تبعاً لأي استراتيجية مائية معتمدة، فإن الأمن المائي يعتبر من أهم مرتكزات هذه الإستراتيجية، ولا شك أن القوة الدافعة في ذلك هي ندرة الموارد المائية التي تواجهها الدول العربية، ومنها سوريا والتي من المتوقع أن تتعاظم ندرتها في المستقبل، فالتغيرات المناخية التي أصبحت الآن حقيقة واقعة في المنطقة قد عملت على إدخال قوة دافعة جديدة في إدارة الموارد المائية، لا بد من أن تؤخذ بعين الاعتبار في أي استراتيجية مائية وطنية، وبالتالي لا بد من إدخال استراتيجيات التأقلم (التكيف والتخفيف) ضمن السياسة المائية والتشريعات والمؤسسات. الكل يعرف أن حولي 90 بالمئة من المصادر المائية المتوفرة في سوريا تستخدم في الزراعة، والباقي 10 بالمئة يستخدم كمياه شفة وصرف صحي بنسب متفاوتة. وهذا غير منطقي لأن الزراعة وحدها لا يمكن أن تحقق النمو في بلد ما. إن ندرة المياه مع ازدياد الطلب على الماء قد دفعت بالحكومة في سوريا لاتخاذ خطوتين هامتين لتحسين استعمال وإدارة المياه في القطاع الزراعي وتشمل: – تحديث أنظمة الري (رذاذ، تنقيط وغيرها) على مستوى المزرعة لزيادة فاعلية الري وتوفير المياه. – تفعيل الإجراءات التشريعية لتحسين إدارة المياه، وتشجيع منظمات مستخدمي المياه من القطاع الخاص لتأخذ دوراً في إدارة مياه الري. إن تطبيق سياسة إدارة الطلب على المياه أفضل من إدارة المورد المائي، وهذا يعني زيادة الإنتاجية وتخفيض الفائض من المياه غير المنتج (خاصة بالري). وقد تم اتخاذ قرار بعدم التوسع نهائياً في المشاريع الزراعية المروية حتى عام 2027، بحيث تتم المحافظة على الكميات الحالية المستخدمة بالري، على أن يتم التركيز على التنمية العمودية لهذا القطاع، وذلك من خلال تبديل الخطط الزراعية. إن اعتماد برنامج وطني للتحول للري الحديث منذ أكثر من عشر سنوات هو مهم، وتم تشجيع المزارعين على التحول للري الحديث ولكن الأهم هو تنفيذ البرنامج لأنه حتى الآن لم تتجاوز عملية التحويل أكثر من 13 بالمئة رغم كل الجهود المبذولة. بشكل عام عندما يكون هناك شح في الموارد المالية يقوم وزير المال بتوزيع الكتلة النقدية على وزارات الدولة، ويطالبها بتكييف موازنتها الاستثمارية بما يتناسب مع الكتلة النقدية المتوفرة، فهل نصل إلى مرحلة يقول فيها وزير الموارد المائية هذه مخصصاتكم المائية كيّفوا مشاريعكم  الزراعية والصناعية معها؟ يجب علينا التوسع باستخدام الموارد المائية غير التقليدية (بالسرعة الممكنة)، مثل استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة، متابعة حصاد مياه الأمطار. وإلا سنصل مبكراً إلى تحلية المياه ذات التكاليف الباهظة!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This