مع كلّ ورقة من أوراق التحقيقات في المخالفات الواقعة في وزارة البيئة في عهد الوزير سمير مقبل والمدير العام إلياس مطلّي، يتضح أنّ انعدام المسؤولية الأخلاقية يؤدّي إلى اختلاس المال العام عبر اتباع طرائق مختلفة تفضي في نهاية المطاف إلى إجراء عملية نقل للمال، فبدلاً من أن تصبّ في خزينة الدولة لتنعشها، تذهب إلى جيوب الفاسدين حتّى ولو اعتلوا سدّة المسؤولية في الدولة. فواتير مطلّي خلال التحقيق مع أعضاء لجنة الإستلام ومنهم سوسن م. قالت إنّ الفواتير كانت ترد إلى اللجنة من رئيس قسم المحاسبة حيناً، ومن المدير العام حيناً آخر وتكون موقّعة ومصدّقة منه ، ثمّ تقوم اللجنة بالتوقيع على الإستلام. وتقاطعت إفادتها مع إفادة زميلتها في العمل منيرفا أ. لجهة أنّ مهمّة التدقيق في الأسعار لا تعود للجنة الإستلام، فيما قالت رولا ن. إنّ مهمّة التدقيق في الأسعار تعود لرئيس قسم المحاسبة ميلاد ض. أو للمدير العام إلياس مطلّي، أو للوزير. أمّا المدعى عليه عصام أ. فأدلى في التحقيق الإداري أنّ الفواتير كانت ترد إلى لجنة الإستلام موقّعة من ميلاد ض.، أو إلياس مطلّي، ثمّ توقّع اللجنة عليها دون الإنتقال إلى مكان الأشغال. مطلّي يبيع الوزارة كتباً وتبيّن أنّ هناك فواتير وافق ميلاد ض. على تصفية نفقتها من أجل صرف قيمتها، وهي لا تتضمّن سوى توقيع واحد من لجنة الإستلام، ومن بينها فاتورتان متعلّقتان بمؤسّسة (أ….) تضمّنتا توقيع مطلّي بالموافقة على صرف قيمتها وتوقيع أنطوان ع. فقط دون سائر أعضاء لجنة الإستلام وموضوعها الكتب التي باعها إلياس مطلّي إلى الوزارة بعد تنظيم الفاتورتين باسم المؤسّسة المذكورة. سلفة مقبل لتجهيز الوزارة! وخلال الإستماع إلى إفادة الوزير سمير مقبل، قال إنّ السلفة رقم 749/2 حصل عليها بتاريخ 29 آب/أغسطس من العام 1994، وهي بقيمة 150 مليون ليرة من أجل تجهيز وإكمال أشغال ضرورية في مبنى الوزارة الجديد في محلّة إنطلياس، زاعماً أنّه صرفها في حاجات ضرورية وبموجب فواتير خدمات تتعلّق بأعمال تنفيذية لزوم المبنى الجديد. وأضاف مقبل أنّه يتذكّر أنّه في أوائل العام 1995، حضر إلى مكتبه المدير العام إلياس مطلّي ورئيس قسم المحاسبة ميلاد ض. وبحثوا في أمر السلفة حيث تبيّن أنّ هناك مبلغاً ضئيلاً من قيمتها لا يزال في الرصيد وأنّه وقّع على شيك بهذه القيمة المتبقيّة لصالح وزارة المالية على سبيل تسديد كلّ قيمة السلفة، وبعد ذلك لم يعد يراجعه أحد في هذا الموضوع، معرباً عن اعتقاده بأنّه تمّ تسديدها بالطرق القانونية من قبل الإدارة في الوزارة. إستغراب مقبل وأبدى الوزير مقبل إستغرابه للحديث عن هذا الموضوع بعد سنوات عدّة، مشيراً إلى أنّ عدم التسديد تقع على إدارة الوزارة، بداعي أنّه بعد تبرير الصرف، كان يتوجّب إجراء المعاملات الإدارية الآيلة إلى التسديد من قبل الجهاز الإداري، وليس من قبل الوزير، وقال إنّه إذا كانت بعض الفواتير قد صرفت قيمتها لخدمات مغايرة لوجهة إنفاق السلفة أساساً، فإنّه لم يحصل بعلمه أيّ من تلك الأمور التي ذكرها ميلاد ض.