تعقد “منظمة الصحة العالمية” الكثير من الآمال على مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ الذي سيُعقد في كانون الأول (ديسمبر) في العاصمة الفرنسية باريس، لمواجهة الأمراض الناجمة عن تغير المناخ، كموجات الحر الشديد وغيرها من ظواهر الطقس المتطرفة. ما يثير قلق المنظمة الدولية المعنية بالصحة حول العالم، انتشار الأمراض المعدية، مثل الملاريا وحمى الضنك والكوليرا، فضلا عن الأمراض الناجمة عن سوء التغذية، إضافة إلى علاج الأفراد المصابين بالسرطان وأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، وغيرها من الأمراض غير السارية الناجمة عن تلوث البيئة. سجل العام 2015 بحسب خبراء وعلماء الطقس والمناخ أعلى مستوى في درجات الحرارة منذ العام 1880، وهذا مؤشر أقلق منظمة الصحة العالمية، وحثها على توجيه نداء من أجل تبني اتفاق إطاري مُلزم في باريس للحد من الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وجاء إعلانها واضحا من أن مثل هذا الاتفاق “ليس فرصة للحد من تغيّر المناخ وآثاره فحسب، بل أيضاً لتعزيز الإجراءات التي يمكن أن تحقق فوائد صحية كبيرة وفورية وتقلل التكاليف التي تتكبدها النظم الصحية والمجتمعات”. لقد بات مؤكدا أن تغيّر المناخ يمثل أكبر تهديد للصحة العالمية في القرن الحادي والعشرين، ما يعني أن مؤتمر باريس للمناخ COP21 مطالبٌ بتأمين مقاربة أخلاقية وإنسانية لإنقاذ ملايين الأرواح المهددة جراء تغير المناخ، وهنا، لا بد من الإشارة إلى حجم الكوارث الصحية الناجمة عن موجات الجفاف التي تدمر المحاصيل الزراعية، بحيث تكثر الأفواه الجائعة وتكون عرضة لأمراض وأوبئة، فضلا عن الأعاصير وانجراف التربة وتقطع السبل بمئات الآلاف من السكان، دون أن ننسى الأضرار التي تطاول السلسلة الغذائية، والتلوث الذي يخلفه الوقود الأحفوري، حتى أن علماء أكدوا أنه إذا استمر الحال على ما هو عليه، أي بنفس وتيرة استنزاف موارد الأرض بعيدا من مفهوم الاستدامة، فستحتاج البشرية إلى أربعة كواكب بحجم كوكب الأرض لتؤمن استمرارها وديمومتها. وهذا ما يبرر هواجس منظمة الصحة العالمية في دعوتها إلى اتخاذ إجراءات قوية وفعالة للحد من تغيّر المناخ، وتجنب المخاطر غير المقبولة المتربصة بالصحة العالمية، خصوصا لجهة توسيع نطاق التمويل اللازم للتكيف مع تغيّر المناخ، بوسائل، منها اتخاذ تدابير في مجال الصحة العمومية تحد من المخاطر الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة والأمراض المعدية وعن تضاؤل إمدادات المياه وانعدام الأمن الغذائي، فضلا عن اتخاذ إجراءات للحد من تغيّر المناخ وتحسين الصحة على حد سواء، بما في ذلك تقليل عدد الوفيات الناجمة عن السرطان وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والأوعية الدموية الناجمة عن تلوث الهواء (التي يزيد عددها حالياً على 7 ملايين وفاة سنوياً). وإذا ما تتبعنا مسار الاستعدادات والنقاشات وورش العمل الدولية تحضيرا للحدث الباريسي، نجد أننا مقبلون على ما هو أسوأ، فالنقاشات تتركز حول مصالح الدول وعدم تأثر اقتصاداتها باتباع خيارات بيئية، بمعنى أن النظرة إلى المؤتمر محكومة من الآن بأرقام وليس بصحة ملايين البشر، وما استنفار الدبلوماسية الفرنسية لتذليل العقبات قبل الوصول إلى باريس، إلا بداية مخيبة، على الأقل في مدى الأيام القليلة التي تفصلنا عن المؤتمر!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This