بعد مرور 23 عاما على التصديق على اتفاقية بازل، بشأن نقل النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلص السليم منها، وفي خضم تحضير الدول الأطراف لعقد مؤتمرها الـ 12 في شهر أيار القادم، وبعد كل التقدم، الذي تحقق في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالنفايات الخطرة، والضوابط المفروضة على نقل النفايات، بما فيها غير الخطرة بين الدول، يتناقل العالم اليوم، أخبارا عن انتقال 50 مستوعبا من النفايات من كندا إلى الفيلبين بطريقة غير مشروعة. وهذا ما يطرح تساؤلا كبيرا حول مدى التزام الدول الصناعية المتقدمة بالاتفاقية وقواعدها، وخصوصا في مجال انتقال النفايات باتجاه البلدان النامية. ويعتبر هذا الحدث واحدا من أكبر الانتهاكات لاتفاقية بازل في الأشهر الأخيرة. ومن المثير للاستغراب أن كندا، البلد النشيط جدا في أعمال هذه الاتفاقية، ترفض الالتزام، حتى الآن باسترجاع هذه النفايات، وفق ما تنص عليه الاتفاقية وملحقاتها. ومن جهة أخرى، ترفض كندا، المضي قدما في مقاضاة المسؤولين عن هذه الشحنة غير القانونية، والتي تقع تحت أحكام الاتجار غير المشروع للاتفاقية، والتي تصنف وفقها عملا إجراميا.

وعلى رغم المطالبة الملحة من قبل الحكومة الفيليبنية ومنظمات المجتمع المدني في هذا البلد النامي، وتضامن المنظمات البيئية العالمية، لا تزال حكومة كندا تتلكأ عن استرجاع هذه الشحنة غير المشروعة، التي قامت بها مؤسسات كندية. ولكي تبرر هذا التلكؤ غير المعقول، تقول الحكومة :”لا يوجد قوانين محلية في كندا، يمكن تطبيقها لإجبار الشاحن على استرجاع الحاويات المحملة بالنفايات إلى كندا“. ويبدو هذا العذر أقبح من الذنب نفسه، إذ كيف يمكن أن تكون كندا دولة طرفا نشيطا في اتفاقية بازل منذ تصديقها، وتفتقر إلى قانون محلي يترجم التزامات الاتفاقية، التي تقول بمسؤولية الحكومة عن استرجاع الشحنات غير المشروعة من النفايات، التي تصدر من عندها إلى بلد آخر. يبدو هذا هراءً غير معقول. وإذا كان هذا صحيحا، فهو دليل على ضعف فاضح في تكييف القوانين الوطنية مع التزامات الاتفاقية، ولا يشكل، بأي حال من الأحوال، عذرا مشروعا لهذا الخرق الفظ للاتفاقية، والتهرب من تحمل المسؤولية. كما تنص الاتفاقية، في هذه الحالة، إن كندا، ليس فقط لها الحق باسترجاع الشحنة غير المشروعة، بل عليها واجب استرجاعها دون تردد أو تلكؤ تحت أي ذريعة كانت. إنها ليست مضطرة للتعويل على الشاحن لاستعادة حاوياته، بل، بصفتها عضوا طرفا في اتفاقية بازل، على الحكومة أن تقوم بذلك بنفسها.

ونحن في هذا السياق، نذكر بالحاويات، التي كانت آتية من ألمانيا ومن بلجيكا في العام 1996، حين التزمت حكومتا ألمانيا وبلجيكا باستعادة تلك الشحنات غير المشروعة، تطبيقا لأحكام اتفاقية بازل.

من الجدير ذكره، أن كندا دولة طرف بالاتفاقة منذ 1992، ووفق أحكام الاتفاقية، على الدول أن تراقب الشحنات المصدرة من عندها، وتتحمل مسؤولية أي حالات للاتجار غير المشروع، وملزمة باستعادتها. حتى وإن كانت تلك النفايات مصنفة في الملحق 2 منها، أيالنفايات الأخرىأيضا، وفق ما تنص عليه المادة 9 الفقرة 1 من الاتفاقية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This