مايا نادر |
بعد 40 يوماً على بداية زمن الصوم يحلّ يوم الفصح أو يوم القيامة، واذ يفصل هذه السنة اسبوع واحد بين الفصح للمسيحيين الذين يتبعون التقويم الغربي وبين الذين يتبعون التقويم الشرقي، إلا أن اهمية هذا العيد ورمزيته الروحية، فضلاً عن مظاهره الاجتماعية، فموحّدة. فمن تلوين البيض الى اقتناء الصيصان والمعمول… رحلة من تعابير الفرح والحياة الجديدة.
ربما تكون هذه التقاليد والعادات موروثة من حضارات سابقة ومعانيها يمكن ان تكون مختلفة بين واحدة وأخرى، إلا ان الامر الاكيد هو ان ما وراءها اضرار بيئية وصحية جمّة!
البيض ورمزيته
اختلفت المحاولات في تفسير معنى البيض وربطه بعيد الفصح، وقد اجمعت الغالبية على ان البيضة ترمز إلى القبر وتكسيرها يرمز إلى قيامة السيد المسيح من القبر.
الا أن بعض الاساطير تشير الى أن عادة تلوين البيض وزخرفته تعود الى العهود الوثنية، عندما كان يحتفل الناس بقدوم الربيع وعودة الخصب. وقد استعملوا آنذاك في الاحتفال البيض الملون الذي يمتلك دلالة رمزية على الخصب. إذ عثر على بقايا بيض مزخرف في قبور تعود إلى فترة ما قبل انتشار الديانة المسيحية التي أعطت هذه العادة محتوى دينياً جديداً.
فضلاً عن ذلك، فان ولادة الكون من بيضة كانت فكرة سائدة عند اليونان والمصريين والفينيقيين والكنعانيين وشعب التيبت والهنود والفيتناميين والصينيين واليابانيين وسكان سيبيريا وأندونيسيا وغيرهم. ويعتبر الهنود أن الكون كبر وتحول الى بيضة إنقسمت الى قسمين: فضة وذهباً، الأول أصبح الأرض والثاني السماء.
لذا فما تمثله البيضة في كل الأزمنة هو رمز تجدد الطبيعة الدوري، وهي في عيد الفصح ترمز إلى إعادة الخلق وليس الخلق وحده.
اشكال والون
يستخدم البعض مواد صناعية لتلوين البيض لها أضرار بالغة على الصحة، وللأسف يعتقد الكثير من الناس أن قشرة البيضة تحميها من التلوث الخارجي، لكنه اعتقاد غير صحيح علمياً. فقشور البيض تحتوي على فراغات تشبه المسامات لذلك يجب الحذر الشديد عند تلوين وتحذر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أيضا من السالمونيلا التي يمكن ان تلوث قشور البيض من الخارج ومن الداخل أيضاً. ويمكن لهذه البكتيريا أن تسبب الغثيان، والتقيؤ، والإسهال، والتشنجات والحمى.
في المقابل، يمكن الاستعاضة عن تلك الألوان الاصطناعية بأخرى طبيعية، تفي بالغرض، وذلك عن طريق استخدام الأعشاب أو الخضراوات أو الفاكهة مثل ورق البصل الأحمر والبرتقال، أوراق الشاي والسبانخ والبقدونس ووالقهوه وقشر الفاكهة الحمضية والعنب والتوت… ويكون إستعمال هذه المواد الطبيعة كالآتي :
* اللون البنفسجي : عصير العنب المركز مع كمية بسيطة من ورق البصل الأحمر.
* اللون الأزرق : عصير التوت المركز وشرائح من ورق الكرنب الأحمر.
* اللون الأحمر: البنجر وعصير الفراولة المركز وقشر البصل الأحمر و الكركديه.
* اللون الأصفر وحتى البرتقالي : أوراق البصل البرتقالي أو قشر الموالح و الجزر أو الكمون أو الكركم .
* اللون الذهبي حتى الأخضر : قشر التفاح الأصفر وأوراق السبانخ و البقدونس.
* اللون البني : استعمال القهوه سريعة الذوبان.
حياة الصيصان وواجب احترامها!
يرتبط الصوص بالبيضة بشكل وثيق تماماً كما ارتباطه برموز عيد الفصح، ففي حين يؤمن المسيحيون بأن المسيح انتصر على الموت وخرج من القبر حياً. كذلك هو الصوص الذي يخرج حياً من البيضة.
هذا في المضمون الاجتماعي للفكرة، وبديهياً على الانسان احترام حياة هذا الصوص. وبالرغم من الاستخدامات الأخرى للبيض (الأكل)، الا ان المؤسف أن استخدامه للترفيه وتحويله الى تجارة موسمية، سريعة ومربحة، دون أدنى مراعاة العوامل الصحية والبيئية المترتبة على ذلك.
فصيصان العيد بألوانها الزاهية وحجمها الصغير المحبّب عند الأولاد، تذوق مرارة العذاب في التفقيس والتلوين. اذ توضع هذه الصيصان بشكلٍ وحشي فوق بعضها ويتمّ سكب صبغةٍ عليها لتتلوّن. هذه الصبغة تدوم لأسبوعين على أبعد تقدير وتؤدي في معظم الأحيان إلى موتها سريعاً لانها تحتوي على مواد كيماوية… ما يسبب خللاً في التنوع البيولوجي ايضاً.
فضلاً عن ذلك، فالصيصان الملونة تشكّل أيضاً خطراً على صحّة الأطفال لانها غالباً ما تحمل بكتيريا السالمونيلا، التي يلتقطها الكثير من الأولاد لدى حمل الصيصان أو اللعب معها وحتى تقبيلها. والأطفال هم الأكثر عرضة لهذه البكتيريا لأنهم يضعون أصابعهم المتسخة في فمهم أو يأكلون دون غسلها.
بالتالي، وبتحويل الصوص الى لعبة في يد الطفل، فمصيره محتّم، اما الموت كسراً أو معساً او دهساً.. واما الموت طبيعياً بسبب الملونات بعد اسبوعين.. فأينالبهجةفيذلك؟
انه العيد وتقاليده، ورغم جمال تلك العادات الا ان العبرة الاساسية تبقى بالمحافظة على الروحية الدينية لهذا العيد ببيئة مؤاتية وصحة دائمة.
