أذاعت وسائل الإعلام هذا الصباح أن وزير البيئة أعلن انسحابه من اللجنة الوزارية للنفايات. خبر طريف للغاية في وقت لا مكان فيه للمزاح. خطوتك ناقصة يا معالي الوزير، أكملها بإعلان استقالتك، كي تحسب لك سابقة إيجابية، ولتعفي نفسك من جزء من المسؤولية عن ما وصلت إليه الأمور في ملف النفايات، وملفات البيئة عموما. السلطة ليست مناً وسلوى فحسب، ولا مقابلات تلفزيونية وابتسامات للكاميرات فحسب، بل هي خدمة للشعب، وتحمل للمسؤولية عن تسيير وتيسير أمور حياته، ومتابعة شجون تنميته واستقرار عيشه. والسياسة يا معالي الوزير من موقع السلطة هي إضافة بصمة مميزة، أو تحقيق إنجاز باتجاه التطور والتقدم، والإسهام في تقديم المعالجات والحلول للمشاكل المتراكمة والمزمنة والمستجدة. وإن لم تكن كذلك فهي ضرب من ضروب الوجاهة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي ليست حاجة من حاجات الشعوب بل آفة مصابة بها. أكمل معروفك يا معالي الوزير واعلن استقالتك، ففي ذلك إشارة إلى أن حلفاءك في الحكومة لم يتيحوا لك الفرصة في تحقيق التغيير، الذي ربما تحمله لتطوير وتحسين الممارسات والسياسات البيئية، في موضوع النفايات وفي غيره. وهذا من شأنه أن يخفف عنك العبء الثقيل، لما أورثوك إياه من حمولة مفخخة، لا أنت حاولت السير بعكسها أو التخفف منها، ولا أنت قادر على تحمل وزرها. الحكم استمرار يا معالي الوزير، فلو لم تكن موافقا على مسيرة النفايات التي سبقت وصولك، لما استمريت بها، ولكنت على الأقل حاولت تعديلها، وكسبت أجر المحاولة، ولكنك لم تفعل. بل كنت مطواعا لراسمي كارثة النفايات ومخططاتهم، وكنت منفذا لتوجهاتهم، وواجهة لآليات عملهم الفاسدة. ومدافعا عن تلك السياسات في الإعلام، وكأنك أنت راسمها، أو المخطط لها، ونحن نعرف أن الأمور ليست كذلك. وانسحابك من لجنة النفايات هو تعبير عن أمور عدة في آن. فأنت غير قادر على اجتراح المعالجات الصائبة، ولست قادرا على الاستماع إلى شعبك، وإلى “ربعك” وأعني البيئيين في لبنان، والسير بالاستراتيجية التي ينادون بها منذ عشرين عاما، ولست قادرا على التأثير في الخيارات والسياسات التي تتعلق بأحد أهم الملفات البيئية. يا معالي وزير البيئة، هناك خياران لا ثالث لهما، إما إعلان تبني خطة الحركة البيئية والبيئيين في إدارة النفايات، وهذا له التزاماته المتعلقة بإلغاء مرسوم مصادرة أموال البلديات، وإصدار الاستراتيجية المتكونة من التخفيف والفرز من المصدر (وكذلك الفرز الآلي واليدوي) وإعادة التدوير ومعالجة المكونات العضوية، والتعامل مع المتبقيات بطريقة سليمة بيئيا حسب تركيبها، في مرسوم خاص، يحال إلى البلديات واتحادات البلديات لتطبيقه، وإما الإستقالة. فما معنى أن تبقى وزيرا للبيئة وتنسحب من لجنة النفايات؟ أكمل معروفك يا معالي الوزير. ونحن ندعوك للسير في الخيار الأول، لأننا نريد حلولا بيئية سليمة. وليس بالمزاجية تبنى الأوطان.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This