تعتبر مناطق حوض البحر المتوسط الموطن الأصلي للعنب، ويزرع حاليا على نطاق واسع في الكثير من مناطق العالم المعتدلة والباردة مناخيا، ويبلغ الإنتاج العالمي من العنب سنويا حوالي 60 مليون طن، وتعد الصين أكبر دولة منتجة للعنب في العالم ، وتأتي الولايات المتحدة الأميركية في المرتبة الثانية، أما المرتبة الثالثة فتحتلها إيطاليا، بينما تأتي فرنسا في المرتبة  الرابعة (في فرنسا يعمل 3.8 بالمئة من السكان في الزراعة) ، فيما تحتل إسبانيا المرتبة الخامسة. في العام 2007 تم تقدير المساحة المزروعة عالمياً بالعنب بـ 708 مليون هكتار وكمية إنتاج 65 مليون طن بينها 7,7 مليون طن من أصناف المائدة. المناخ المثالي للعنب

يمتد المناخ المتوسطي المثالي لزراعة كروم العنب على الواجهات الغربية للقارات الواقعة بين خطي العرض 30 و40 شمالا وجنوبا، ومن بينها جوار البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن مناطق في قارات أخرى من بينها القارة الأميركية، ولا سيما على السواحل الغربية للولايات المتحدة الأميركية، بولاية كاليفورنيا، وعلى السواحل الغربية من وسط شيلي. كما يمتد على أجزاء من غرب وجنوب أستراليا، وفي جنوب غرب وجنوب أفريقيا. تجدر الاشارة إلى أن درجة الحرارة العالية في شرق مصر تساعد على الحصول على حصاد مبكر في بداية أيار (مايو)، فيما درجات الحرارة المنخفضة في الشتاء تساعد في  الحصول على براعم متجانسة وزيادة الخصوبة. زراعة العنب حديثا معظم مزارع العنب الحديثة هي مساحات مستصلحة حديثاً وتروى بنظام التنقيط على الرغم أن العنب في الدلتا يروى بالغمر. المتطلبات السنوية تقدر بحوالي 3500 م3 للفدان ولكن تستخدم بحذر، فالري المنتظم يشكل أهمية كبيرة في تجنب تشقق ثمار العنب وتجنب أي تأثير سلبي في الموسم اللاحق. في حين تبين أن نظم الزراعة الحديثة المتبعة في زراعة العنب تزيد من متوسط الإنتاج من وحدة المساحة لا بل تضاعفه، كما أن متوسط إنتاج الدونم الواحد من العنب المزروع بالطرق القديمة كان لا يصل إلى طن واحد، وكان يقل المتوسط أحياناً إلى ما دون نصف الطن سنويا، إلا أن متوسط الدونم من العنب المزروع بالطرق الجديدة قد وصل إلى طنين اثنين من الدونم وأكثر. كوارث التغيير المناخي إن إنبعاث الغازات الضارة بالبيئة وخصوصا ثاني أوكسيد الكربون الناجم عن احتراق الغاز الطبيعي والفحم والنفط، أو ما يعرف بالوقود الأحفوري، هو السبب الرئيس لارتفاع درجة حرارة الأرض وما ينجم عن ذلك من كوارث طبيعيّة كالجفاف، وبشكل عام يحدث تغير مناخي قاسٍ ومدمر ولو تدريجيا، ولكن هذا التغير المناخي لا يترك آثارا سلبية على مناطق
is (4)
زراعة العنب التقليدية في أوروبا فحسب، بل يمتد ليشمل أجزاء أخرى من العالم مثل جنوب افريقيا وولاية كالفورنيا (الولايات المتحدة الاميركية) وكندا واستراليا. ولعل هطول الامطار في غير موسمها وهو احد نتائج التغيير المناخي، وهو يؤدي الى تعفن محصول العنب، أضف إلى كل ذلك أن تلوث مياه الري السطحية والجوفية وندرتها وارتفاع درجات الحرارة كلها عوامل تؤثر على شجيرة العنب، فقد أثر التغيير المناخي بالفعل على فيزيولوجيا الكرمة، وهذا يمكن أن يؤدي أيضا إلى اختفاء أنواع تقليدية من الاعناب المنتشرة في منطقة البحر المتوسط. إلا أن تأثير تغير المناخ على زراعة العنب يرتبط إلى حد كبير بالنوع المزروع في المنطقة المحددة، وتقول القاعدة الأساسية أن الجو الحار والجاف صيفا، والمعتدل الممطر شتاء، يوفر الظروف المثالية لنمو العنب. ومن الملاحظ أن العنب الأبيض أقل تحملا للضوء والحرارة، لكنه أشد تحملا للبرودة والظروف المناخية القاسية مقارنة بالعنب الأحمر. إن ارتفاع درجة الحرارة المرتبط بظاهرة التغير المناخي، يرجح كفة زراعة العنب الأحمر، وهو ما يعني أنه سيتم التركيز مستقبلا بشكل أكبر على إنتاج النبيذ الأحمر على حساب النبيذ الأبيض. فحساسية العنب الأبيض تجاه ارتفاع درجات الحرارة قد تنذر بتراجع إنتاج النبيذ الأبيض بشكل كبير وربما اختفائه من الأسواق مع مرور الوقت. ويرى خبراء الزراعة أنّ النتائج الأكثر خطورة لظاهرة الإحتباس الحراري وارتفاع معدّل درجات الحرارة، تتمثّل في ازدياد عدد أجيال الحشرات خلال العام الواحد، مع ازدياد عدد حشرات كل جيل وتوافر الظروف الإيكولوجية الملائمة لنموّها وتكاثرها، إلى درجة يصبح عند دودة ثمار العنب القدرة على التكيّف مع ظروف الإحتباس الحراري. الكروم وصناعة النبيذ في لبنان تعود هذه الصناعة إلى آلاف السنين في لبنان، واليوم ينتج لبنان “ثمانية ملايين زجاجة من النبيذ سنوياً”، على الرغم من أن هذا العدد يبدو كبيراً في البداية، إلا أنه يبدو ضئيلاً بالمقارنة مع بلدان أخرى مثل تركيا، التي تنتج 70 مليون زجاجة من النبيذ سنوياً، وقبرص التي تنتج بين 35 و 40 مليون زجاجة نبيذ، وتنتشر الكروم في مناطق عدة من لبنان وخصوصا عند سفوح جبال الباروك المشرفة على سهل البقاع. فرنسا في فرنسا تبلغ مساحات الأراضى المزروعة بالعنب الى مساحات الاراضي الزراعية 10,5 بالمئة، وانتاج النبيذ يقدر بـ 14.4 هكتوليتر، كما تعتبر فرنسا الاشهر بصناعة النبيذ الذي بات سفيرها التقليدي في العالم. ولا عجب بذلك إذ توجد فيها اهم كروم العنب واهم المنتجين في العالم. إن منطقة جنوب غرب فرنسا، المعروفة بطقسها الحار والرطب والذي يعزز نمو أجود أنواع الدوالي التي تعطي نبيذا سلساً، فيه ما يلزم من الحموضة التي تجعل منه منتجاً مطلوباً بفضل جودته العالية. اسبانيا تبلغ مساحات الأراضى المزروعة بالعنب في اسبانيا الى مساحات الاراضي الزراعية 13,6 بالمئة، وتتصدر إسبانيا دول العالم من حيث حجم صادرات النبيذ، وحسب تقارير مجموعة مراقبة سوق النبيذ الإسبانية خلال 2014 فإن إسبانيا تفوقت في مجال كمية النبيذ التى يتم شحنها للدول الأخرى . إيطاليا في المركز الثاني في التصنيف العالمي بـ 20.4 مليون هكتوليتر. الجزائر تعتبر الجزائر من أهم الدول الأفريقية في صنع النبيذ الفاخر، حيث أن العنب الجزائري ذو جودة عالية ولا سيما في سهول الجزائر. تونس ترقى صناعة النبيذ في تونس إلى العهد الفينيقي وتأسيس قرطاج، ويشكل إنتاج النبيذ الوردي جزءاً كبيراً من إنتاج النبيذ في تونس،  وهناك 31,000 هكتار من كروم العنب في تونس أكثر من نصفها بقليل مخصص لإنتاج النبيذ. فلسطين يساهم العنب بحوالي 12 بالمئة من مجمل الإنتاج الزراعي، ويحتل المرتبة الثانية بعد الزيتون من حيث كمية الإنتاج، وتقدر مساحة الأراضي المزروعة بكروم العنب بأكثر من 80 ألف دونم، وتقدر كمية الإنتاج السنوية من هذا المحصول بحوالي 80 ألف طن سنويا. مصر يصنع النبيذ المصري في شركة “جناكليس” في الإسكندرية، وتنتج مصر في السنة نصف مليون غالون من النبيذ. على شواطئ البحر المتوسط، مركز العالم القديم ومنشأ الحضارات، الذي تقوم يد الانسان يوميا بتدميره، ثروات لا تعد ولا تحصى، وبينها ثروة العنب والنبيذ.. أفلا نحافظ عليها، علّها تفيد أجيال المستقبل كما ساهمت في بناء الماضي والحاضر؟

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This