الزيتون “ملك” المائدة اللبنانية، قول مأثور تُعرف به ثمار شجرة الزيتون المباركة، وفضلا عن ذلك، فإن قطاع زراعة الزيتون يعتبر من أهم القطاعات الزراعية في لبنان، فهو يشكل حوالي 25 بالمئة من المساحات المزروعة، وتنتشر كروم الزيتون على مساحة تتخطى السبعين الف هكتار، وتحتوي ما يزيد عن 14 مليون شجرة اكثر من نصفها من الاشجار التاريخية التراثية المعمرة، وزراعة الزيتون على ازدياد سنوي بمعدل 2,5 بالمئة، كما يعمل في زراعة الزيتون ويستفيد منها ما بين 30 الى 40 بالمئة من الشعب اللبناني. مع بداية شهر تشرين الاول (أكتوبر) من كل عام، يبدأ موسم القطاف، فكيف ينظر المعنيّون الى واقع هذا القطاع؟ وما هي أبرز معوّقات النمو؟ التغيرات المناخية رئيس الفرع الزراعي في “الاتحاد الوطني العام للجمعيات التعاونية اللبنانية”، منسق تجمّع الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون في لبنان جورج قسطنطين العيناتي، عرض لـ greenarea لأبرز المشاكل وأسبابها. فأشار بداية إلى “التراجع التدريجي لقطاع الزيتون خلال السنوات الاخيرة”، وعزا السبب بالدرجة الاولى لـ “التغيرات المناخية التي تسبّبها الدول الصناعية الكبرى بمعاملها الملوّثة واختراعاتها، وما تصدر من انبعاثات تتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري، مت تسبب بكوارث طبيعية كموجات الصقيع والبرد والرياح والظروف المناخية المتطرفة خصوصا فترة الازهار”. ولا تقتصر مشاكل الزيتون على لبنان فحسب، بل عانى القطاع عالمياً من مشاكل عدة مما جعل من موسم العام 2014 الاسوأ عالمياً، “ففي اسبانيا نجح الموسم بنسبة 10 بالمئة بسبب مهاجمة الحشرات، ومن أهمها ذبابة الزيتون، اما في إيطاليا فالأمراض قضت على معظم المحصول، في حين ان موسم الزهر في دول المنطقة كان جيّداً، ولكن قضت عليه الامطار في غير موسمها”. أما الخوف الاكبر في هذا الاطار، فيتلخّص بحسب العيناتي بـ “الامراض البكتيرية والفطرية والاوبئة”. ورغم دق ناقوس الخطر المستمر المترافق مع طرق أبواب كافة الوزارات وجميع المعنيين، الا ان “الظروف الملائمة لنمو وتكاثر الفطريات تتركّز في لبنان مما يؤدي الى انتشار مرض الطاووس الفطري (عين الطاووس) الذي تحوّل الى اسوأ كارثة وطنية تهدد بالقضاء على زيتون الكورة، ومرض ذبول الاغصان الفطري، فضلاً عن الحشرات التي ازدادت بشكل خطير نتيجة الخلل في التوازن الحيوي”. يقوم لبنان بتحويل 70 بالمئة من إنتاج الزيتون إلى زيت، أما النسبة الباقية فتستهلك كزيتون للمائدة، في هذا الاطار، قامت الدولة اللبنانية بعقد عدة اتفاقيات تجارية منذ العام 1999 تمهيدا لتحرير التجارة. ومنها على سبيل المثال: اتفاقية تيسير التجارة العربية، اتفاق الشراكة اللبنانية الأوروبية، اتفاقية منظمة التجارة العالمية. مؤامرة في هذا السياق، وفي ظل زراعة تعاني أصلاً من ضعف المنافسة مع المنتج الاجنبي، تساءل العيناتي “كيف يمكن للمزارعين تصريف انتاجهم من الزيتون، مع فتح الاسواق وعدم تغيير المواصفات المطلوبة لاي منتج يشكّل منافسة مع منتجاتنا البلدية، خصوصاً وان لبنان هو البلد الوحيد الذي يسمح باستيراد زيت الزيتون رغم ان جميع دول الجوار كسوريا والاردن وفلسطين قد منعت استيراده؟”. ورأى أن “المشكلة لا تقتصر على الزيت المستورد فحسب، بل تطاول ذاك المزوّر الذي يباع على انه زيت زيتون رغم انه يحتوي على مواد مكررة ومواصفات تشرّع الغش”. هي “مؤامرة” يقول العيناتي “نتيجة سياسات عقيمة دمّرت المجتمع الزراعي وأجبرت المزارعين على بيع اراضيهم وغابة زيتون الشويفات اكبر دليل على ذلك، تماماً كمنطقة ابي سمرا في طرابلس التي تحوّلت الى غابة من الابنية على أطلال غابة زيتون طرابلس”.