تحتوي الأنواع ذات الغنى الوراثي على العديد من تحت الأنواع Sub species، وعلى العديد من العروق Races، وعلى العديد من الضروب Varieties، وكلما زاد الغنى الوراثي نصل إلى ما يسمى الطرز البيئية Ecotypes أو الأنماط البيئية، وهذا يعني أن النوع قادر على الانتشار على مساحات واسعة ذات متطلبات بيئية مرنة. وهو بعكس التبسيط الوراثي أي أن النوع ينتشر ضمن مساحة ضيقة جداً نتيجة عمليات تدهور الغطاء النباتي أو تدهور التربة الحراجية، بحيث لا يبقى من النوع إلا عدد من الأفراد ويمكن أن تكون متدهورة الصفات الوراثية من حيث الطول أو تعرج الساق. إن تدخل الإنسان في الغابة عبر الأزمنة السالفة لم يكن دوماً بالاتجاه المفيد في سوريا، إذ أنه في الماضي كان يجري عكس ذلك، لجهة قطع الأشجار الجيدة النمو والمستقيمة بهدف بيعها، وترك الأشجار الملتوية والضعيفة بحيث تبقى بالنهاية أسوأ الأشجار وتكون مسؤولة عن تجديد هذه الغابات طبيعياً، وبهذه الطريقة وخلال فترة طويلة من الزمن تتركز الصفات السيئة في المجموعات الحرجية، بينما تختفي الصفات الحسنة حتى نصل في النهاية إلى مجموعات حرجية سيئة الصفات. إن استمرار هذا الاصطفاء للصفات السيئة يمكن أن يؤدي مع الزمن إلى ولادة عروق جديدة إلا أنها سيئة من الناحية البيئية، حيث إننا مع الأسف الشديد نجد جامعي البذور الخاصة بالمشاتل الحراجية كثيراً ما يلجأون إلى هذه المجموعات، لأن الأشجار تكون قصيرة ملتوية يسهل جمع البذور منها (وخصوصا عندما يطلب منهم جمع كميات محددة من البذور في اليوم بغض النظر عن عدد ساعات العمل، وقد تجمع البذور من الأرض أيضاً وليس من الأشجار فحسب). يعد هذا النوع من الاصطفاء التراجعي أو الاصطفاء نحو الأسوأ من أهم الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها البيئي، والذي يجب عليه محاربته لأن استعمال البذور الجيدة والمحسنة هو من أهم العوامل في تحسين واقع الغابات كماً ونوعاً. انطلاقاً مما سبق يجب منع أخذ البذور من هذه المجموعات الحرجية منعاً باتاً، لأن في ذلك نشر للأشجار ذات الصفات السيئة.
