لم تأتِ الأمينة التنفيذية لمعاهدة الأمم المتحدة لتغير المناخ كريستينا فيجيرس Christina Figueres بجديد، حين أعلنت أن العهود التي قطعتها الدول لخفض الانبعاثات الغازية في إطار التحضير لقمة المنظمة الدولية في نهاية العام (مؤتمر باريس COP21)، ستؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الارض ثلاث درجات مئوية. قبل أن تبدأ الدول بتقديم التزاماتها الخاصة بخفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة، كنا ندرك أن أيا منها لن يلتزم بما هو مطلوب، بالقدر الذي يسمح بإبقاء ارتفاع متوسط درجات حرارة الكوكب بواقع درجتين مئويتين، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، ما يعني أن أخطارا حقيقية تهدد العديد من الجزر في المحيط الهادي مع ارتفاع منسوب المياه، فضلا عن الكثير من المدن والدول الساحلية، ولا سيما في أفريقيا وآسيا. وما لم تتطرق إليه فيجيرس مباشرة، عبر عنه مسؤولون في جزر المحيط الهادي، وناشطون في مجال البيئة، إذ اعتبروا أن محادثات باريس المقبلة حول المناخ ربما تكون الفرصة الأخيرة، لإنقاذ هذه الجزر من الزوال. وجاءت هذه التحذيرات في الوقت الذي وجهت فيه انتقادات لاذعة لكل من أستراليا ونيوزيلندا، لتجاهلهما دعوات جيرانهما الفقراء، وعدم القيام بجهود ملموسة من أجل خفض انبعاثات الكربون. ويقول رئيس جزيرة كيريباتي، أنوت تونغ، إن الأمر يتعلق بحقنا في البقاء، وليس بتحسين ظروف معيشية معينة، مشيراً إلى ارتفاع مخيف لمنسوب الماء فوق مستوى سطح البحر. إلى الآن ما تزال الصورة ضبابية، لكن المعطيات جميعها تشي بأن مؤتمر باريس سيكون محطة لنقاشات وخلافات لن تفضي إلى بلورة مشروع اتفاق إطاري ملزم، يمكِّن الأطراف في “بروتوكول كيوتو” من تعديل البروتوكول لتحقيق نتائج قابلة للتنفيذ بحلول عام 2030 – على الأقل في مدى اللحظة وما سبقها مواقف – بمعنى أن الطموحات الكبيرة ستصطدم بمعوقات غير منفصلة عن أنماط الإنتاج الخاضعة لاقتصاد السوق، بالرغم من أن معظم الدول تبنت الطاقة البديلة، ولكن في حدود لا تؤثر على نمو اقتصاداتها، حتى وإن كان ثمة دولا وعواصم ومدنا مهددة بالغرق قبل حلول العام 2030. وما يعزز المخاوف، أن ثمة عرضا للعضلات وتوظيفا سياسيا وإلعلاميا لمؤتمر باريس COP21، ومثال على ذلك انتقاد الرئيس الأميركي باراك أوباما القادة السياسيين، الذين – برأيه – لا يأخذون مسألة تغير المناخ على محمل الجد، حتى أنه اعتبرهم غير صالحين للقيادة، والغريب في الأمر أن ينتقد الرئيس الأميركي الدول التي لم يسمِّها، فيما عجز عن إقناع قادة جمهوريين في بلاده بأن التغير المناخي حقيقة تعيش تبعاتها الولايات المتحدة جفافا وأعاصير وظواهر مناخية متطرفة، لا بل تجاهل أوباما الولايات المتحدة التي ظلت حتى العام 2006 في المرتبة الأولى على مستوى الانبعاثات من ثاني أوكسيد الكربون تبعا لعدد السكان. وبحسب فيجيرس، قدمت 62 دولة حتى الآن تعهداتها، وهو ما يغطي نحو 70 بالمئة فقط من الانبعاثات الغازية في العالم، فيما ستبدأ الامم المتحدة بوضع إحصاء لهذه التعهدات اعتبارا من الاول من تشرين الاول (اكتوبر) على أن تصدر تقريرا مفصلا في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، كما أنه من المقرر أن يجتمع وزراء البيئة في الاتحاد يوم غد الجمعة لوضع اللمسات النهائية حيال موقفهم التفاوضي في باريس. كل التحركات والمواقف والخطط والبرامج لم ترقَ إلى مستوى ما عبر عنه زعماء ست دول جزرية، عقب اجتماع ما قبل قمة باريس، حين اعتبروا أن المحادثات كانت فرصة أخيرة للتوصل إلى نتيجة واحدة، وهي عكس مسار الاحترار العالمي، لضمان البقاء في المستقبل. لا تجدي مطالب العلماء وحدها، لجهة وضع سقف لارتفاع الحرارة لا يزيد عن درجتين مئويتين، لتفادي عواقب مدمرة مثل الجفاف وارتفاع مستوى البحر، فالمطلوب أن ينهض العالم لتبني آليات محددة وواضحة لتجنب كوارث لن تقتصر على الدول الجزرية فحسب، بل ستطاول كافة أشكال الحياة على الكوكب.  

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This