من المضحك المبكي في هذا البلد العجيب، الذي اسمه لبنان، أنه عندما تقع الأزمات والكوارث، ولا سيما منها البيئية، وعندما تصل الأمور إلى طريق مسدود، يلجأ المسؤولون إلى البدء بالصراخ والشكوى، ويستبقون كل الآخرين، على طريقة المثل الشعبي القائل :”ضربني وبكى وسبقني واشتكى“.

إن سياسات وزارة البيئة، للوزير الحالي، ولكل من سبقوه في هذه المسؤولية، وسياسات الحكومة الحالية، وكل الحكومات، التي سبقتها بإدارة شؤون البلاد، هي وحدها المسؤولة عن الأزمات المتوالدة، الواحدة من الأخرى، وعن الكوارث البيئية، التي حلت، وتحل وستحل بالبلاد، نتيجة السياسات العقيمة والفاشلة، وفي كثير من الأحيان، المتواطئة معالمافيات، التي لا تبحث عن حلول بيئية سليمة للملفات كافة، وخصوصا منها ملف النفايات. إذ يتم التعاطي مع هذا الملف، منذ أكثر من عشرين سنة، على أنه بقرة حلوب، تدر مئات ملايين الدولارات لمحتكري إدارته، بإخراج وتدبير من وزراء البيئة المتعاقبين، ومنفذي سياساتهم بدقة، مديري هذا الملف في مجلس الإنماء والإعمار.

قد يظن البعض أن تلك الملايين، التي نتحدث عنها، قد تم تحصيلها من إعادة تدوير المواد، واسترداد القيمة منها، أو بمعالجتها وتحويلها إلى سلع، يستوردها السوق اللبناني من الخارج، أي من دول تحسن إدارة نفاياتها، مثلالتورب، أي السبيخ المستولد عن تسبيخ النفايات العضوية، ممزوجة بنفايات الحدائق والبساتين. ولكن، ربما علينا إعادة التأكيد أن تلك الملايين، هي أموال الصندوق البلدي المستقل، الذيتشرعالحكومات المتعاقبة، وبتشريعات تتناقض مع القوانين والدستور، تجييرها في غير اتجاهها الصحيح. فبدل أن يتم تحويلها إلى البلديات واتحادات البلديات، لتتمكن بواسطتها من تطبيق أفضل الحلول المتكاملة لإدارة سليمة بيئيا وآمنة صحيا ومقبولة ماليا ونافعة اقتصاديا واجتماعيا، لنفايات لبنان، هيتصادربمراسيم غير دستورية، لتغطي كلفة أسوأ خيارات لإدارة هذا الملف، وأحيانا يصار إلى تكملة هذه الكلفة من أموال الخزينة اللبنانية. من الواضح للجميع، دون أي استثناء، أعمال الهدر، والعمولات، والثغرات الإجرائية، المرافقة لتدابير المناقصات، التي يغلب عليها الطابع الشكلي، وغياب المنافسة الحقيقية، ووضع دفاتر شروط معلبة.

وعلى الرغم من كل ذلك، يشهد هذا الملف، انتقالا من فشل إلى فشل، إلى فشل، وصولا للأزمة الوطنية والكارثة البيئية. وبعدها، يأتي من يقول، أن لا حل في الوضع الراهن إلا تصدير النفايات إلى الخارج، وبكلفات عالية جدا، على حساب المكلف اللبناني، المرهق مسبقا بثقل الأزمة الاقتصادية والمالية ونهب موارد البلاد.

هذه المرة نقول بالفم الملآن، عليكم الرحيل قبل ترحيل النفايات…. أنتم المشكلة في إدارة هذا الملف، فاذهبوا إلى بيوتكم ، ليس أحدا غيركم من اللبنانيين مسؤول عن فشلكم.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This