مازن حيدر |
يتحسر الصيادون في بحر صور – لا سيما من عمل منهم في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي – على أيام الإسفنج الذي كان يعيش في بحر المدينة الجنوبية العريقة بحضارتها وتاريخها، وأصبح حاليا شبه منقرض، ولم يعد له أثر منذ النصف الثاني من الثمانينات، وقد بيعت آخر كمية من الإسفنج، اصطادها البحار الصوري زوزو الخوري المعروف (بالكوشي) إلى تاجر الإسفنج آنذاك حسن عواضة، وبلغت زنتها مئة وخمسين كيلوغراما بمبلغ كبير من المال، وباعها الاخير لتجار يونانيين في قبرص، خصوصا وأن الإسفنج كان يباع مثل السمك في مزاد علني نظرا لندرته.
بعد هذا التاريخ، وبحسب رئيس متحف الحياة البحرية والبرية في “جعيتا” جمال يونس الذي يحتفظ بكميات من أشكال مختلفة منه وهي محنطة في متحفه، فإن الإسفنج في لبنان وفي غالبية دول العالم قد أصيب بوباء “التبييض” أي ابيضاض الإسفنج.
يؤرخ يونس تاريخ بدء صيد الإسفنج في بحر صور على اعماق كبيرة، ويذكر ان “أول من قصد بحر صور واصطاد الإسفنج فيه هو روبين البويري من البترون، وقد اصطحبه الى صور تاجر الإسفنج أبو ناصيف الشرتوني، وكان من أكبر تجار الإسفنج في لبنان في الخمسينيات، وجلب معه عدة الغطس السائدة في تلك الايام والمعروفة “بالتنين” التي تزن حوالي 200 كيلو، يغطس من خلالها الصياد على عمق اكثر من خمسين مترا“.
ويردف قائلا: “ان سالم واكيم أول صوري بنى أربعة مراكب لصيد الإسفنج بواسطة الكومبريسة (كومبرسور الهواء المضغوط)، وكان اشهر الغطاسين الصوريين في ذلك الوقت: الياس الدرزي، شكرالله العبد (توفي اثناء الغطس)، نقولا المادوح، لطوف شاهين، أبو اسماعيل قصاب، إبراهيم الفران (شيخ الضيعة)، حسن صبراوي، (توفي اثناء الغطس)، علي رشيد زيات الذي غرق في جزيرة أرواد في سوريا بحثا عن الإسفنج، أحمودي خرما، حسن وعباس حجازي (ابو الذهب)، أبو غازي السمرة وأولاده وقد أصيب أحدهم بشلل جزئي من جراء الغطس، وكانوا يبيعون الإسفنج لتاجر من آل شرتوني يعمل على تصدير الإسفنج الى اليونان واوروبا، اذ كان يستخدم في صناعة الطائرات كعازل للحرارة والصوت في تلك الفترة“.
ويضيف يونس: “بعد الشرتوني جاء تجار صوريون، هم: حسن عواضة، بولس غنيمة وابراهيم الفران (شيخ الضيعة) وآخرون، و كانوا يقومون بشحنه الى قبرص واليونان لان الاسعار والطلب على الإسفنج كان كبيرا، ويبلغ سعر الكيلو الواحد آنذاك خمسون ليرة لبنانية أي ما يوازي عشرة أضعاف سعر كيلوا (اللقز) الصوري“.
ويلفت الى ان “صيد الإسفنج بقي رائجا في السبعينيات، لا سيما في فترة الحرب الاهلية والتي سادت فيها الفوضى البحرية والصيد العشوائي بواسطة الديناميت والمبيدات السامة، وقد أثرت بشكل سلبي على التوازن البيئي، ما أدى إلى انقراض الكثير من الاسماك والكائنات البحرية“.
يذكر ان الإسفنج هو كائن بحري يتغذى على الكائنات البحرية الدقيقة، وله أشكال غير منتظمة، وأحجام يصل قطر بعضها الى حوالى المتر، وألوانه عديدة، منها الابيض والاصفر والرمادي والبرتقالي والبني والاحمر.
وكان اليونانيون اول من مارسوا الغطس لصيد الإسفنج قبل ثلاثة آلاف سنة، وكانوا يغطسون الى عمق يتراوح من 35 متر الى 60 مترا، وكانوا لا يخافون من الأعماق والظلام الذي يسوده والمخلوقات البحرية التي تعيش في تلك الأعماق كالأخطبوط العملاق واسماك القرش.
وأشهر هؤلاء الغطاسين جورجيوس هانتريس الذي غطس الى عمق 80 مترا لمدة دقائق، ووجد بقايا ياطر (مرساة) السفينة الحربية الايطالية (ريجينا مارغريتا) عام 1913، وأول بدلة غطس استعملت لصيد الإسفنج عام 1865 وكانت تعرف باسم “سكافندرو” scafandru (معناها الغواص باللغة اللاتينية)، وأطلق عليها غواصو صور القدماء الذين استعملوها لاحقا إسم (التنين).
أنواع الإسفنج التجاري خمسة، وهي:
1-إسفنج قرص العسل spongecomboneyh.
2-الإسفنج الناعم الحريري (اسفنج الحمّام) spongesilkfina.
3-إسفنج أواني الجلي الناعم melatispongevase.
4-إسفنج أذن الفيل lafinu spongeear ElePhants.
5-الإسفنج الجلدي spongelotteryorhaTsimous.