يُنذر تساقط أوراق الاشجار الصفراء باقتراب فصل الخريف، وهو إيذان ببدء موسم دراسي جديد، وتتوالى هموم الأهل لجهة تأمين مستلزمات العام الدراسي لأبنائهم، من القرطاسية والكتب ووسائل النقل إلى الأقساط ورسوم التسجيل، لكن ثمة كثيرين لا يعيرون الجانب الصحي اهتماما، خصوصاً لجهة انتقاء الحقيبة المدرسية الملائمة لأبنائهم. في هذا السياق، يشير أطباء أميركيون الى إن نحو ربع التلامذة، تحت سن الرابعة عشرة في كل أنحاء العالم، يحملون الحقائب المثقلة بالكتب، والتي تزن أكثر من 20 بالمئة من أوزانهم. وأوضح العلماء في “مركز أكرون الطبي العام” أن حمل الأولاد لحقائب ثقيلة لفترات طويلة أمر بالغ الخطورة، وغالباً ما يسبب آلاماً مزمنة ومشكلات طويلة الأمد في الفقرات الممتدة من الرقبة إلى أسفل الظهر. وحسب دراسات “الجمعية اللبنانية للوقاية من الحوادث المدرسية” (اللاسا)، فإن ما يقارب الـ 30 بالمئة من الاولاد في لبنان زادت لديهم آلام الظهر التي تعود اسبابها الى ثقل وزن الحقيبة المدرسية. وبالتالي، فقد أشارت الدراسة التي أجريت بالتعاون مع مؤسسة الأبحاث العلمية (SRF) إلى إن داء آلام الظهر، بات ينتشر بين الأفراد من الأطفال والمراهقين بنسبة تقارب ما هو منتشر بين البالغين! نصائح “اللاسا” في هذا الاطار، اكدت الدراسة أن الوزن المسموح لطفل في طور النمو أن يحمله، يجب ألا يتخطى الـ 10 بالمئة من وزنه الإجمالي، وعندما يتخطى الطفل سن الخامسة عشرة يصبح بالإمكان اعتباره من الراشدين، ويسمح له بحمل أكثر من هذه النسبة. وتوجهت “اللاسا” الى جميع المعنيين من هيئات تعليمية في المدارس والاهل بنصائح لوضع حد لتلك الظاهرة. اهم هذه النصائح، لخصتها “اللاسا” بضرورة معرفة نوع الحقيبة الصحي، فتلك التي تحمل على كتف واحدة تعتبر الاكثر ضرراً وذلك لأن أربطة الطفل تكون لينة، فيميل نحو جانب أكثر من الآخر، مما يسبب له اعوجاجاً في العمود الفقري. الحقيبة التي تحمل على الكتفين بمعدل وزن أكثر من المسموح به تشد الطفل إلى الخلف، فينحني إلى الأمام بهدف موازنة نفسه، وهو ما يؤذي عضلات الظهر ويسبب ارتخاء في عضلات البطن، وتشد العضلات كلها على العمود الفقري من الخلف، وتزداد تقويسته. وإذا ما استمرت المشكلة فمن الممكن أن تسبب له نوعاً من انزلاق العمود الفقري وتعب في الأربطة، ويمكن أن تسبب له مشاكل في الظهر كالديسك عند التقدم في السن. وتؤثر حقيبة اليد كثيراً على الكتف لأنها تشد الأربطة، لا سيما عند الأطفال الصغار ذوي الأربطة الطرية، ويمكن أن تتسبب بارتخائها، فيصبحون بالتالي معرضين لخلع الكتف أثناء ممارسة الرياضة القوية أو عند أي تدحرج أو سقوط قوي. نصائح لحقيبة افضل وفي ما تتنوع اشكال الحقائب وأنواعها، تشدد “اللاسا” على بعض الشروط الواجب توفّرها في الحقيبة المدرسية كي تكون صحية وهي: -أن تكون الأحزمة الخلفية للحقيبة، عريضة ومبطنة لتعمل على حماية ظهر الطفل. -اختيار الحقيبة بحيث يكون الجزء الخلفي منها مبطناً، ليخفف ذلك من تأثير ثقل محتوياتها على العمود الفقري. -يمكن اللجوء إلى الحقائب ذات العجلات، والتي تساعد الأطفال على تحريكها من خلال الدفع، إلا أنه لا بد من التنبه إلى الوزن الكلي لهذا النوع من الحقائب، حيث سيقوم الطفل بحملها عند صعود السلالم في البيت أو المدرسة، لذا لا بد من أن تكون قاعدتها مصنعة من مادة خفيفة الوزن. كما ان مقبض الحقيبة يجب ان يتناسب مع طول الطفل، حتى لا يضطر للإنحناء طوال الوقت عند دفعها أو سحبها. -استعمال الحقائب التي لها حزام يربط حول خصر الطفل أو صدره عند حملها فوق الظهر، لأن ذلك يجعلها قريبة دائماً من الجذع، ما يعني أن الثقل سيتوزع على منطقتي الظهر والحوض، كما أن ذلك يحقق توازناً أفضل للجسم أثناء حمل الحقيبة. وما هو غير ملحوظ في أسس صناعة الحقائب، وجود الحزام على الخصر الذي يعمل على توزيع ثقل الحقيبة بين الاكتاف والخصر فيخفف بالتالي الضغط على العامود الفقري. أخيراً، وفي الشكل، لا يجب على الحقيبة المدرسية ان تعلو فوق اكتاف حاملها بل ان تبقى على نفس مستواها وان تنزل الى حدود اسفل الظهر او فجوة الظهر دون ان تتخطاه نزولاً خلاف ما هو سائد لسوء الحظ. … ولصحة افضل في السياق، ونظراً لاعتماد بعض المدارس الوسائل التكنولوجية في التعليم بدل الكتب المدرسية، تقترح “اللاسا” على المدارس والأهل الإجراءات الآتية، حفاظاً على سلامة التلامذة: -استحداث خزائن كتب للتلامذة في المدارس. -استخدام الكومبيوتر بتخزين المواد المدرسية على أقراص مدمجة أو flash disk وتجهيز المدارس بأجهزة الكومبيوتر لاستخدامها. -تقسيم الكتاب إلى فصول بحسب الفصل الدراسي فلا يحمل التلميذ الكتاب بكامله كل يوم بل يأتي بالقسم المطلوب حسب الفصول واستخدام دفاتر رقيقة بدل السميكة. -يجب على الأهل أن يأخذوا بجدية كل ما يشكو منه أبناؤهم من آلام ناتجة من حمل الحقيبة المدرسية وأن يستشيروا الطبيب المختص. -مراقبة وضعية جسم التلميذ في الصف وإرشاده إلى طريقة الجلوس السليمة. -تفادي وضع الصفوف الابتدائية في الطوابق العليا لأن تلامذة هذه الصفوف هم الأكثر تـأثراً بهذه المشكلة. -اجراء فحص طبي بشكل دوري للتلامذة للكشف على العمود الفقري وتسهيل العلاج المبكر هذه نصائح وإجراءات مهم، الا ان موضوع الحقيبة المدرسية، يبقى معضلة تتجدد سنوياً مع بدء كل عام دراسي، من هنا، يبقى الامر الاساس في هذا المجال متمثلا في ضرورة إقرار قوانين رسمية لجهة اعتماد مناهج تعليمية توائم بين متطلبات التلميذ الثقافية والصحية في آن.