اختتمت اجتماعات المناخ الدولية في باريس أعمالها يوم أمس الثلاثاء، وهي اعتمدت مقاربات جديدة تمثلت في استنهاض المجتمع المدني والمراجع الروحية في العالم لتشكل أداة ضغط على الحكومات والدول في محاولة لتأمين فرص نجاح قمة باريس للمناخ COP21 في شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وما تشكل من محطة تعتبر الأهم في مسار طويل ومعقد منذ “قمة الأرض” في قمة ريو دي جانيرو 1992، خصوصا وأن ثمة نظرة تشاؤمية عبر عنها خبراء ومتابعون، بعضهم توقع فشل المؤتمر من الآن في تبني اتفاق بديل لـ “معاهدة كيوتو” Kyoto Protocol حول التغيرات المناخية، لا سيما وأن هذه المعاهدة انتهت مفاعيلها عام 2012 وتم تمديدها استثنائيا الى العام 2020. ومن هنا، يعتبر مؤتمر باريس محطة مفصلية من أجل التوصل إلى معاهدة تكون ملزمة ونهائية لكافة الدول، ترسي قواعد ومفاهيم مختلفة للبيئة ربطا بالتنمية الاقتصادية واعتماد ما بات يعرف بـ “الاقتصاد الأخضر”، وذلك يتطلب تبني سياسات بيئية من خلال اتفاق يحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض بواقع درجتين مئويتين ما قبل مستويات الثورة الصناعية، ما يفرض على الدول الكبرى والاقتصادات الناشئة اعتماد تنمية اقتصادية جديدة. لكن التوصل إلى اتفاق إطاري ملزم قانونيا دونه عقبات كثيرة، ولا نستغرب أن تحشد فرنسا القيادات الروحية على مستوى العالم في اجتماعات المناخ الدولية التي شاركت فيها وفود من خمس وأربعين دولة، تحت عنوان “مؤتمر الضمائر”، ذلك أن باريس تدرك حجم “الصدمة الإيجابية” التي أحدثتها مواقف البابا فرنسيس الأخيرة حيال أزمة المناخ، فأطلقت خلال المؤتمر مبادرة غير مسبوقة عرفت عنها بتوصيف “الإيمان الأخضر يتحرك”، وهي مبادرة تهدف إلى جعل المدن المعروفة بكونها وجهة للحجاج من كل الأديان والطوائف، قليلة التسبب بالانبعاثات الحرارية وقادرة على مقاومة المتغيرات المناخية، وعلى قائمة هذه المدن: مكة المكرمة، لورد في فرنسا، فاطمة في البرتغال، طوبة في السنغال وأمريتسار في الهند. وهذه المبادرات وما تمثل من أهمية في مراكمة رأي عام ضاغط على الدول المعنية بالتوصل إلى اتفاق ملزم في مؤتمر باريس المقبل، إلا أنها تعكس في الوقت عينه حجم المعوقات التي قد تهدد نجاح المؤتمر في كبح ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى اقل من درجتين مئويتين وتعزيز قدرات التكيف مع الاختلال المناخي. ولعل توصيف”الأخلاقيات المناخية” الذي استخدمه وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الجزائري رمطان لعمامرة قبيل توجهه إلى باريس، يحمل دلالات عميقة لجهة أن العالم بات يحتاج إلى قيم إنسانية وحدها تمهد السبيل لحماية الأرض ومستقبل البشر، وهذا ما تدركه فرنسا في ما تبدي من حرص على إنجاح مؤتمر باريس.  

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This