، وإنّ الفواتير التي يُسأل عنها وقّعها إلياس مطلّي وهو لم يكن على بيّنة من تفاصيل وجهة الإنفاق، وكان كلّ همّه تسيير أمور الوزارة، وإنّ كلّ الفواتير كانت توقّع من مطلّي شخصياً، وهو لم يلفت نظره ولو مرّة واحدة، إلى مدى تطابقها، أو عدم تطابقها لجهة الإنفاق. وتابع الوزير سمير مقبل سرد موقفه وإفادته، وقال إنّه كان يعتبر أنّ السلفة المعطاة له بناء لطلبه هي من أجل بتّ كلّ الأمور العائدة للوزارة مع حاجياتها، وأنّه بهذه الطريقة كان يتصرّف!. مقبل: مطلّي كان يمنعني!! أمّا بخصوص العقود التي كان يجريها إلياس مطلّي بصفته مديراً عاماً لوزارة البيئة، فقال وزيره مقبل إنّه كان يجريها مثل العقود والفواتير الأخرى المتعلّقة بأعمال مختلفة ومن ضمن صلاحياته المالية من دون أن يحيطه علماً، مشيراً إلى أنّه كان يحاول معرفة ما يقوم به من تلزيمات وغيرها، إلاّ أنّه كان يصطدم معه ويرفض إعطاءه المعلومات المطلوبة منه حتّى أنّ إلياس مطلّي طرد المهندس أ.س. الذي كان يتعامل مع وزارة البيئة عندما كلّفه الإطلاع على أعمال المديرية ومنعه من الوجود في المكاتب التابعة له!!. مقبل: مطلي مشبوه وأضاف الوزير مقبل أنّه بعدما ترك وزارة البيئة وتسلّمها الوزير بيار فرعون، لفت نظره إلى أنّ مطلّي يقوم بأعمال مشبوهة، وأنّه يلزم الإنتباه الدقيق وملاحقة تصرّفاته ومراقبته!!. تجهيز مبنى مستأجر على أنّه مجهّز! ولم ينته التنصل من المسؤولية عند هذا الحدّ، إذ سئل الوزير سمير مقبل عن كيفية استئجار المبنى لوزارة البيئة وعن سبب صرف أموال عليه من أجل تنفيذ أشغال فيه من دهان ونجارة خشبية وتركيب شبكة صحيّة وتكييف هواء وأعمال بلاط وتوريق وجلي بلاط، في حين أنّ عقد الإيجار وبدله السنوي يبلغ 160 ألف دولار أميركي الذي وقّعه مع أصحاب الملك، يتضمّن أنّ البناء كان حديثاً وجديداً ومجهّزاً بالأدوات الكهربائية والصحيّة ومصعد كهربائي وكلّ ما يلزم لإشغاله، وأنّ ما صرف يوحي بأنّ البناء لم يكن مكتملاً خلافاً لوصف حالته في عقد الإيجار. وأجاب مقبل بأنّ الطابقين الأرضي والسفلي من البناء المؤلّف من عشرة طوابق جرى تقطيعهما ليتناسبا مع عمل الوزارة، وأنّ الإنشاءات التي تمّ تنفيذها كانت ضرورية جدّاً، وأنّه كان يشرف شخصياً على كيفية إنفاق تكاليف الإنشاءات. مواجهة بين مقبل والمحاسب وفي المقابلة المجراة بين سمير مقبل وميلاد ض. أدلى الأوّل بأنّ السلفة التي استحصل عليها كان يصرفها بموجب فواتير يوقّع عليها إلياس مطلّي بصفته المدير العام لزوم حاجيات الوزارة، وأنّه لم يجر لفت نظره إلى مبدأ وجهة الإنفاق، وأنّ الفاتورة مع الشيك كانت ترده من مكتب مطلّي، ولم يكن عليه سوى التوقيع عليها، وهذا ما جعله متأكّداً من أحقيّة الصرف، وعدم وجود مخالفة خصوصاً أنّه ليس إدارياً. إنفاق فواتير غير ملائم لإنفاق السلفة أمّا ميلاد ض. فقال بأنّ مهلة تسديد السلفة تقضي بإنجاز العمل لغاية 31 كانون الأوّل/ديسمبر من العام 1994، وأنّه في التاريخ المذكور لم يكن قد استلم مهامه كمصفّي حسابات في الوزارة، وأنّه بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير من العام 1995، جرى صرف المبلغ المتبقّي من السلفة بموجب شيك، وأنّه نظراً لحداثته في ممارسة المحاسبة في حينه، إعتبر أنّه لم يكن بإمكانه تسديد السلفة بالطريقة الإدارية مع وزارة المالية، كما أنّه وجد أنّ وجهة إنفاق بعض الفواتير غير ملائمة لوجهة إنفاق السلفة، وهذا ما جعله غير قادر على إجراء المعاملات الرسمية لتسديد السلفة، مشيراً إلى أنّه لم يخاطب وزارة المالية من أجل معرفة كيفية معالجة هذا الأمر!!.
الجزء الأول
الجزء الثاني
الجزء الرابع
الجزء الخامس