تشير الدراسات التاريخية والقراءات على الآثار وأعمدة المدن التاريخية إلى مدى علاقة الإنسان في الحضارات المندثرة مع العديد من مكونات التنوع الحيوي التي أكدتها الدراسات المدونة من قبل الباحثين العرب والرحالة الأجانب، في القرنين الثامن والتاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين إلى وجود أعداد كبيرة من الريم والدب السوري والنعامة العربية والنمر السوري والأسد على ضفاف نهر الفرات، قد يكون ذلك مرده للعصر الجليدي الذي أدى  إلى تجمد أوروبا والمناطق المعتدلة بشكل عام، ونزوح العديد من الأحياء البرية إلى منطقتنا العربية وخصوصا إلى سوريا، ما زاد غنى الحياة البرية في هذه المنطقة. أما اليوم فقد شارفت هذه الثدييات على الانقراض، حتى أنه يقال أن السوريين احتفلوا بقتل أخر نمر سوري في عام 1958 في الغابات الساحلية السورية قرب “سد بللوران”. الآن اختلفت المعادلة، وبدأت مرحلة الارتفاع الحراري التي لا بد من اتخاذ كافة الإجراءات للتخفيف أو التكيف معها، من خلال مجموعة من الإجراءات، وأهمها منع اجتياح الأنواع الغازية. تتفاقم أزمة الأنواع الغازية مع الارتفاع الحراري الذي يشهده العالم المعاصر، فمن المتوقع أن تهاجر العديد من آفات ونباتات المناطق المدارية والاستوائية إلى مناطق أبرد منها، وبسبب وقوع أقاليم الوطن العربي بين المدارين، فذلك يجعلها عرضة للاجتياح من قبل هذه الأنواع. أدرجت العديد من الدول مثل الهند ومصر والسودان في دراساتها الوطنية للتنوع الحيوي نبات المسكيت Prosopis juliflora، الذي أدخل من الولايات المتحدة الأميركية إلى السافانا الإفريقية، وأضحى نوعاً غازياً وضاراً هدد الأنواع المحلية. تعد الأنواع الغازية من أهم العوامل الحيوية المهددة للتنوع الحيوي وللنظم البيئية الطبيعية (غابات، مراعٍ…) والنظم الزراعية، وبالنسبة للنظم البيئية الطبيعية، تؤثر هذا الأنواع سلباً في نمو وانتشار الأنواع المحلية، وتؤدي مع الزمن إلى انحسار رقعتها الجغرافية ثم إلى اختفائها والإحلال مكانها، هذا بالإضافة إلى الأثر الضار على الأوساط الرطبة، كما في نبات وردة النيل التي أثرت كثيراً على مصادر المياه في سوريا ومصر، بالإضافة إلى أثرها الضار على الصحة العامة لما تأوي من حيوانات ضارة وحشرات. أما بالنسبة للنظم البيئية الزراعية، فتؤثر الأنواع الغازية سلباً في إنتاجية المحاصيل الزراعية، وتؤدي إلى تدنٍّ في الغلة وبالتالي تؤثر سلباً في الدخل الفردي (الباذنجان البري في الجزيرة السورية). لذلك يجب علينا اتخاذ كافة الإجراءات للحد من وصول تلك الأنواع الغازية، حرصاً على الأهمية البيئية والاقتصادية والزراعية للأنواع المحليّة.  

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This