اختتمت قبل يومين في مدينة بون الألمانية الجولة ما قبل الأخيرة من مفاوضات تغير المناخ الممهِّدة لمؤتمر باريس COP21 في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، دون تحقيق أي تقدم، في ما عدا تبني مشروع من ممثلي 196 دولة يقضي بإعداد نص لاتفاق عالمي لمكافحة تغير المناخ قبل المؤتمر، بالرغم من أن هامش الوقت بدأ يضيق، ما أثار الكثير من المخاوف، لجهة عدم الوصول إلى مسودة اتفاق قبل الاستحقاق في العاصمة الفرنسية. اتخذ هذا القرار من أجل تمكين البلدان من دراسة مقترحات الجولة الأخيرة من المفاوضات التي ستستضيفها مدينة بون أيضا، ما بين 19 و 23 تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، بمعنى أن ليس ثمة مقترحات واضحة موضع اتفاق حتى الآن، ما يؤكد أننا ما نزال بعيدين عن تحديد آليات تمهد السبيل لتبني اتفاقية دولية إطارية مُلزمة، تقضي بالحد من الانبعاثات بنسب تبقي الأرض في منأى عن تداعيات التغير المناخي. وجاء تعليق مدير سياسة المناخ في منظمة “غرينبيس” مارتن كايزر واضحا وصادما حين اعترف قائلا “لقد خذلتنا الحكومات في بون، اذ في الوقت الذي تزدهر فيه الطاقات المتجددة لا تزال الآثار المهددة للمناخ تتفاقم، من حرائق وعواصف وغيرها، كلّ هذه الحقائق تعيشها الناس في جميع أنحاء العالم والمفاوضين لم يتعاملوا مع جوهر القضية بعد”. وكان كايزر غادر بون مؤكدا عدم وجود أيّ هدف حقيقي على المدى الطويل للتخلص التدريجي من الفحم والنفط والغاز بحلول منتصف القرن، وأشار أن على الحكومات أن تعي أن اتفاقها في باريس سيحكم عليها سواء كانت تريد عالماً آمناً للجميع أم لا. والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي ان توافق على الانتقال إلى عالم يقوم على 100 بالمئة طاقة متجددة. وانتقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون “البطء الشديد” الذي تمضي بها محادثات المناخ، وعبر عن قلقه من أن المفاوضات تمضي بوتيرة أبطأ من أن تتيح التوصل إلى اتفاق عالمي جديد في الموعد المحدد في كانون الأول (ديسمبر). في قراءة سريعة لنتائج مؤتمر بون، يتأكد ما سبق وحذرنا منه، وهو أن مصالح الدول واقتصاداتها ستقوض أي تقدم في اتجاه بلورة اتفاق ملزم، بدليل أن تعهدات المناخ التي تحققت حتى الآن ليست كافية لتحقيق اتفاق فعلي في باريس، فالأمر بات يتطلب حزمة قرارات جريئة من رؤساء الدول لمناقشتها في نيويورك خلال قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة التي ستلتئم في وقت لاحق من هذا الشهر.
