقول أندرسون. لكن الآثار الصحية الناجمة عن النفايات الإلكترونية ترتبط، أساساً، بقطاع إعادة التدوير غير الرسمي، يقول مبينان فلورى سنيكايني (Mpinane Flory Senekane )، وهو محاضر في جامعة جوهانسبرج قسم الصحة البيئية.  وينص تقرير Ewasa لعام 2008،  بعنوان “تقييم النفايات الإلكترونية في جنوب أفريقيا”، على أن إعادة تدوير النفايات الإلكترونية غير الرسمية توفر الدخل النقدي بالنسبة للكثيرين، الا أن لها أيضاً عدداً من الآثار الاجتماعية والبيئية السلبية. ومن بين هذه الآثار السلبية التعرض المستمر للمواد السامة والمساهمة في مستويات الجريمة من خلال سرقة صناديق إعادة التدوير، الكابلات النحاسية والالكترونيات الاستهلاكية.   رفع مستوى الوعي ترتبط العديد من المشاكل ذات الصلة بالنفايات الإلكترونية بقلة الوعي بين المواطنين وصناع القرار، والجامعين غير الرسميين لهذه النفايات. فالمعرفة المتعلقة بالنفايات الإلكترونية متدنية في جميع أنحاء العالم، ويتفق العلماء والمسؤولون الصناعيون على أن التوعية من خلال التعليم والثقافة أمر حاسم للحد من التعرض للنفايات الخطرة وتحسين معايير إعادة التدوير. “هناك الكثير من ملتقطي النفايات الذين يعملون في مواقع دفن النفايات، ممن يبحثون عن النفايات، يعرضون أنفسهم للكثير من العناصر السامة، وذلك عند حرقهم الكابلات النحاسية لاستخراج النحاس منها مثلاً. إن كل تلك الأبخرة السامة التي يستنشقونها والتي تدخل الى الأجواء كلها مشاكل، ولكن هذا الأمر يمكن التعامل معه من خلال التعليم وعن طريق تثقيف العامة واخبار العمال عن معدات الوقاية”. Mail & Guardian’s health. / ترجمة ايمان سويد  

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This