سوزان برباري |

الصحافة الخضراء تعيش صراع شدّ حبال بين لامبالاة المسؤولين في وضع البيئة اولوية وبين الاهتمام والوعي العام الجاد في البيئة؟ بكل أسف نقولها. لأنه ليس هناك من اهتمام فعلي بالبيئة في لبنان، فعلى سبيل المثال عندما تسأل أحد وزراء البيئة السابقين : ما هي البيئة بالنسبة لك؟ وهل تعطي أهمية لمن يكتب عنها؟ يرد عليك بجواب غير متوقع، بعيد عن المجاملة البديهية من مسؤول معني بشجون وشؤون البيئة “البيئة بالنسبة لي ما هي الا مجرد نصائح نعطيها لأبنائنا بان لا يرموا “المحارم” على الأرض.” هذا الجواب الصادم، غير مستغرب، لأنه كلما رفعنا هذا السؤال الى أي وزير بيئة جديد، يكون الجواب مموهاً، متضمنا شعارات اعلامية، دون أن يعلمنا بحقيقة معرفته وعلاقته بالبيئة ومشاكلها، ولا عجب في ذلك طالما أن الدولة أوجدت وزارة البيئة كتنفيعة سياسية، أو بالأحرى بيئة صالونات نتحدث عنها «رفع عتب»، في الوقت الذي أصبحت فيه وزارات البيئة في دول العالم من أهم الوزارت كونها تشكل جزءاً مهماً من النشاط الاقتصادي!. البيئة يا سادة الكرام .. ليست فقط نهراً وشجرة وعصفور يزقزق، إنما البيئة أموالٌ غير منقولة، هي الأرض والهواء والشمس، هي الطاقة والموارد، التي هي تكملة أساسية للاقتصاد، فكلما تحسنت البيئة، أصبحت الصحة العامة في امان، دون التلوث الذي يثقل كاهل الدولة اللبنانية بسبب تداعياته الآنية والمستقبلية، حيث بلغت تكاليف الفاتورة الصحية نحو 50 مليون دولار في السنوات الاخيرة لمعالجة الأمراض الناجمة عن تلوث الهواء وحده، بحسب ما افادت به منظمة الصحة العالمية . والنتيجة، أيها السادة، أن بيئة لبنان تحتضر.. أمام هول ما تفعله الكسارات والمرامل التي طحنت الجبال طحناً، وكلما ارتفعت الاقلام الخضراء لترسم حجم المشكلة والمجازر التي ترتكب بحق البيئة علناً، يأتي التهديد والوعيد من قوى الامر الواقع .. نعم، بيئة لبنان تحتضر .. والصحافة الخضراء لا يوجد من يحميها ..كيف ذلك؟ اذا فتحت ملف المصانع التي تلوث علنا من دون اي رقيب او حسيب مستندا لوقائع علمية تأتيك الردود العنيفة من أصحاب المصانع وحامياتهم، بأنك تضرب الصناعة في لبنان. ..بيئة لبنان تحتضر والصحافة الخضراء لا يوجد من يحميها، إذا كتبت تحقيقاً عن أن شاطئاً في لبنان حولته الدولة اللبنانية إلى مجرور كبير نتيجة الاهمال المزمن في خرق فاضح للاتفاقيات الدولية للمحافظة على الشاطىء، يأتيك الاتهام، بأنك تضرب السياحة في لبنان .. والى ما هنالك من ملفات بيئية ساخنة التي كلما لامست التوتر العالي السياسي على بيئي، حاصرتك، إما بالدعوى أو الشكوى، أو التهديد، أو حتى حجب المعلومات، علماً أن القانون في كل ما يتعلق بحماية البيئة، يشدد على حق المعرفة والشفافية. فأي بيئة في لبنان ستكون في أمان، طالما أن الصحافة الخضراء تعيش هزّات يومية من ارتدادات سياسية لانهاية لها؟! حتى بات القول بأن البيئة استشهدت، بديهياً، ومنذ زمن.. على يد القوى السياسية النافذة ..وحكم عليها السياسيون بالاعدام ..

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This